1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد حريق موريا.. مهاجرون يعيشون في جحيم الشوارع

٢٨ سبتمبر ٢٠٢٠

تشرد حوالي 13 ألف شخص ممن فروا من حرائق مخيم موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية. أمضوا لياليهم على أطراف الطريق المؤدي إلى المدينة الرئيسية ميتيليني، دون ماء وطعام أو حتى أغطية للنوم.

https://p.dw.com/p/3ihFi
احتراق مخيم موريا، هل يعني استحالة اتفاق الأوروبيين على سياسة هجرة مشتركة؟
المهاجرون في ليسبوس ينامون في الشوارع منذ بعد احتراق مخيم موريا بشكل شبه كاملصورة من: Eurokinissi/Zuma/picture alliance

حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، الشمس تسطع على المخيم الذي تشكل على طول الطريق الممتد من موريا إلى ميتيليني، المدينة الرئيسية في جزيرة ليسبوس اليونانية. فجأة، غادر مئات الأشخاص ملاجئهم، وفي ثوانٍ، شكلوا خطا يمتد على مد البصر. في نهاية هذا الصف الطويل، بدأ متطوعون من إحدى المنظمات غير الحكومية بتوزيع الطعام.

المتطوعون سيقدمون 13 ألف وجبة، لكنها قد لا تكفي الجميع. "توزيع الطعام يتم مرة واحدة فقط في اليوم، ولكي تحصل على طعام يجب أن تكون قويا. هناك مشكلة تنظيمية"، يقول ميخائيل المتحدر من جمهورية الكونغو الديمقراطية.

يوم الاثنين 14 أيلول/سبتمبر، مضى تقريبا على المهاجرين حوالي أسبوع وهم ينامون على الطريق المؤدي إلى ميتيليني، ويشعرون بالجوع، نظرا لعدم توفر الطعام. بعدما فر قاطنو موريا من ألسنة اللهب التي التهمت المخيم ليلة 8 أيلول/ سبتمبر، ومنعتهم الشرطة من إكمال طريقهم، بقوا عالقين مشردين على الطرقات. البعض منهم فقط تمكن من شراء الطعام من متجر "ليدل"، المطل على البحر. قبل أن تأمر الشرطة إدارة المتجر بأن يغلق أبوابه. كما أغلقت محطات الوقود، وكذلك جميع المراكز التجارية الأخرى على طول هذا الطريق المؤدي إلى مركز مدينة ميتيليني.

لإطعام أنفسهم، يطلب هؤلاء المقيمين في المخيم غير الرسمي الذي تشكل بعد حريق موريا، من مهاجرين آخرين يعيشون في ميتيليني شراء الطعام وإحضار ما يستطيعون لهم. بينما تمكن آخرون من تخليص بعض الطعام الذي كان لديهم في موريا من ألسنة اللهب، وفي أحسن الأحوال استطاعوا الحفاظ على رزمات قليلة من المعكرونة (باستا).

تعد غيرترود ونعومي طبقًا من الخضار في قدر كبير على النار. وحاولت هاتان المرأتان الكونغوليتان عدة مرات الحصول على وجبة طعام أثناء التوزيع، ولكن ذلك يعد "صراعا" بالنسبة لهما. تقول نعومي، "للحصول على الطعام، عليك أن تقاتل".

"ساعدونا"

تجلس شابتان أفغانيتان، كلتاهما تدعى زهرة، على بطانية رمادية كبيرة يتوسطها شعار مفوضية اللاجئين، بينما تطعمان طفليهما البالغان من العمر 5 و7 أشهر. توضح الأم الشابة "لقد جلبنا الحليب من موريا"، وهي تحمل كيسا بلاستيكيا صغيرا نصفه مملوء بالحليب المجفف.

والدتان الشابتان تفتقران إلى الطعام والماء وكذلك الملابس لأطفالهما. قالت شابة أفغانية أخرى، وهي تشير إلى الوشاح الذي تغطي فيه ابنتها البالغة من العمر شهرا واحدا، "ساعدونا!"

