1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انفجار مرفأ بيروت بعد عامين.. تلاشي الآمال في تحقيق العدالة!

٤ أغسطس ٢٠٢٢

بعد عامين من الانفجار الضخم الذي هز ميناء بيروت والذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، أعاد الانهيار الأخير لصوامع حبوب تاريخية ذكريات مؤلمة إلى أذهان المواطنين وزاد من تضاؤل الآمال في المساءلة.

https://p.dw.com/p/4F49p
آثار الدمار في مرفأ بيروت بعد انفجار 04.08.2020
تتلاشى آمال اللبنانيين في محاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ وتحقيق العدالة بعد عامين من الحادثةصورة من: Houssam Shbaro/AA/picture alliance

انهيار أجزاء من صوامع تخزين الحبوب الضخمة في مرفأ بيروت بلبنان، بعد حريق استمر لأسابيع مؤخرا، رغم تحذيرات سابقة، جاء بتوقيت سيئ للبنانيين، إذ أنه حصل قبل أيام قليلة من الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت، الذي أسفر عن مقتل 216 شخصا وإصابة 6000 آخرين وتدمير منازل حوالي 300 ألف شخص في الأحياء المحيطة.

انهارت صوامع الحبوب التي تضررت سابقا بانفجار بيروت، ولحسن لم يقتل أحد هذه المرة. لكن الصوت الذي كان أشبه بالانفجار، والذي جاء مرافقا لدخان كثيف وحرائق، أعاد إحياء الصدمة الناجمة عن انفجار 2,750 طنا من نترات الأمونيوم في الميناء في الرابع من آب/ أغسطس 2020.

"لا أشعر أن عامين قد انقضيا على الإطلاق"، يقول وليام نون من بيروت لـ DW بعد الانهيار الأخير لصوامع القمح، والذي فقد شقيقه جو نون في انفجار عام 2020. ويضيف "ما زلت أشعر بنفس الحسرة التي شعرت بها في اليوم الأول".

الحفاظ على الصوامع كنصب تذكاري!

وجاء انهيار الصوامع التي يبلغ ارتفاعها 50 مترا بعد حريق استمر أسابيع بسبب الحبوب التي تخمرت واشتعلت في حرارة الصيف. وفي مقابلة مع DW في بيروت، رفض وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني على حمية، المسؤول عن المرفأ، الاتهامات بأن الحكومة فشلت في اتخاذ إجراء عندما اندلع الحريق قبل ثلاثة أسابيع.

وقال حمية: "قال لنا الخبراء إنه من المستحيل إخراج القمح بسبب الحالة الهشة لهياكل الصوامع"، مضيفا أن الحكومة ستظل تحاول الحفاظ على الأجزاء الأكثر أمانا.

وأراد الناجون التمسك بالصوامع كنصب تذكاري لما حدث بالمرفأ، حيث أثارت الصوامع، التي كانت تحمي أجزاء من بيروت خلال انفجار عام 2020، جدلا. وفي أبريل/ نيسان، وافقت الحكومة اللبنانية على هدم الصوامع بعد أن وجد مسح أنها قد تنهار في الأشهر المقبلة.

لكن العديد من الناجين وعائلات الضحايا جادلوا بأن الصوامع يمكن أن تحتوي على أدلة للتحقيق القضائي في انفجار عام 2020، كما أراد الكثيرون أن تبقى الصوامع كنصب تذكاري.

وينظر العديد من اللبنانيين إلى انفجار عام 2020 على نطاق واسع على أنه رمز للفساد والمحسوبية من قبل النخبة الحاكمة التي دفعت البلاد أيضا إلى كارثة مالية مدمرة.

صور لبعض ضحايا انفجار مرفأ بيروت
أهالي الضحايا حاولوا بشتى الوسائل محاسبة المسؤولين دون جدوى صورة من: Hassan Ammar/AP Photo/picture alliance

لبنان وبوادر لانهيار شامل

من الناحية الاقتصادية، كانت الليرة اللبنانية في حالة سقوط حر، مع معدل تضخم يصل إلى 90 بالمائة. وفي المقابل، أصبحت قطاعات كبيرة من السكان فقيرة، ونتيجة للحرب في أوكرانيا، قد يضطر البلد المستورد للقمح أيضا إلى مواجهة نقص كبير في السلع الأساسية في المستقبل القريب.

وتقول آنا فلايشر، رئيسة مكتب مؤسسة هاينريش بول في بيروت، لـDW: "نحن نشهد بالفعل طابورا طويلا خارج المخابز". بالنسبة إليها، من الواضح أن لبنان ليس في خضم أزمة فقط، بل إنه يشهد "انهيارا كاملا"، حيث هناك حاجة إلى إصلاحات بعيدة المدى وليس "تدابير تجميلية خفيفة".

ومع ذلك، فإن المشهد السياسي في لبنان سيحتاج أولا إلى التغيير حتى يتمكن المواطنون من استعادة نوع من الثقة في الطبقة الحاكمة.

