1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المثليون في سوريا ـ السلطات تلاحقهم والمجتمع ينبذهم

٢٠ سبتمبر ٢٠١٠

يزداد حضور المثليين والمثليات العلني في الشارع السوري لاسيما وأن الإنترنت فتحت أمامهم فرصا أوسع للتعارف وممارسة أنشطة مختلفة، غير أن هذا الحضور لم يواكبه تغير في نظرة المجتمع الذي ما يزال ينبذهم والسلطات التي تلاحقهم.

https://p.dw.com/p/PFG6
صورة من: picture alliance/dpa

لم يكن من السهل اللقاء بالشاب الدمشقي الوسيم شفيق ب. وعشيقه الديري (من دير الزور) صالح ج. في أحد المقاهي القريبة من حديقة السبكي وسط العاصمة دمشق بسبب حذرهما وحيطتهما من عيون المتربصين بالمثليين أمثالهما. بدأت سعادة كلاهما بلقاء الآخر في المقهى المفعم بالحركة مشوبة بالقلق، ولدى سؤالهما عن السبب قال شفيق: "صحيح أننا أصبحنا نلتقي في أماكن عامة يزداد عددها يوما بعد يوم، غير أن المشكلة في عدم تقبل المجتمع والأقرباء والأصدقاء والسلطات لنا"، يقول شفيق ويضيف بأن هذا الأمر يدفعهما إلى الحيطة والحذر. على أرض الواقع يزداد عدد الأماكن التي يرتادها المثليون والمثليات في مدينة دمشق وخارجها. ففي المدينة تتسع أماكن اللقاءات لتشمل إضافة إلى "حديقة السبكي" مواقف نقل عام في حي أبو رمانة التي تسكنه الطبقة المخملية ومقاهي وحمامات ودور سينما عديدة. وحتى في المدن الأخرى أضحت لقاءات مثليين معروفة على سبيل المثال في منطقة "المربع" بدير الزور وقرب "قوس النصر والكراجات" بمدينة اللاذقية. وتقول الشابة الديرية هافانا ص. بأن المثليين في دير الزور ينتمون إلى مختلف الفئات الاجتماعية والمهن التي تتطلب تحصيلا دراسيا عاليا.

"أنا مثلي مثلك" ـ الانترنت تفتح فرصا جديدة

Höhere Erbschaftssteuer für Lebenspartner
مثل هذا المشهد قد لايلفت النظر كثيرا في الشارع العربي، لكنه أيضا قد لايخلو من دلالاتصورة من: picture-alliance/dpa

وإذا كان تواجد المثليين العلني على أرض الواقع السوري مقترن بالحذر حتى الآن، فإن دخولهم إلى العالم الافتراضي عبر شبكة الإنترنت فسح لهم فرصا جديدة لتنظيم لقاءات وأنشطة تتجاوز حدود سوريا إلى الفضائين العربي والعالمي على حد قول شفيق. وتقول المثلية سارية ج. بأنهم أسسوا مجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب تحت عناوين مثل "أنا مثلي مثلك"، غير أن سلطات الرقابة حذفتها. "هذا أمر يتعارض مع الحرية الشخصية، لكننا رغم ذلك واصلنا الدعوات إلى التسامح معنا عبر مواقع إلكترونية شخصية"، وتضيف سارية بأن دعواتهم تحمل شعارات وعبارات مثل، "أنا مثلي يحق لي ممارسة حريتي مثلك"."أنا مثلي ولست بشاذ أو منحرف كما يعتقد البعض". "أنا فرد من هذا المجتمع الذي عليه أن يبادلني الاحترام". "أنا مثلي ولست بقادم من كوكب آخر". "باختصار أنا مثلي مثلك". وفي هذا السياق يقول خالد ق. بأن للانترنت فضل كبير في تواصلنا كمثليين داخل سوريا وخارجها بفضل الشات ومواقع التواصل الاجتماعي"، وهذا الأمر سمح لنا أيضا بتنظيم لقاءات وحفلات ورحلات مشتركة تحت أسماء تمويهية لتجنب الرقابة مثل "عيد ميلاد"، "حفلة مدرسية"، "لقاء زملاء المدرسة".

حكم المجتمع: "مجرمون" أو "مرضى نفسيون"

ويبدو الحضور المتزايد للمثليين في الواقع وعبر الشبكة الافتراضية دون تأثيرات ملموسة على صعيد النظرة الاجتماعية إليهم. على الصعيد الاجتماعي: فما تزال المثلية في سوريا منبوذة ك"ظاهرة اجتماعية". أحمد م، على سبيل المثال يصنف المثليين على أنهم "جناة أو مجرمون لا بد من معاقبتهم بالسجن وغير ذلك". أما حسام ع. فيعتبرهم بمثابة "مرضى نفسيين ينبغي على السلطات المختصة معالجتهم من انحرافهم". ولا يتردد البعض في الاعتداء عليهم في حال ضبطهم في حالات مشبوهة، مثلا في حديقة عامة "مجتمعنا إسلامي ومحافظ، ولا يوجد نصوص قرآنية تشير إلى التسامح مع المثليين، وعليه فإنهم يستحقون الرجم"، كما يقول رجل الدين صهيب ح. ويروي عامل البناء سعيد ح. عن حادثة ضبط رجلين يمارسان الجنس في حديقة السبكي الدمشقية قام مارة بضربهما وشتمهما وإحضار الشرطة للتحقيق معهما". وفي هذا السياق يقول الطالب الجامعي محي الدين ق.: " لن نسمح بأن تصل الأمور في مجتمعنا إلى ما وصلت إليه في أوروبا"، لأن المثلية تخالف الطبيعة برأيه.

تحت طائلة "مخالفة الآداب العامة"

وعلى غرار المجتمع فإن السلطات المعنية لا تحميهم مما يتعرضون له من ضغوط وإهانات متكررة. فعلى سبيل المثال لا يندر قيام دوريات تابعة للشرطة بمداهمة أماكن يقيم فيها مثليون حفلات خاصة بهم وإلقاء القبض عليهم وتوقيفهم على حد قول الشرطي عمران ب. ويعتبر عمران بأن هذا الأمر طبيعي ومن ضمن عمل الدوريات: "غالبا ما نضبط بعضهم بلباس نسائي، وهؤلاء يتم إطلاق سراحهم، أما الذين يتم ضبطهم بممارسة الجنس فيتهمون بمخالفة الآداب العامة ويسجنون عدة أشهر". ويتم هذا في الوقت الذي لا ينص فيه القانون السوري على حمايتهم، كما لا ينص على إدانة المثلية إلا إذا ثبت اعتداء جنسي من هذا القبيل على من هم دون سن الثامنة عشرة على حد تعبير روشان سبيهي أستاذة القانون في المحاكم السورية. ولهذا فإن تهمة مخالفة الآداب العانة تلحق بالمثليين كي يتسنى للسلطات معاقبتهم.

تحدي الواقع

وعلى الرغم من وضع لا يحسدون عليه ينظر الكثير من المثليين السوريين إلى نظرة المجتمع السوري لهم نظرة سخرية كونه لا يعترف بهم. "نحن بشر ولا ذنب لنا إن كنا خلقنا برغبات أو شهوات مغايرة لآخرين من أبناء جنسنا، نريد أن نعيش كما نحب نحن وليس كما يريد الآخرون لنا" على حد تعبير المثلية رغداء ن.. ورداً على سؤال حول قدرتهم على التعايش في ظل غياب قانون يحميهم ومجتمع لا يرحمهم يقول المثلي مجد ي.، "نحن نتزوج من بعض بمباركة أصدقائنا المثليين ولا تهمنا الأشياء الثانوية، المهم هو قناعتنا بما نفعل". وفيما إذا كان الأهل يتقبلون الفكرة يقول مجد بحرقة: "سبق وتوفي حبيبي ولم يأتوا أهله لدفنه أو إلقاء نظرة الوداع عليه. ويضيف. "هذا ما جعلني أحسب ألف حساب لحياتي المستقبلية، ولكن إذا لم أعاشر ذركا مثلي فلا أريد هذه الحياة".

عفراء محمد – دمشق

مراجعة: عبده المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات