1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"العروض العنصرية".. هكذا تتعامل أوروبا مع إرثها الاستعماري!

٢٠ أبريل ٢٠٢٣

هامبورغ، لشبونة، بروكسل، مدن أوروبية تشهد على تاريخ استعماري، حيث كانت ما يسمى بـ"حدائق البشر" تقدم فيها عروضا في خدمة قوالب نمطية عنصرية خلال وبعد الحقبة الاستعمارية. فكيف تتعامل أوروبا اليوم مع إرثها الاستعماري؟

https://p.dw.com/p/4QFHu
الصورة في بلجيكا التقطت عام 1913 تظهر أسرة من السنغال في ما كان يعرف بـ"حدائق البشر".
الصورة في بلجيكا التقطت عام 1913 تظهر أسرة من السنغال في ما كان يعرف بـ"حدائق البشر". صورة من: Leemage/IMAGO

كانت عروض "الناس الغرباء" شائعة في أوروبا خلال الحقبة الاستعمارية، فقد تم اختطاف أشخاص من المستعمرات بدءًا من القرن الخامس عشر. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، أصبحت ما تسمى بـ"حدائق البشر" حيث كانت تقام هذه العروض مشروعًا مربحًا للمشغلين الأوروبيين. وكان يتم الترويج لهذه المعارض العنصرية، تحت ذريعة البحث العلمي وإظهار "التفوق الحضاري" لأوروبا.

كان يجري جلب الناس من المستعمرات إلى أوروبا بوعود كاذبة، حيث كان عليهم العمل في ظل ظروف مهينة وكانوا يعرضون على أنهم "متوحشون" أو أكلة لحوم البشر. وحتى في أوروبا اليوم لا يزال هناك وعي عام قليل بهذا الفصل في التاريخ الاستعماري.

هامبورغ .. منشأ "العروض العنصرية" الحديثة

كان رجل الأعمال الألماني كارل هاغنبيك (من سكان هامبورغ) واحدًا من أوائل من جعلوا المعارض العنصرية مصدرًا للأرباح من خلال ما كان يعرف بـ "فولكرشاون Völkerschauen" (عروض الشعوب) التي افتتحها في عام 1874.

واليوم ينظر إلى هذه العروض من قبل المؤرخين وعلماء الاجتماع على أنها عنصرية بكل ما للكلمة من معنى. وقد حققت شركته، التي كانت تدير معرضا بنفس الاسم في المدينة، أرباحًا من هذه العروض حتى عقد الثلاثينات من القرن الماضي.

خلال هذه العروض، كان يتم عرض الناس "في بيئة مسرحية بدائية بشكل متعمد" واضطرارهم لنزع ملابسهم، وفقًا لما أوضحه المؤرخ يورغن زيمرر في مقابلة مع إذاعة NDR الألمانية. بينما اعتبر كلاوس هاغنبيك، الحفيد الرابع لمشغل "فولكرشاون"، هذه المعارض في الماضي على أنها "فن".

 وعلى الرغم من أن المؤسسة التي كان يملكها هاغنبيك قد أعلنت أنها سوف تتصالح مع ماضيها، إلا أنه لا توجد حتى الآن أي إشارة تذكر أو أي نقد لتلك المعارض سيئة الصيت.

كان رجل الأعمال كارل هاغنبيك من سكان هامبورغ من أوائل من جعلوا من المعارض العنصرية تجارة.
كان رجل الأعمال كارل هاغنبيك من سكان هامبورغ من أوائل من جعلوا من المعارض العنصرية تجارة.صورة من: Axel Heimken/dpa/picture alliance

البرتغال والحقبة الاستعمارية والديكتاتورية

في عاصمة البرتغال لشبونة، التي كانت مركزا استعماريا سابقا آخر، كان الأشخاص غير الأوروبيين يلعبون أدوارا "ثانوية في معرض الشعوب الأصلية" كجزء من المعرض البرتغالي العالمي في أواخر عام 1940. و"كان من المفترض أن يمارسوا حياتهم في حديقة نباتية في المدينة، وفقًا للصورة النمطية الاستعمارية."

