الناتو ينجز نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية
١٧ مايو ٢٠١٦وضع الرئيس البولندى أندريه دودا بحضور ضيوف أجانب من رتب عسكرية عالية بالإضافة إلى وزير الخارجية البولندي حجر الأساس لقاعدة أخرى ضمن منظومة الدفاع الصاروخية التي يسعى حلف شمال الأطلسي "ناتو" بقيادة الولايات المتحدة لإنشائها في القسم الشرقي من أوروبا. حتى الآن يوجد في الموقع سياج حديدي فقط بلغت تكلفته 10 ملايين يورو.
احتجاج السكان المحليين
وقال الرئيس دودا : "إن هذا يعزز من أمن بولندا منذ التحقها بهذا الحلف، واليوم لقد تحقق ذلك." ومن المقرر أن تنتهي أعمال بناء القاعدة عام 2018 ، وسيكون مقر القيادة في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية بولاية راينلاند بفالتس الألمانية. وترى بولندا في الدرع الصاروخية ضمانة لأمنها ولأراضيها والمنطقة بأسرها، حيث تنظر إلى النزاع الدائم في شرق أوكرانيا على أنه يشكل عنصر تهديد محتمل لأمنها. وقد تظاهر مئات المواطنين ضد إقامة الدرع الصاروخية في المنطقة، حيث لديهم شعور بحرمانهم من تعويضات. فنظام الدفاع الصاروخي سيقام في نقطة تبعد ب 3.5 كيلومترات عن مقر البلدية في بلدة سلوبك. ويقول روبرت بيدرون، عمدة مدينة سلوبك التي تضم نحو 90 ألف نسمة: "بالنسبة لنا فالمشروع كارثة حقيقية". ويشتكي بالقول:"في محيط 15 كيلومترا لا يمكن الآن بناء أي شيء لا توافق عليه وزارة الدفاع الأمريكية". وأوضح العمدة أنه لا يمكن الآن تشييد وحدات إنتاج بالمنطقة، وبالتالي فإن المشروع يشكل عاملا ردعيا كبيرا، حتى قبل بنائه قائلا " المستثمرون يفرون". ولدى السكان شعور بالخذلان، لأنهم لم يحصلوا على أية تعويضات.
منظومة صغيرة ومفعولها قوي
لكن السياسة لا تعير هذا النوع من المشاكل اهتماما كبيرا، فعملية بناء القاعدة متواصلة. فإلي جانب بولندا هناك منشأة في رومانيا تابعة لمنظومة الدفاع الصاروخي للناتو. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبيرغ بأن النظام هو"تقوية ملحوظة" لطاقات الحلفاء في الدفاع الصاروخي. فالمنشأتان الموجودتان في أوروبا الشرقية تشكلان منذ عقد من الزمن نظاما دفاعيا ويهدف لحماية الشركاء الأوروبيين من هجمات صاروخية من الشرقين الأدنى والأوسط. وتشمل هذه المنظومة إلى جانب بولندا ورومانيا محطة رادارات كبيرة في تركيا وعلى أربع سفن راسية في جنوب إسبانيا مجهزة بصواريخ دفاعية. والقيادة المركزية موجودة في ألمانيا. وسيتم إخضاع المنظومة لإمرة الحلف مع بدء قمة الناتو في مطلع يوليو/تموز في بولندا.
ظهرت فكرة هذه المنظومة الدفاعية عام 2007، عندما كشف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عن بناء نظام دفاع صاروخي وطني في شرق أوروبا، وقد أثار ذلك غضب روسيا. وعندما تولى باراك أوباما الرئاسة الأمريكية، أجل تنفيذ المشروع، الأمر الذي أغضب الأوروبيين الشرقيين.
شعور روسيا بالتهديد
سياسة نزع التوتر التي نهجها أوباما حتى الآن لم تأت بثمار. فقبل أسابيع قليلة من عقد القمة الرمزية لحلف شمال الأطلسي في وارسو، تحول نظام الدفاع الصاروخي إلى خلاف سياسي، إذ تشعر روسيا بالاستفزاز وتحدثت عن تهديد لأمنها القومي. وتفيد وزارة الخارجية الروسية أن المنشأة العسكرية يمكن أن تطلق صواريخ جوالة، وقد يمثل ذلك خطرا على التوازن الاستراتيجي. وبتشغيل منظومة الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية يعتبر الرئيس الروسي فلادمير بوتين نفسه مجبرا على اتخاذ تدابير مضادة. فهو أيضا يعتزم الرفع من نفقات الدفاع بشكل ملحوظ. وقال إن تكييف نفقات الدولة أمر ضروري لمواجهة التهديد، كما قال.
غير أن راينر أرنولد، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي لشؤون الدفاع في برلين يعتبر أن "المنظومة لها أهمية رمزية بوجه الخصوص". كما يتشكك في فاعلية النظام الصاروخي، وأكد أن غالبية الشركاء في الحلف الأطلسي وافقت على المشروع للحفاظ على وحدة الصف داخل الحلف.
هل يتعلق الأمر بالدعاية فقط؟
يشير غوستاف غريسل من برلين إلى أن الموقف الروسي هو دعاية فقط ويقول:"لقد أخفقت محاولة أوباما في تليين الموقف الروسي، لأن روسيا تحتاج إلى صورة العدو لحلف شمال الأطلسي ولأمريكا ولأسباب سياسية داخلية ".
كما أن خبير الشؤون السياسية الروماني رادو ماغدين يعتقد أن رد الفعل القوي من موسكو يعود إلى " الأهمية الرمزية لنظام الدفاع الصاروخي بشكل أكبر من الأهمية العسكرية. كما أن موسكو غاضبة، لأنها تفقد الهيمنة جيو سياسية بوضوح في أوروبا الشرقية".
ودعا بعض الخبراء إلى إتمام هذا المشروع الأمريكي في إطار تعاون مع موسكو، وفي هذا الإطار نفى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبيرغ أن تكون المنظومة موجهة ضد روسيا. وأكد الرئيس الروسي بوتين أن روسيا حذرت الناتو من قبل مرارا من إنشاء مثل هذه المنظومة الصاروخية، موضحا: "لقد تحدثنا كثيرا عن تشككاتنا واقترحنا تصورات عن التعاون - حتى مع شركائنا الأمريكيين - غير أن جميع الاقتراحات رفضت مع كامل الأسف".