برلين تنفي التخلي عن التضامن الأوروبي لحل أزمة اليورو

اعترفت المستشارة أنغيلا ميركل اليوم الأربعاء، وعشية انعقاد القمة الأوروبية في بروكسيل، أن الأزمة المالية والاقتصادية في أوروبا "وضعت الاتحاد في اختبار صعب". ووجهت بصورة غير مباشرة كلامها إلى منتقديها الأوروبيين، الذين اتهموها قبل أيام بالتخلي عن التضامن الأوروبي، بحيث قالت: "لن نترك أحدا يسقط" في تلميح إلى عجز بعض الدول عن تسديد ديونه وفوائده أو بيع سنداته.

وكان منتقدو ميركل، وعلى رأسهم رئيس مجلس وزراء مال دول منطقة اليورو رئيس حكومة لوكسمبورغ جان كلود يونكر، قد هاجموا مؤخرا المستشارة بشدة بعد رفضها زيادة قيمة مظلة المساعدات المالية من 750 مليار إلى 1500 مليار يورو لحماية دول منطقة اليورو بصورة أفضل، وبخاصة اليونان وإيرلندا والبرتغال وإسبانيا المتعثرة بهذا القدرأو ذاك، من مضاربات الدائنين الهادفة إلى تسريع عجزها وإفلاسها. كما انتقدوها لرفضها شراء سندات يورو حكومية لمساعدة الدول المعنية على بيع سنداتها، التي ابتعد عنها الدائنون بسبب تراجع ثقتهم فيها.

"برلين ملتزمة بمساعدة الشركاء الأوروبيين"

من جهتها، شددت المستشارة الألمانية في البيان، الذي ألقته باسم حكومتها أمام البرلمان عشية انعقاد القمة الأوروبية في بروكسيل، على التزام برلين بمساعدة شركائها الأوروبيين، رافضة من جديد فكرة إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو. وذكرت ميركل أن كل الأطراف الفاعلة في أوروبا "تصرفت بشجاعة وتنسيق وحزم"، مشددة على أن التغلب على أزمة اليورو سيحصل بالتأكيد. وقالت إن ألمانيا "تستفيد من العملة الأوروبية المشتركة وتلتزم بمسئوليتها الأوروبية".

ورأى مراقبون أن كلام ميركل الإجمالي قد يكون "مقدمة لترطيب الأجواء بينها وبين قادة الاتحاد الأوروبي" عشية انعقاد قمتهم غدا الخميس (16 ديسمبر/كانون الأول)، والتلميح إلى استعدادها للوصول إلى حلول معهم حول المسائل المختلف عليها.

كما دعت ميركل إلى ضرورة أن تكون المساعدات المالية التي تقدّم إلى الدول المتعثرة في منطقة اليورو مثل اليونان وايرلندا حاليا "هي الوسيلة الأخيرة فقط لحل الأزمة". وقالت إن "هذا المبدأ يتعين أن يسري أيضا على آلية حل أزمات منطقة اليورو في المستقبل". وأضافت أنها تنتظر من قمة الاتحاد الأوروبي "أن تصدر قرارا دقيقا ومشتركا بشأن آلية حل الأزمات الجديدة". وأعربت كذلك عن توقعها بأن تمهد القمة، التي تعقد يومي الخميس والجمعة (16 و17 من الشهر الجاري) ، الطريق لإجراء تعديلات صغيرة في معاهدة الاتحاد الأوروبي على أن يتم إقرارها في القمة المقبلة، التي من المنتظر أن تعقد في آذار/ مارس عام 2011 ، وبعد ذلك في برلمانات الدول ال 27 الأعضاء.

المعارضة تنتقد الحكومة بشدة وتدعوها لتغيير نهجها

من جهته، وجه فرانك فالتر شتاينماير، زعيم المعارضة البرلمانية ورئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، انتقادات حادة للمستشارة لما وصفه ب"موقف حكومتها المعيب" من أزمة اليورو ومن التضامن الأوروبي. وقال إن الحكومة الألمانية قد "عجزت عن إدارة أزمة اليورو"، و"فشلت في مهماتها الأوروبية".

وأضاف شتاينماير أن أمام ألمانيا مهمة تاريخية تتمثل في "إنقاذ اليورو ومشروع أوروبا". ودعا بلاده إلى إشراك الدائنين في تحمل تبعات الأزمة، وإلى إرسال إشارة تضامن واضحة من خلال الموافقة على زيادة قيمة مظلة المساعدات المالية لمنع أزمة اليورو "من الامتداد والانتشار" والسعي الحثيث "للوصول إلى الوحدة السياسية في أوروبا".

وأعربت غيزينا لوتش، رئيسة حزب اليسار، عن خشيتها من أن تعزل ألمانيا بسبب نهج الحكومة ودعت المستشارة إلى "التخلي عن المصالح الشخصية والوطنية لصالح المصلحة الأوروبية المشتركة وعدم القيام بخطوات أحادية الجانب". فيما اتهم رئيس الكتلة النيابية لحزب الخضر، يورغن تريتين، حكومته "بانتهاج موقف معاد للوحدة الأوروبية وقصير النظر وشعبوي" في مسألة مواجهة أزمة العجز المالي لدول اليورو. وانتقد تصريحات وزير الخارجية غيدو فيسترفيله، التي أثارت حساسيات الشركاء الأوروبيين، عقب حديثه عن أن ألمانيا تدفع والآخرون يقبضون.

اسكندر الديك

مراجعة: شمس العياري