" العرب يأتون إلى بون لأنهم هنا ليسوا مضطرين للتحدث بغير لغتهم"
٢٦ أغسطس ٢٠٠٨في أسواق بادجودسبرغ – أحد ضواحي مدينة بون- المنظمة والحيوية من حيث أبنيتها الملونة وتنوع محالها، يبرز الوجود العربي لمن يزور المنطقة للمرة الأولى، ليس فقط من خلال الملامح الشرق أوسطية لمعظم رواد هذه السوق والزي الإسلامي والكتابة العربية على المحال التجارية، ولكن أيضاً عبر الكلمات العربية التي تتقاطع في الأثير. من هناك رصد موقعنا بعضاً من آراء العرب المتواجدين في السوق، سواء كأصحاب محلات أم متسوقين أم سياح.
نافذة على الشرق
على الزاوية المحاذية للمحطة الأخيرة لخط حافلات بون، يوجد محل كازابلانكا للحلويات والأطعمة الشرقية، وقبل ساعتين من الظهيرة كان عمّال المحل منهمكين في إعداد قائمة من أطعمة اليوم، الطباخ المصري مدحت الغريب الذي يعمل هنا منذ 11 عاماً، يؤكد أن الأطعمة الشرقية تستهوي الألمان كما العرب، ويقول: "هنا لا أستطيع القول إني وحيد فمع هذا التواجد العربي لست بحاجة إلى الشعور بالغربة".
الفتاة الإماراتية نهى الصايغ كانت تتجول في المدينة وتضع على رأسها غطاء على الطريقة الخليجية، تقول إنها قدمت مع عائلتها إلى بون لقضاء الصيف بعد أن سمعوا بدورهم من الأقارب عن هدوء المدينة ووجود جالية عربية فيها وتقول:
"قضاء الصيف في دبي أمر صعب نظراً للطقس الحارق، فكان اختيار بون للتصييف هرباً من حرّ الخليج أمراً رائعاً".
بعض الألمان يفضلون الحلاقة العربية
صاحب محل الحلاقة "بابلون" هاني يوسف لاحظ منذ افتتح محله قبل ثلاث سنوات أن أكثرية زبائنه من الخليجيين واللبنانيين والسوريين، ويضيف بأنه يستقبل في الوقت نفسه زواراً ألماناً يقصدون محله لتفضيلهم الحلاقة العربية التي تهتم بتشذيب منطقة الذقن بتروي باستخدام موس الحلاقة، الأمر الذي لا يستعمل في محلات الحلاقة الغربية."يكفي أن يلاحظ الزائر العربي كتابة عربية على واجهة المحل، حتى يطمئن ويدخل، وقد تعمدنا وضع زاوية خاصة للمحجبات، حتى نراعي خصوصية الشريعة الإسلامية"، حسب قوله.
ومن داخل مطعم هورمان الذي ُصمّم على الشكل العربي الإسلامي من أثاث وجدران وثريات معلقة، تحدث مالكه العراقي سهيل الذي يعيش في بون منذ 13 عاماً عن سبب اختياره للمدينة بعد أن سمع عن جالية عربية لا بأس بها،: "بون اقتربت من أن تصبح مدينة عربية بسبب استقطابها للعديد من العرب سواء للإقامة أم السياحة". ومضى هورمان يقول عن سبب اختياره التصميم العربي الإسلامي لمطعمه: "أنا كعربي معنيٌ بإظهار التراث العربي والإسلامي، حتى نشارك الغرب في حضارتنا وذوقنا وأكلنا، وهذا يبدو واضحاً من خلال تصاميم المحل الذي أتبعت فيها الطابع العربي، حتى ينقل الزائر أياً كانت ثقافته إلى أجواء الشرق الساحرة" قال صاحب مطعم هورمان
بون مدينة مريحة للعرب
الشابة التونسية ليلى التي تعمل بائعة في محل للأثاث والمستلزمات المنزلية، لفت نظرها من خلال مشاهداتها اليومية، إقبال الألمان على شراء بعض القطع العربية يدوية الصنع كالأثاث والأباريق والأواني. ومن نفس المكان تحدث صاحب المحل السوري الأصل والتركي النشأة زكي يلمص عن تركيزه منذ فتح محله قبيل ثلاث سنوات على نقل الذوق العربي في المستلزمات المنزلية والأثاث إلى ألمانيا، ويؤكد أنه قرّر فتح هذا المحل في بون لأن نسبة العرب جيدة وبعض الألمان والأوربيين يحبّون اقتناء القطع الشرقية.
ويؤكد يلمص أن: "العرب يفضلون بون ربما لأنهم ليسوا بحاجة إلى أن يتكلموا لغة أخرى غير لغتهم الأم، فهناك العرب المقيمون منذ زمن، وهناك المترجمون المتخصصون في كافة المعاملات، والمحال العربية التي نقلت معها روح الشرق، وطبعاً الجو اللطيف البعيد عن الازدحام "
وفي أحد محلات " أي قطعة بيورو" كانت السيدة العراقية انتظار عبد النور تتسوق هناك. ذكرت أنها قدمت إلى ألمانيا منذ 15 عاماً، بعد أن قررت الانتقال مع زوجها من شرق ألمانيا إلى غربها بتشجيع قريب لهما للقدوم إلى بون. وعن تجربتها في هذا السياق تقول: "أشعر بالغبطة وأنا أرى العرب والعراقيين من حولي، إنه شعور جميل".
حين يذكر اسم "بون" يجمعُ عرب ألمانيا على أنها مدينة جذب للسياحة العربية، فهي تستقطبهم لتواجد عدد لا بأس به من أبناء الجلدة الواحدة وما رافق وجودهم من مظاهر مادية ومعنوية، كما لا يمكن إغفال ما يميز تلك المدينة تاريخياً كعاصمة لألمانيا الغربية سابقا التي كانت بطبيعة الحال تستضيف السفارات العربية، هذا عدا توفر مكاتب الخدمات الصحية العربية لتسهيل علاج المرضى العرب في المستشفيات الألمانية.