1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

برشلونة وريال مدريد يحتلان العراق

٤ مايو ٢٠١٢

هادي جلو مرعي يتساءل عن العلاقة بين برشلونة وريال مدريد والعراق وأسبانيا وعن حمى كرة القدم التي تجتاح العراق في مقال رأي.

https://p.dw.com/p/14qJA
صورة من: dapd

كل ما بذله الأمريكان من دماء وأموال وجهود، وكل ما فعلوا بالعراق من مصائب وويلات، وما حاق بشعبه من دمار وحرمان وقمع وتنكيل وفوضى وطائفية وخلافات واختلافات، وتقتيل وتهجير وتدمير للبنيان ولروح الإنسان، لم يكن كافيا لكي ينكس العراقيون رؤوسهم بحسب نتيجة المباراة. ولكن أي مباراة، فهولاء المساكين انقسموا إلى فريقين، أحدهما يشجع نادي برشلونة، والآخر يشجع ريال مدريد، وهما من دولة بعيدة نسبيا، تقع جنوب أوروبا، وتتمتع بأجواء خلابة، وبحضور على ساحلي الأطلسي والمتوسط.

فإذا خسر ريال مدريد اشتعلت نيران الشماتة والتنكيل وكلمات السخرية التي تنطلق من أفواه وعيون ووجوه "البرشاويين" العراقيين، الذين يجهل غالبيتهم إن هذا النادي الذي يمثل مدينة برشلونة، والتي هي عاصمة إقليم كاتالونيا، الذي طالب بالانفصال عن الوطن الأم ( إسبانيا)، إنما يمثل مظهرا من مظاهر عاشها العراقيون في الجنوب الفيدرالي. إذ كانت المطالب بعد 2003، والغرب الفيدرالي بعد العام 2011، والشمال الانفصالي منذ أن عرفت الدولة العراقية وإلى الآن. فهو على الدوام يبحث عن الفرصة كي يعلن فسخ عقد الشراكة مع بغداد العاصمة.

وإذا تعطل برشلونة وخسر في مباراة، تحولت الشماتة والتنكيل وسواها من أفاعيل، لتنطلق من معسكر "المدريديين". لكن هل يستحق فريق كرة قدم أن يثير عواطف وانفعالات قد تؤدي إلى التقاتل؟. أحدهم يجيبني بنعم. ويعطيني الدليل. إذ يقول: "في أحدى المرات تعاركت عشيرتان في بغداد من أجل (حمامة) وفي مرة أخرى تقاتلت عائلتان بسبب ديك وكلب، عندما هجم الكلب على ديك الجيران وأكله من أسفل رجليه إلى (عرفه) المعروف برفعته الدائمة. فما كان من صاحب الديك إلا أن قتل الكلب. وعندها ثارت ثائرة أصحاب الكلب الذين ردوا على أساس إيمانهم بالمثل العراقي الشهير القائل (جل الكلب لخاطر صاحبه) بمعنى أن لا تتجاوز على الكلب إكراما لصاحبه. وحاول أهل المعروف تهدئة الخواطر الثائرة والنفوس الفائرة وقربوا بين الفريقين وأصلحوا بينهما، لكن الأمور تطورت إلى أبعد من ذلك، حين قتل أصحاب الكلب قاتل كلبهم ونقلوه بغمضة عين إلى العالم الآخر!!!.

فإذا تقاتل العراقيون على حمامة وعلى كلب، أوليس جديرا بهم أن يتقاتلوا على كرة قدم ساحرة تركلها أقدام شباب تبلغ أسعارهم مئات ملايين الدولارات، لو توفرت للعراقيين لسلحوا جيشهم وعمّروا بلدهم، باعتبار أن أموال الميزانية تذهب باتجاه آخر.

فهذا ليونيل ميسي الأرجنتيني يركل الكرة متوكلا على أسم البرشا، فتهتف له الحناجر حول العالم، وتشارك حناجر العراقيين بنصيبها من الهتاف. ثم إن كريستيانو رونالدو البرتغالي يضرب الكرة بسرعة صاروخ توما هوك، فتمزق الشباك، ولا يجد المدريديون سوى أن يعبروا عن إعجابهم وسعادتهم بهذا الفتح الملكي المبارك !.

تخيل الجيش الإسباني يجتاح العراق وهو يحمل كرات قدم ويلبس ثياب البرشا والريال فهل سيعترضه معترض؟ أم هل سيكون العراقيون بحاجة إلى تنظيم صفوفهم لقتال ذلك الجيش، أم أنهم سينضمون له بدون أن يتقاضوا أجرا؟.....

بعض الأصدقاء لا يؤدون صلاة الفجر، عقب مباراة خسر فيها الريال أو برشلونة، والسبب هو قلقهم ومزاجهم السيئ وضغطهم المرتفع. آخرون يتقاتلون على أساس من يعبر عن حبه بطريقة أكثر فاعلية من الآخر، فيموت الناس وتسيل الدماء جرحا أو قتلا، لا في سبيل الله بل في سبيل برشلونة وريال مدريد. هل خرجنا بسبب كرة القدم من دائرة الرحمن لندخل دائرة الشيطان؟.الله اعلم.

ملاحظة: كان صدام حسين يسمي العراقيين بشعب ( الذرى) وكان العراقيون يفكرون بما هو على الأرض وكانت حبوب الذرة الصفراء والبيضاء هي الأقرب فكانوا يطحنونها زمن الحصار المتوحش ليأكلوا خبزا معمولا من طحين الذرة دون أن ينتظروا الوصول إلى (الذرى).

مراجعة: عباس الخشالي