يُظهر المعرض كيف يمجد ديكتاتور البرتغال في ذلك الوقت أنطونيو دي أوليفيرا سالازار الحقبة الاستعمارية لتقوية نظامه الاستبدادي. ولهذا فإن الكثير من الأفعال سيتم تحميلها لحقبة الديكتاتورية حين يتم معالجتها اليوم، كما توضح إلسا بيرالتا المؤرخة في جامعة لشبونة: "السرد الرئيسي للفترة الديمقراطية هو أن جرائم الحقبة الاستعمارية كانت مرتبطة بالديكتاتورية . وهذا لا يعكس المدة الطويلة للتاريخ الاستعماري البرتغالي".

حتى اللوحة التي تخلد الآن ذكرى "العروض العنصرية" في الحديقة النباتية تشير بشكل صريح إلى عصر سالازار فقط.

وتضيف بيرالتا أن الكثير من البرتغاليين لا يعلمون شيئا عن العروض العنصرية على أي حال. ومع ذلك، كان الماضي الاستعماري في السنوات الأخيرة موضوع نقاش عام بشكل متزايد، وإن كان بشكل أبطأ مما كان عليه في الدول الاستعمارية السابقة الأخرى.

وتوضح بيرالتا بالقول: "المجتمع البرتغالي يستيقظ ببطء مع هذه القضية، ولم يتم التعامل معها بشكل جدي بعد".

بلجيكا: ذاكرة أم نسخة أخرى من "حديقة عرقية"؟

وفي بلجيكا، كان الاحتجاج العام ضد جرائم الاستعمار واضحة بشكل خاص في السنوات الأخيرة. ففي عام 1958، نظمت البلاد "حدائق البشر" كجزء من المعرض العالمي في بروكسل - وهو أحد آخر العروض العنصرية على الإطلاق.

في الماضي، بُذلت محاولات لإحياء ذكرى هذا الفصل المظلم من التاريخ وضحاياه من خلال المعارض.

وتنتقد الناشطة وعالمة الأنثروبولوجيا ستيلا نيانشاما أوكيموا، عضو مجلس إدارة الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية (ENAR)، منظمي المعرض قائلة إنهم "أعادوا إنتاج ممارساتهم العنصرية جزئيا من خلال عرض صور للمعارض العرقية". وتضيف بأن المعرض تسبب لها "بالكثير من الصدمات".

معرض بلجيكا عام 1958
تصف أوكيموا زيارتها للمعرض قائلة: لقد "تسبب في الكثير من الصدمات".صورة من: Vasily Yegorov/TASS/IMAGO

ومن أجل التصالح مع الماضي، فهي ترى أن الاعتراف بهذه الصدمة أمر ضروري، لكنها ترى أيضا أن هناك القليل من الاستعداد للقيام بذلك. وكما يبدو فإن الأرقام تثبت صحتها: فوفقا لمسح أجري في عام 2020، ما زال نصف البلجيكيين يعتقدون أن الاستعمار كانت له جوانب إيجابية أكثر من السلبية على الكونغو مثلا.

المجتمعات الأوروبية لم تتغلب على عنصريتها

حقيقة أن  العروض البشرية العنصرية  اختفت أخيرا من الجمهور الأوروبي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لم تكن فقط بسبب الحساسية المتزايدة للممارسات العنصرية، بل إن السبب هو أن انتشار السينما والتلفزيون والسياحة الجماعية يمكن من تغيير الطريقة التي يمكن بها الآن زيارة الأشخاص "الغرياء".

وحتى يومنا هذا لم تتغلب المجتمعات الأوروبية بعد بشكل كامل على عنصريتها التاريخية المتزايدة تجاه السود. بلجيكا، على سبيل المثال، لم تعتذر رسميا عن جرائمها الاستعمارية خوفا من العواقب.

الناشطة أوكيموا متأكدة أن: "الناس لا يريدون الدخول في هذا الحوار، لأنه سيكون بمثابة فتح صندوق باندورا" المليء بالشرور وفق الميثولوجيا اليونانية.

فيرينس غال/ ع.خ

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد