1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
علومشمال أمريكا

القطب الشمالي المغناطيسي للأرض يتحرك.. فأين أصبح الآن؟

٢٣ يناير ٢٠٢٥

اكتشف العلماء تغييرات غير مسبوقة في حركة القطب الشمالي المغناطيسي بعد أن قاموا بإصدار نموذج جديد لتتبع موقعه. فأين أصبح القطب الشمالي المغناطيسي للأرض؟ وما سبب تنقله المستمر؟

https://p.dw.com/p/4pSiN
Neutronenstern
صورة من: Casey Reed, courtesy of Penn State

إذا كنت تستخدم هاتفك الذكي للملاحة، فإن تغيراً هاماً قد حدث مؤخراً، إذ أصدر العلماء نموذجًا جديدًا يتتبع موقع القطب الشمالي المغناطيسي، وكشفوا أن القطب الآن أقرب إلى سيبيريا مما كان عليه قبل خمس سنوات وأنه يستمر في الانجراف نحو روسيا.

وعلى عكس القطب الشمالي الجغرافي، الذي يمثل موقعًا ثابتًا لا يتغير، فإن موقع القطب الشمالي المغناطيسي يتحدد من خلال المجال المغناطيسي للأرض، الذي هو في حركة مستمرة، وفقاً للمركز القومي الأمريكي لمعلومات البيئة.

حركة متسارعة

وعلى مدى العقود القليلة الماضية، كانت حركة الشمال المغناطيسي غير مسبوقة - فقد تسارعت بشكل كبير، ثم تباطأت بسرعة في تطور حديث، على الرغم من أن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من تفسير السبب الكامن وراء السلوك غير العادي للمجال المغناطيسي للأرض.

وبحسب شبكة سي إن إن الأمريكية، فإن هذا النموذج، الذي طورته هيئة المسح الجيولوجي البريطانية والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، يشير إلى الموقع الثابت للشمال المغناطيسي ويتنبأ بالانحراف المستقبلي بناءً على مسار السنوات القليلة الماضية.

يولد المجال المغناطيسي والتيارات الكهربائية في الأرض وحولها قوى معقدة لها تأثير لا يمكن قياسه على الحياة اليومية. صورة من NASA
وللحفاظ على دقة قياسات النظام العالمي لتحديد المواقع، يقوم الباحثون كل خمس سنوات بمراجعة نموذج الانجراف المغناطيسي العالمي (WMM)صورة من: ESA/ATG medialab

وللحفاظ على دقة قياسات النظام العالمي لتحديد المواقع، يقوم الباحثون كل خمس سنوات بمراجعة نموذج الانجراف المغناطيسي العالمي (WMM)، ويعيدون ضبط الموقع الرسمي للشمال المغناطيسي ويقدمون تنبؤات جديدة للسنوات الخمس القادمة من الانجراف.

وقال الدكتور أرنو شوليات، وهو عالم وباحث في جامعة كولورادو - بولدر والمراكز الوطنية للمعلومات البيئية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) للشبكة الأمريكية: "كلما انتظرت تحديث النموذج، كلما زاد الخطأ..بالطريقة التي تم بها بناء النموذج، فإن توقعاتنا هي في الغالب استقراء بالنظر إلى معرفتنا الحالية بالمجال المغناطيسي للأرض."

وبحسب موقع "ساينس أليرت"، أصدر العلماء نموذجين مؤخراً: نموذج WMM القياسي الذي تبلغ دقته المكانية حوالي 3300 كيلومتر عند خط الاستواء، والنموذج الأول عالي الدقة الذي تبلغ دقته المكانية حوالي 300 كيلومتر عند خط الاستواء.

وقال الدكتور ويليام براون، عالم الجيوفيزياء الأرضية والباحث في الجيوفيزياء والمغناطيسية الأرضية في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية، في رسالة بالبريد الإلكتروني لموقع شبكة سي إن إن: "ستقوم شركات الطيران الكبرى بترقية برمجيات الملاحة في جميع أساطيل طائراتها لتحميلها في الطراز الجديد، وستحتاج الجيوش في حلف شمال الأطلسي إلى ترقية البرمجيات في عدد كبير من أنظمة الملاحة المعقدة في جميع أنواع المعدات. ولكن بالنسبة لمعظم الناس، فإن التعديل ليس ضرورياً".

