1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

منظمة العفو: مصر تحتجز وترحل السودانيين خارج القانون

٢٠ يونيو ٢٠٢٤

في تقرير من 36 صفحة، ذكرت منظمة العفو الدولية تفاصيل وشهادات عن قيام السلطات المصرية بتنفيذ عمليات اعتقال تعسفي واحتجاز وترحيل لسودانيين، من بينهم لاجئون مسجلون لدى مفوضية اللاجئين.

https://p.dw.com/p/4hIPP
صورة رمزية
منظمة العفو الدولية أكدت أن السلطات المصرية تحتجز معتقلين سودانيين في معسكر للجيش المصري على الحدود مع السودان.صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Karadjias

نشرت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" تقريرا بعنوان "مكبلو الأيدي مثل المجرمين الخطرين: الاعتقال التعسفي والإعادة القسرية للاجئين السودانيين في مصر"، ويكشف التقرير وقوع حالات اعتقال للاجئين سودانيين في مصر، قبل ترحيلهم بشكل غير قانوني إلى السودان على الرغم من الصراع الدائر هناك، وذلك في غياب كامل لأي ضمان لحقوقهم أو لإمكانية طلبهم للجوء.

واعتبرت المنظمة عمليات الترحيل هذه انتهاك صارخ للقانون الدولي، مشيرة إلى وجود أدلة على أن آلاف اللاجئين السودانيين تعرضوا للاعتقال التعسفي ثم طردوا بشكل جماعي. ويستند التقرير على تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حول ترحيل 3000 شخص من مصر إلى السودان  في أيلول/سبتمبر 2023.

"يجب على السلطات المصرية أن تضع حداً فوراً لهذه الحملة الشرسة من الاعتقالات الجماعية والطرد الجماعي"

وعلّقت سارة حشاش، نائبة المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، بأنه "من غير المفهوم أن يتم اعتقال النساء والرجال والأطفال السودانيين الفارين من النزاع المسلح في بلادهم بحثاً عن الأمان عبر الحدود المصرية، بشكل جماعي، واحتجازهم تعسفياً في ظروف مؤسفة وغير إنسانية قبل طردهم بشكل غير قانوني".

وأضافت "يتعين على السلطات المصرية أن تضع حداً فوراً لهذه الحملة الشرسة من الاعتقالات الجماعية والطرد الجماعي. ويجب عليها احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان  وقانون اللاجئين  بتمكين الأشخاص الفارين من النزاع في السودان من المرور الآمن والكريم إلى مصر، والوصول دون قيود إلى إجراءات الهجرة".

وكانت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية نيفين القباج قالت السبت 8 حزيران/يونيو، خلال استقبالها وزير التنمية الاجتماعية السوداني، إن مصر استقبلت أكثر من 500 ألف ضيف سوداني على أرض مصر فى الفترة الأخيرة عقب اندلاع الأزمة السودانية، فضلا عن السودانيين المتواجدين داخل مصر من قبل والذين يزيد عددهم على 4.5 ملايين سوداني، موزعين على كافة أنحاء البلاد.

ومع ذلك، في الشهر التالي لبدء النزاع المسلح في  السودان، فرضت الحكومة المصرية شرط الحصول على تأشيرة لجميع المواطنين السودانيين، مما لم يترك أمام الفارين أي خيار سوى "عبور الحدود بشكل غير نظامي"، وفقاً للتقرير. وجاء قرار الحكومة المصرية بفرض التأشيرات على السودانيين بعد عقود، رحبت خلالها مصر بملايين السودانيين الذين درسوا أو عملوا أو استثمروا أو تلقوا الرعاية الصحية في البلاد، كما كان يتم إعفاء النساء والفتيات السودانيات، وكذلك الأولاد دون سن 16 عاما والرجال فوق 49 عاما، من شروط الدخول.

وكانت قد أفادت وسائل إعلام ومنظمات حقوقية مصرية بمصرع نحو 50 سودانيا خلال الأسبوع الماضي، وذلك أثناء محاولتهم عبور الحدود بين السودان  ومصر بشكل غير قانوني. ووفقاً لهذه المصادر، من بين الضحايا نساء وأطفال وكبار سن، فقدوا حياتهم بسبب "ضربات الشمس والجفاف والعطش"، لا سيما وأن الحرارة في محافظة أسوان جنوب مصر وصلت يوم الجمعة الماضي إلى 49.8 درجة مئوية في الظل، مسجلة أعلى درجة حرارة في العالم ذلك اليوم، وأعلى درجة حرارة في المنطقة منذ 18 عاماً.

اعتقالات تعسفية في الشوارع والمستشفيات

ويتناول التقرير بالتفصيل المحن التي تعرض لها 27 لاجئاً سودانياً، تعرضوا للاعتقال التعسفي، إلى جانب نحو 260 آخرين في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وآذار/مارس 2024، على يد أفراد شرطة الحدود المصرية التابعة لوزارة الدفاع، وكذلك على أيدي ضباط الشرطة. كما يكشف التقرير أن السلطات أعادت قسراً ما لا يقل عن 800 محتجز سوداني بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس 2024، وجميعهم حرموا من فرصة  طلب اللجوء، بما في ذلك من خلال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو الطعن في قرارات الطرد.

وبحسب تقرير "أمنيستي"، جرت الاعتقالات الجماعية بشكل رئيسي في القاهرة الكبرى (التي تشمل القاهرة والجيزة)، وكذلك في المناطق الحدودية لمحافظة أسوان أو داخل مدينة أسوان. وفي القاهرة والجيزة، أجرت الشرطة عمليات فحص جماعية للهوية تستهدف السود، مما زرع الخوف في مجتمع اللاجئين وأثنى الكثيرين عن مغادرة منازلهم.

بعد اعتقالهم من قبل الشرطة في أسوان، يتم نقل السودانيين  إلى أقسام الشرطة أو إلى معسكر قوات الأمن المركزي، وهو مكان احتجاز غير رسمي، في منطقة الشلال. يتم احتجاز الأشخاص الذين اعتقلتهم شرطة الحدود في محافظة أسوان في مراكز احتجاز مؤقتة، بما في ذلك مستودعات داخل موقع عسكري في أبو سمبل وإسطبل في موقع عسكري آخر بالقرب من نجع الكرور، قبل إجبارهم على ركوب الحافلات والشاحنات الصغيرة ونقلهم إلى الحدود السودانية.

 ويصف التقرير الظروف في مراكز الاحتجاز هذه بأنها "قاسية وغير إنسانية، وتتسم بالاكتظاظ، وعدم إمكانية الوصول إلى المراحيض ومرافق الصرف الصحي، وعدم كفاية الغذاء وسوء جودته، والحرمان من الرعاية الصحية الكافية".

كما وثقت منظمة العفو الدولية اعتقال ما لا يقل عن 14 لاجئاً في المستشفيات العامة في أسوان، حيث كانوا يتلقون العلاج من إصابات خطيرة أصيبوا بها في حوادث الطرق أثناء سفرهم إلى مصر قادمين من السودان.

وذكر التقرير شهادة امرأة سودانية تبلغ من العمر 32 عاما، فرت من الخرطوم مع والدتها، وكانت تتلقى العلاج في أحد مستشفيات أسوان بعد تعرضها لحادث سيارة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مما أدى إلى إصابتها بكسور في رقبتها وظهرها. وقالت إحدى أقربائها للمنظمة إن الأطباء أخبروها أنها ستحتاج إلى رعاية لمدة ثلاثة أشهر، لكن بعد 18 يوما فقط، نقلتها الشرطة إلى قسم الشرطة في أسوان حيث أُجبرت على النوم على الأرض حوالي 10 أيام.

