1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد إغلاق طريق البلقان... لاجئون منسيون وأملهم أقوى

ماريا يشيفا/ م.أ.م٣١ أغسطس ٢٠١٦

خلال العام الماضي رحل الآف اللاجئين عبر طريق البلقان نحو بلدان أوروبا الشمالية. والآن كيف هو الوضع في تلك الطريق بعد التراجع الملحوظ في تدفق اللاجئين؟ ماريا يشيفا تعقبت آثار اللاجئين في اليونان وبلغاريا وصربيا والمجر.

https://p.dw.com/p/1JswL
Filmstill " Die Balkanroute – Auf der Flucht ",
صورة من: ORF

يقول عبد الأمير حسين وهو يبتسم أمام زوجته:"نحن موجودون هنا فقط مؤقتا". لم يصدر أي رد فعل عن زوجته التي فضلت السكوت، حيث يظهر التعب على الاثنين. حسين البالغ من العمر 49 عاما وأفراد عائلته يوجدون في حالة هرب منذ عشر سنوات. والعائلة العراقية موجودة حاليا في مدينة تيسالونيكي اليونانية كما هو الشأن بالنسبة لنحو 7000 لاجئ ينتظرون فرصة استقبالهم في أحد بلدان أوروبا الشمالية، في إطار البرنامج الأوروبي لإعادة التوطين.

بعد الغزو الأمريكي للعراق سادت في الوطن ظروف حربية صعبة دفعت بعائلة حسين إلى الهرب إلى سوريا عام 2006 حيث كانت تنعم بالهدوء آنذاك. وهناك تحول عبد الأمير على ما يبدو إلى الدين المسيحي. "عن قناعة"، كما يقول وهو يمسك صليبا بيده، ويقول:"في سوريا كنا نعيش جيدا إلى أن تفجرت الحرب هناك". وبعدها انتقلت العائلة إلى تركيا وهناكه تعرض لاعتداءات متطرفين، حسب قوله "فأجبرنا مجددا على الهرب".

Balkanroute 2016 Reportage
عبد الأمير من العراقصورة من: DW/M. Ilcheva

الرحلة المستمرة

في يناير 2016 نجح برفقة ابنه وبنته الكبرى ورضيعها في العبور إلى اليونان على متن قارب متهالك مليء عن آخره بالاجئين، ووجب على كل واحد منهم دفع 1000 دولار للمهربين. كان هدفهم الوصول إلى أوروبا الشمالية ـ مثل الـ 750.000 من المهاجرين، حسب التقديرات، الذين عبروا عبر طريق البلقان بين سبتمبر و ديسمبر لعام 2015. وبعد شهر من وصول عبد الأمير وعائلته إلى اليونان، كانت الحدود مع مقدونيا قد أغلقت. وقال "لم يكن لدينا حظ". في لحظة حديثه هذا ضم إليه زوجته التي حاولت عبثا حبس دموعها.

أقامت عائلة حسين 110 يوما في مخيم إيدوميني للاجئين على الحدود المقدونية. ويقول عبد الأمير إن الظروف هناك كانت "كابوسا". ومنذ إخلاء تلك المخيمات في نهاية مايو الماضي ظلت العائلة في تيسالونيكي تترقب فرصة انتقالها ضمن برنامج "التوطين" إلى الشمال.

أقصر طريق إلى الشمال يؤدي عبر بلغاريا، لكن عبد الأمير يطأطئ رأسه في حزن ويضيف:" المقدونيون يحذروننا من المرور لكون ذلك خطيرا على أفراد العائلة بسبب الاعتداءات على اللاجئين". ويقصد بذلك أيضا أعمال العنف التي تمارس حتى من رجال الشرطة البلغاريون وفرق الدفاع المدني بغض النظر عن مخاطر الطريق المحفوف بالصعوبات بسبب تضاريسه وجباله وغاباته والظروف الصعبة على اللاجئين الذين تنهكهم الرحلة.

Balkanroute 2016 Reportage
الشاب الباكستاني وسيم - ترقب دائم للعبورصورة من: DW/M. Ilcheva

"الرجاء رحلني"

500 كيلومتر تفصل عائلة حسين في تيسالونيكي عن أول مخيم للاجئين على الجانب البلغاري. ففي باستروغور، وهي قرية صغيرة في المثلث البلغاري اليوناني التركي يوجد هناك شبان من باكستان وأفغانستان خصوصا، وقلما توجد هناك عائلات. القائم على المخيم يرد على سؤال:"لدينا عائلتان من منغوليا هنا، تحملان الجنسية الصينية"، يقول سباسمير بيتروف.