صورة للمجال المغناطيسي للأرض من NASA
يمكن تصور المجال المغناطيسي للأرض على أنه فقاعة ضخمة تحمينا من الإشعاع الكوني والجسيمات المشحونة التي تقصف الأرض عبر الرياح الشمسية. صورة من: ESA/AOES Medialab

الشمال المغناطيسي والشمال الجغرافي

في الجزء العلوي من العالم في منتصف المحيط المتجمد الشمالي يقع القطب الشمالي الجغرافي، وهي النقطة التي تلتقي فيها جميع خطوط الطول التي تنحني حول الأرض من أعلى إلى أسفل. ويعد تحديد القطب الشمالي أمر صعب، لأنه مغطى بالجليد البحري المتحرك، لكن موقعه الجغرافي، المعروف أيضاً باسم القطب الشمالي الحقيقي، ثابت لا يتغير، وفقاً لموقع "ساينس أليرت".

أما القطب الشمالي المغناطيسي فهو نقطة التقاء المجال المغناطيسي للأرض في أقصى الشمال، والمعروف أيضاً باسم الغلاف المغناطيسي. ويحمي الغلاف المغناطيسي - الذي تولده المعادن المنصهرة المتلاطمة في لُب الأرض - الكوكب من الإشعاع الشمسي الضار ويمنع الرياح الشمسية من تجريد الغلاف الجوي للأرض.

ولأن الحركة والتدفق للسائل المصهور في لُب الأرض لا يتوقف أبداً، فإن الغلاف المغناطيسي لا يكون ثابتاً. ونتيجة لذلك، فإن أقصى نقطة في أقصى شماله في حركة دائمة.

واكتشف المستكشف البريطاني السير جيمس كلارك روس القطب الشمالي المغناطيسي في عام 1831 في شمال كندا، على بعد حوالي 1609 كيلومترات جنوب القطب الشمالي الجغرافي. ووفقاً لأحدث الأبحاث فإن الشمال المغناطيسي يتتبع كل يوم مساراً بيضاوي الشكل يبلغ حوالي 120 كيلومتراً.

ومنذ اكتشافه، انجرف الشمال المغناطيسي بعيداً عن كندا باتجاه روسيا. وبحلول أربعينيات القرن العشرين، كان الشمال المغناطيسي قد تحرك شمالاً نحو الشمال الغربي من موقعه في عام 1831 بحوالي 400 كيلومتر. وفي عام 1948، وصل إلى جزيرة الأمير ويلز، وبحلول عام 2000 كان قد غادر الشواطئ الكندية.

رسم توضيحي لانبعاث كتلة إكليلية من الشمس تؤثر على الغلاف الجوي للأرض.
يمثل المجال المغناطيسي للأرض درعاً يحميها من الموجات الشمسية التي تقصفها بشكل مستمرصورة من: Science Photo Library/IMAGO

انجراف مستقبلي

وبحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست، يتوقع العلماء أن يستمر انجراف القطب الشمالي المغناطيسي نحو روسيا في التباطؤ، على الرغم من عدم التأكد بشأن المدة التي سيستمر فيها التباطؤ وما إذا كان سيستمر بالوتيرة الحالية نفسها، وفقًا لبراون.

وكان المجال المغناطيسي للأرض قد تصرف بشكل أكثر دراماتيكية في الماضي، حيث ضعف الغلاف المغناطيسي كثيرًا لدرجة أن قطبيه انعكسا. ويؤدي هذا إلى انقلاب القطبين الشمالي والجنوبي المغناطيسي، ويمكن أن يستمر التغيير لعشرات الآلاف من السنين.

وقدر العلماء أن هذا الانقلاب القطبي - والذي قد يستغرق آلاف السنين حتى يكتمل - يحدث مرة واحدة كل مليون عام، على الرغم من أن الوقت بين الانقلابات يختلف بشكل كبير - من 5000 عام إلى ما يصل إلى 50 مليون عام.

وقال براون إن العلامات التي تسبق مثل هذه الانقلابات ليست مفهومة جيدًا أيضًا، مما يجعل من الصعب التنبؤ بها. وقال إن الانقلاب الكبير الأخير وقع منذ حوالي 750 ألفًا إلى 780 ألف عام.

 

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.