مراكز احتجاز قذرة قبل عمليات الطرد الجماعي

وقام الفريق المختص بالتدقيق في الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية، بفحص صور ومقاطع فيديو تم التقاطها في كانون الثاني/يناير 2024، وتظهر نساء وأطفال يجلسون على أرضيات قذرة، وسط القمامة، في مستودع تسيطر عليه  شرطة الحدود المصرية. وقال معتقلون سابقون إن "المستودعات كانت موبوءة بأعشاش الجرذان والحمام، وكان المسجونون يتحملون الليالي الباردة دون ملابس أو بطانيات مناسبة. وكانت المستودعات التي يأوي فيها الرجال مكتظة، حيث يعيش أكثر من 100 رجل في ظروف صعبة مع محدودية الوصول إلى المراحيض الفائضة، مما يضطرهم إلى التبول في الزجاجات البلاستيكية ليلاً".

 وذكر المصدر ذاته أنه تم احتجاز ما لا يقل عن 11 طفلاً، بعضهم دون سن الرابعة، مع أمهاتهم في هذه المواقع.

ويستند التقرير إلى مقابلات مع اللاجئين المحتجزين وأقاربهم وأعضاء فاعلين في المجتمع المدني والمحامين والمهنيين الطبيين، فضلا عن مراجعة البيانات والوثائق الرسمية بالإضافة إلى وثائق مسجلة أو مصورة. ولم ترد وزارتا الدفاع والداخلية المصريتان على رسائل منظمة العفو الدولية التي شاركت فيها نتائجها وتوصياتها، في حين رفض المجلس القومي لحقوق الإنسان، مؤسسة حقوق الإنسان الرسمية في مصر، استنتاجات تقرير "أمنيستي" مؤكدة على احترام السلطات لالتزاماتها الدولية.

سياسة مصر للسيطرة على الهجرة والحدود

ويشرح التقرير أن الزيادة في الاعتقالات والطرد الجماعي، جاءت في أعقاب مرسوم أصدره رئيس الوزراء المصري في آب/أغسطس 2023، طالب فيه الرعايا الأجانب في مصر بتسوية أوضاعهم. وقد صاحب ذلك ارتفاع في المشاعر العنصرية والمعادية للأجانب، سواء على شبكة الإنترنت أو في وسائل الإعلام، فضلاً عن تصريحات المسؤولين الحكوميين التي تنتقد "العبء" الاقتصادي الناجم عن استضافة "ملايين" اللاجئين.

وفي الشهر الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن عدد اللاجئين في مصر يبلغ حوالي 9 ملايين شخص، وإن العبء المالي التي تتحمله مصر في قضية اللاجئين يصل إلى 10 مليارات دولار.

كما يأتي ذلك على خلفية تعزيز تعاون الاتحاد الأوروبي مع مصر في مجال الهجرة ومراقبة الحدود، على الرغم من "سجل حقوق الإنسان المروع والانتهاكات الموثقة ضد المهاجرين واللاجئين"، على حد تعبير التقرير.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إنه "في 2023، خصص الاتحاد الأوروبي 5 ملايين يورو كمساعدات إنسانية للتعليم، والاحتياجات الأساسية، والحماية لعامة السكان اللاجئين في مصر، بالإضافة إلى 20 مليون يورو مخصصة للوافدين الجدد من  السودان، وهي تغطي الغذاء، والمياه، والصرف الصحي، ومواد النظافة"، كما تم توقيع ما يسمى بـ"الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر" بقيمة 8 مليارات دولار، والتي تعتبر بند "الحد من الهجرة" أحد العوامل الأساسية لتلك الشراكة.

وعلقت سارة حشاش، نائبة المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، بأنه "خلال التعاون مع مصر في مجال الهجرة، دون ضمانات صارمة لحقوق الإنسان، يخاطر الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضغط على السلطات المصرية لتبني تدابير ملموسة لحماية اللاجئين والمهاجرين. ويجب على الاتحاد الأوروبي أيضا إجراء تقييمات صارمة لمخاطر حقوق الإنسان قبل تنفيذ أي اتفاقيات تعاون بشأن الهجرة، ووضع آليات مراقبة مستقلة ذات معايير واضحة لحقوق الإنسان. يجب مقاطعة التعاون أو تعليقه فورا في حالة وجود مخاطر أو بلاغات عن إساءة الاستخدام".

مهاجر نيوز 2024