تقع نقطة المياه الوحيدة في المخيم المؤقت على بعد عشرات الأمتار، ولا توجد أية منشآت رسمية. ففي الشارع المؤدي إلى بساتين الزيتون، عمد البعض إلى ثقب أنابيب الري، وحول كل فتحة، يتجمع العديد من الأشخاص لملء الزجاجات الفارغة ولتنظيف ملابسهم أو لغسل وجوههم. وتنساب المياه عبر الشارع الصغير المنحدر حاملة معها الأوساخ والقمامة.

في المخيم المؤقت،هناك طلب كبير على البطانيات وأكياس النوم، خصوصا وأن درجات الحرارة تنخفض ليلا. ميخائيل لديه قميصه الأزرق فقط لينام عليه، وأصدقاؤه الكونغوليون يراقبون الطريق لأنهم سمعوا أن المتطوعين كانوا يوزعون بعض أكياس النوم في المخيم. لكن الكثير من الأشخاص ليس لديهم كيس نوم، لربما لم يعد هناك المزيد. ومع ذلك، "أكثر ما يقلقنا هو عدم قدرتنا على الاستحمام والذهاب إلى الحمام"، كما يقول ميخائيل.

الطريقة الوحيدة للاغتسال هي الذهاب إلى البحر، حيث لا يبعد الشاطئ سوى بضع دقائق سيرا على الأقدام عن موقف سيارات متجر "ليدل". ميخائيل يريد أن يستحم، لكن ليس لديه صابون.

ثلثهم أطفال

بعد الظهر، يلعب عشرات الأطفال على شاطئ البحر، كما دفعت الحرارة الشديدة بعض البالغين إلى النزول إلى الماء.

يضع الأب عظيم الصابون على رأس ابنه مصطفى البالغ 3 سنوات، بينما ابنته روخية تشع بالسعادة وهي تلهو من حوله. فبعد خمسة أشهر من الحبس في مخيم موريا، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتمكنون فيها من الاقتراب من البحر.

يعيش في المخيم أكثر من 4 آلاف طفل وفقا لليونيسيف، ما يشكل ثلث المهاجرين القادمين من ليسبوس. وعند حلول الظلام، عندما تختفي أصوات آلات البناء التي تبني المخيم الجديد على أرض عسكرية، لا يسعنا سوى سماع صرخات الأطفال الذين يلعبون، في ساحة موقف السيارات التابعة لـ"ليدل".

الآباء قلقون من أن أطفالهم لن يذهبوا إلى المدرسة. تحذر ديميترا كاسيوتي، أخصائية علم النفس في منظمة "أطباء بلا حدود"، من أن الحياة في الظروف غير اللائقة في مخيم موريا، ثم على طول هذا الطريق، يمكن أن يكون لها أيضا عواقب نفسية طويلة الأمد على هؤلاء الأطفال.

البيئة التي نشأوا فيها يمكن أن تؤثر على "الطريقة التي يتعاملون بها مع الصعوبات ولها أثر أيضا على تفاعلهم مع الآخرين"، بحسب ما تقول الإخصائية النفسية خلال حديثها مع مهاجر نيوز خارج العيادة المتنقلة التي أنشأتها المنظمة غير الحكومية قرب الخيام.

ولا يسلم البالغون من المشاكل النفسية، فالأمر الأكثر صعوبة هو التعامل مع القلق الذي يساورهم حيال عدم حصولهم على معلومات حول مستقبلهم، بما في ذلك المخيم المؤقت الجديد قيد الإنشاء.

صرح وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراشي صباح الأحد أنه "سيتم نقل جميع طالبي اللجوء إلى هناك". وبحسب وزارته، يوجد الآن حوالي 800 من المهاجرين في هذا المخيم المؤقت، الذي يبقى مغلقا أمام الصحافة. وبحسب شهادات نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن المقيمين به، فالأشخاص هناك غير قادرين على الاستحمام وليس لديهم فراش للنوم.

وتبدو نعومي مرعوبة من الذهاب إلى هذا المخيم الجديد، كما تخشى أن تكون بلا مأوى. تسأل بقلق هذه الأم لطفلة تبلغ من العمر 5 سنوات وطفل يبلغ من العمر 7 أشهر، "كيف حال المخيم هناك؟ هل يجب أن نذهب؟"

جوليا دومون مهاجر نيوز