مهند حاج علي، مدير الاتصالات والزميل في مركز مالكولم كير كارنيغي للشرق الأوسط في لندن، قال لـDW، "في الذكرى الثانية لانفجار بيروت، الأزمة اللبنانية أسوأ، اقتصاديا وسياسيا وقضائيا". وأضاف أنه "من الناحية السياسية،أسفرت انتخابات 2022 عن برلمان معلق، والذي يستعد لزيادة التأخير في تشكيل حكومة جديدة، وربما حتى انتخاب رئيس جديد".

ويشكك حاج علي في أن الرئيس اللبناني المقبل سيكون مهتما بمتابعة التحقيق في انفجار المرفأ على الإطلاق. ويقول إن "المرشح الأكثر ترجيحا حتى الآن، هو سليمان فرنجية، حيث عمل على حماية وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني السابق يوسف فنيانوس، المطلوب في التحقيق في انفجار المرفأ".

ازدحام كبير أمام أحد الأفران في بيروت 27.07.2022
تشهد المخابز في لبنان تزاحما كبيرا لنقص الخبزصورة من: Mohamed Azakir/REUTERS

مزاعم عرقلة التحقيقات

وعلى مدى العامين الماضيين، واجه التحقيق في انفجار الميناء مزاعم بعرقلة سياسية منهجية. وبحسب ما ورد، كانت جماعة حزب الله السياسية والعسكرية القوية في البلاد وحلفاؤها في طليعة من حاولوا إخراج التحقيق عن مساره.

ويخشى الحاج علي من صعوبة تحقق هذه الآمال ويقول "أمضيت عددا لا بأس به من السنوات في الكتابة عن ضحايا الحرب الأهلية اللبنانية والمساعي لتحقيق العدالة، يمكنني فقط أن أرى أوجه تشابه صارخة في المعاملة المستمرة لضحايا وعائلات ضحايا انفجار 4 أغسطس/آب. الطبقة السياسية اللبنانية لا تزال منغلقة وغير قابلة للإصلاح".

وأطيح بقاضي التحقيق الأول، فادي صوان، بعد أن اتهم رئيس الوزراء المؤقت آنذاك حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بـ "القتل العمد والإهمال الذي أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص" في أعقاب انفجار المرفأ.

وكان التحقيق الذي أجراه القاضي الثاني، طارق بيطار، قد جمد خلال الأشهر الثمانية الماضية. وفي الوقت نفسه، قررت محكمة النقض في البلاد أن المحكمة بحاجة إلى ملء العديد من الشواغر في القضاة أولا. لكن التعيينات تحتاج إلى توقيع وزير العدل ثم الموافقة عليها من قبل وزير المالية، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا برئيس مجلس النواب نبيه بري من حركة أمل حليفة حزب الله.

وترى فلايشر أنه "من أجل مستقبل البلاد، من المهم المطالبة باستئناف التحقيق، وأن يتمكن طارق بيطار من مواصلة عمله ونشر تقاريره السابقة". ومع ذلك، فهي تدرك جيدا حقيقة أنه، حتى لو تمكن بيطار من استئناف تحقيقه، فلن يتمكن من المضي قدما إلا ضمن الحدود المحددة له. وتضيف "سيكون من المهم أن يواصل عمله لإظهار أن هناك اهتماما بالتوضيح على الإطلاق".

"عامان مفعمان بالألم والغضب"

وبالنسبة للناجين، تتلاشى الآمال في إجراء تحقيق كامل في الأحداث التي أدت إلى كارثة المرفأ. "العامان الماضيان كانا مفعمان بالألم والغضب"، تقول ملفين خوري، التي عانت من إصابات في الوجه والكتف في الانفجار، لـDW. وهي تجد صعوبة في تصديق أن "الأشخاص المسؤولين عن ألمك يخوضون الانتخابات بينما أنت ترقد على سرير المستشفى تعاني بعد العمليات الجراحية"، كما قالت لـ DW في بيروت. وحتى بعد عامين من الانفجار، لا تزال تعاني بشدة من الصدمة، "لقد شهدت الانفجار لكنني لا أتذكر أي شيء".

وتقول لمى فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لـ DW "واصلت جماعات حقوق الإنسان دعواتها لإجراء تحقيق في الانفجار". وتضيف "بعد عامين من الصدمة، لا تزال الآثار ملموسة على نطاق واسع، لأن الضحايا ما زالوا يفتقرون إلى إجابات"،

وتقول فقيه إنه من الصعب تصديق أن أيا من المسؤولين الحكوميين مثل رئيس الوزراء المؤقت آنذاك حسان دياب لم يحاسب. ومع ذلك، يحتجز ما بين 10 و20 من عمال المرفأ المدنيين منذ الانفجار. وتوضح "ليس لديهم فرصة للدفاع عن أنفسهم طالما أن التحقيق معلق"، وكما تبدو الأمور، فإنها تخشى من أن "الوضع لن يتغير في وقت قريب".

جينيفر هوليس/ رزان سلمان/ ع. ج