باروزو: "آمل أن يكون الاتحاد الأوروبي نموذجا يحتذى به في الشرق الأوسط"
٢٣ مارس ٢٠٠٧دويتشه فيله: سيد باروزو، الاتحاد الأوروبي يحتفل بعيد ميلاده الخمسين. عضوية هذا الاتحاد اقتصرت في البداية على ستة أعضاء واليوم يبلغ عدد أعضاءه 27 عضوا. ما هي برأيك أهم النجاحات التي سجلها تاريخ الوحدة الأوروبية؟
خوسيه مانويل باروزو: في البداية، أريد القول إن مسيرة الاتحاد الأوروبي كانت مكللة بالنجاح لأنها استطاعت ترسيخ أسس السلام في أوروبا. فقد وضع آباء الوحدة الأوروبية أمام أعينهم هذا الهدف الذي يرمي إلى جعل الحروب في أوروبا أمرا مستحيلا. ينبغي علينا ألا ننسى أن الوحدة الأوروبية بدأت في نهاية الحرب العالمية الثانية وساهمت في مصالحة القارة الأوروبية. هذه الإنجازات لا تقتصر على ذلك، بل أن الاتحاد الأوروبي نجح في زيادة أعضاءه من ستة أعضاء إلى 27 عضوا يمثلون بلدانا يبلغ عدد سكانها أكثر من 500 مليون نسمة. ويعتبر هذا في السياسة الدولية أكبر نجاح استطاع اتحاد ما الوصول إليه، وذلك بموافقة شعوب هذا الاتحاد وحكوماته. لقد اتفقت هذه الحكومات على جمع قواها وفي الوقت ذاته على الحفاظ على استقلاليتها. هذه البلدان تجمعها قيم الحرية والتضامن. أعتقد أننا نستطيع النظر بفخر إلى الوحدة الأوروبية. أقصد هنا النظر بفخر إلى الماضي وفي الوقت ذاته التطلع بأمل إلى المستقبل.
إننا لا نحتفل فقط بعيد ميلاد الاتحاد الأوروبي الخمسين، بل أننا كنا شاهدين على أزمة بعد تصويت فرنسا وهولندا بـ"لا" لمسودة الدستور الأوروبي. هل وصل الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود؟
الاتحاد الأوروبي يعاني من مصاعب، ولكن الحديث عن أزمة غير صحيح. لنقارن وضعنا في الوقت الحاضر بوضعنا قبل سنوات. فقبل سنوات، كانت أوروبا مقسمة وكانت برلين رمزا لهذا التقسيم واليوم نوقع في برلين اتفاقية مهمة بمناسبة مرور خمسين عام على تأسيس الاتحاد الأوروبي.
سيد باروزو، لقد حاولت كرئيس للمفوضية الأوروبية إقناع المواطنيين الأوروبيين بالفكرة الأوروبية من خلال فكرتك القائمة على ترسيخ مفهوم "أوروبا النتائج". عن أي نتائج تتحدث؟
لقد تمكنا مؤخرا من التوصل إلى اتفاقية بخصوص سياسة أوروبية مشتركة في مجال البيئة. كما استطعنا التوصل إلى اتفاق بخصوص التصدي للتحولات البيئية. هذه هي "أوروبا النتائج" التي أتحدث عنها، وأقصد هنا أوروبا التي تركز على بحث مشاريع معينة في خدمة رخاء مواطنيها. سياستي تهدف إلى التقليل من البيروقراطية في بروكسل. أما إن سألتني عن حاجة أوروبا إلى سياسة موحدة في مجال الطاقة، فيمكنني الإجابة على هذا السؤال بنعم. وإذا سألتني عن حاجة الأوروبيين إلى توسيع اتحادهم من أجل التصدي للهجرة غير الشرعية، فيمكنني الإجابة أيضا بنعم على هذا السؤال. أعتقد أن التحولات الدولية وعلى رأسها العولمة وتأمين مصادر الطاقة ومشاكل التحولات البيئية والإرهاب الدولي تتطلب منا اتحادا أوروبيا متماسكا وهذا هو السبب في حاجتنا إلى المصادقة على مسودة الدستور. إننا نحتاج إلى الدستور من أجل صبغ قراراتنا بصبغة رسمية، وذلك في خدمة الوحدة الأوروبية.
هل يمكن اتخاذ مشروع الوحدة الأوروبية نموذجا في مناطق أخرى من العالم؟
أعتقد ذلك.
على سبيل المثال في الشرق الأوسط؟
أستطيع التأكيد لك أن الكثير من الناس في بقاع مختلفة من العالم ينظرون بإعجاب كبير إلى الوحدة الأوروبية. فهم يسألون أنفسهم: كيف استطاع الأوروبيون الوصول إلى ذلك بعد جميع الحروب التي شهدتها القارة الأوروبية؟ القارة الأوروبية شهدت إحدى أشرس الحروب على مر التاريخ. والآن، توحدت هذه البلدان التي تتحدث لغات مختلفة في اتحاد واحد. في الاتحاد الأوروبي، يوجد الآن 21 لغة. هناك أمم كبيرة مثل ألمانيا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا وبريطانيا، ولكن هناك أمما صغيرة مثل البرتغال أو لكسمبورغ. الناس يتساءلون كذلك: كيف استطعتم احترام تنوعكم وفي الوقت ذاته المحافظة على السلام؟ هذه هي النجاحات التي أتحدث عنها. الاتحاد الأوروبي يمكن اتخاذه نموذجا في آسيا، ولكن أيضا في أمريكيا اللاتينية التي لا تسير وحدتها وللأسف الشديد بنجاح. كما آمل في أن تكون الوحدة الأوروبية نموذجا يحتذى به في الشرق الأوسط.
أنت تأمل أذن في أن يكون القرن الواحد والعشرين قرناً أوروبياً؟
نعم. أعتقد أن أوروبا يجب عليها ألا تخاف من القرن الواحد والعشرين. على العكس من ذلك، فأوروبا تحرز نجاحات في ظل العولمة. إننا ورغم جميع الفروقات الموجودة بين بلداننا جاهزون للتكيف مع الظروف الجديدة في عالم يرتبط فيه كل شخص بالآخرين. لا أعتقد أن المسيرة الأوروبية محكوم عليها بالفشل. العكس هو الصحيح، فالقدرات المتوفرة لدينا تؤهلنا للنجاح في أداء مهام القرن الواحد والعشرين.
سيد باروزو، في نهاية هذه المقابلة، أريد أن أطرح سؤالا ربما كان غريبا بعض الشيء وهو لماذا لم يحصل الاتحاد الأوروبي كمؤسسة أو آباء هذه الاتحاد مثل آدريناور أو شومان على جائزة نوبل للسلام، وذلك على الرغم من أن هذا الاتحاد ساهم في استتباب الأمن والسلام في القارة الأوروبية؟
ربما يجب عليك أن تطرح هذا السؤال على اللجنة المسؤولة عن هذه الجائزة. ولكن يمكنني تقديم اقتراح في هذا الخصوص يتمثل في ترشيح المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول للحصول على هذه الجائزة. فقد ساهم كول في بشكل كبير استتباب الأمن في أوروبا وفي ترسيخ فكرة الاتحاد الأوروبي. إضافة إلى ذلك فقد ساهم كذلك أوروبيون كثر في استتباب السلام في القارة الأوروبية. في بعض الأحيان، نتذكر هؤلاء الأشخاص بعد مفارقتهم لنا. ولكن يجب علينا تكريم هؤلاء الأشخاص وهم ما زالوا على قيد الحياة.