غالبية الشبان يجلسون في الرواق الصغير حيث لهم إمكانية استخدام الإنترنيت للاتصال بالعالم الخارجي. وتوجد في الرواق بعض الكراسي، إلا أنهم يفضلون الجلوس على الأرض. الشاب علي رضا من باكستان أوضح أن والده دفع 3500 دولار لتغطية تكاليف سفره إلى بلغاريا، ومن أجل استكمال الرحلة إلى ألمانيا يجب عليه دفع 2500 دولار إضافية. وردا على السؤال، لماذا اختار درب الهجرة، فإنه يجيب قائلا "الجميع يريدون التوجه إلى أوروبا". علي ينظر من حين لآخر إلى هاتفه النقال، ويشير إلى أنه يترقب ردا من "مهربه"، علما أن الوضع على الحدود البلغارية الصربية أصبح صعبا، وبالتالي فإن الرحلة قد تتأخر. عندما انتشر الخبر بضلوع رجال شرطة بلغاريين في أعمال تهريب البشر، باتت الحدود خاضعة لإجراءات رقابة أكثر صرامة. حاليا يرغب المهاجرون الأوائل في العودة إلى ديارهم. "الرجاء أن تعملوا على ترحيلي"، يتوسل ثلاثة أفغان أمام مدير المخيم باستروغور. إلا أنهم لا يتوفرون على المال لمتابعة الرحلة أو العودة إلى الوطن.

ممارسة مهنة التهريب

علي رضا يرفض التخلي عن هدفه، وهو يريد مواصلة رحلته مثل رفيقه وسيم أحمد الذي حكى:"البارحة أعادني الصرب للمرة الثالثة إلى أدراجي، لكنني سأعيد المحاولة". ويضيف أحمد قائلا:"الكثيرون نجحوا في العبور، وأنا سأنجح أيضا في ذلك". مدير المخيم سباسيمي بيتروف يؤكد أنه ليس هناك من لاجئ يرغب في البقاء هنا. فمن بين نحو 10.000 طالب لجوء مسجلين رسميا في بلغاريا بقي منهم عدد قليل جدا. غالبيتهم يريدون العبور إلى شمال أوروبا. ثم إن وجود اللاجئين يشكل فرصة ربح مغرية للعديد من الناس في المنطقة. ففي مدينة ليوبيمز الصغيرة المجاورة يشكو صاحب محل لإصلاح السيارات من عدم الحصول على ميكانيكي، ويلاحظ:" من يملك سيارة هنا يمكن له ربح مال كثير من خلال نقل الاجئين، إنه عمل أفضل من انتظار الأجر الشهري المحدود".

Balkanroute 2016 Reportage
عائلة مانغولية بانتظار استمرار الرحلة أيضاصورة من: DW/M. Ilcheva

الهدف الجديد: إيطاليا

من ينجح في عبور الحدود البلغارية الصربية، يتوجه عادة نحو الشمال الغربي. في منطقة الحدود الصربية المجرية ينتظر الكثير من المهاجرين الذين يودون تقديم طلب لجوء في المجر، والتي تأوي منذ يوليو الماضي سوى 30 لاجئا في اليوم الواحد على أكبر تقدير. وفي حال عبور هذه الحدود، تقوم سلطات بودابست بإعادة جميع من دخلوا البلاد بصفة غير قانونية إلى صربيا. هناك يوجد خاصة لاجئون من باكستان وأفغانستان. لازار فيليتش مدير مركز الإيواء يقول:"كل شخص يحاول عبور الحدود المجرية بصفة غير شرعية. البعض ينجح في ذلك، وآخرون يفشلون". هُرام شيزاد لم يتم إبعاده إلى صربيا فقط، بل كان أيضا ضحية عنف من قبل رجال شرطة مجريين. "هنا في رأسي مازالت آثار الجروح"، يقول الشاب البالغ من العمر 30 عاما. وجهته الجديدة حاليا إيطاليا، وأوضح أنه سمع بأنه من السهل الحصول على اللجوء هناك، وبعدها يريد التوجه إلى كافة الوجهات الأوروبية.

ظروف عيش قاسية تسود في مناطق العبور. فعلى نقطة العبور الصربية المجرية كيليبيا يترقب مائتان من الأشخاص فرصة تقديم طلب اللجوء في المجر. ولدى المهاجرون رغم تلك الظروف شعور بشيء من القبول في بلد العبور صربيا.

"أليس لديهم هناك خوف؟"

في المجر المجاورة تنتشر صورة رفض الاجئين. امرأة في الستينات في بلدة غيور تقول:"في مدينتنا لا يوجد لاجئون، وهذا أمر جيد". وغيور مدينة صغيرة تضم 130.000 نسمة، وهي قريبة من الحدود النمساوية. المرأة ترفض الكشف عن اسمها وتقول:"لا نريد لاجئين هنا، فهم يجلبون فقط المشاكل معهم". المرأة تملك بقعة أرضية للتخييم، وتتساءل عن شعور الألمان من اللاجئين وتقول:"أليس لديهم هناك خوف ؟"

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد