1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق: تصدع العملية السياسية وتدهور الأمن

١٢ يناير ٢٠١٢

يرى جاسم محمد أن العراق يعاني من غياب إستراتيجية الأمن القومي في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية وسط تراجع الشراكة السياسية منذ تشكيل مجلس الحكم الانتقالي في تموز 2003 والإبقاء على حكومة غير كاملة النصاب .

https://p.dw.com/p/S6BD
صورة من: Karlos Zurutuza/AP/DW

العملية السياسية: طريق مسدود

اتخذت بعض الشخصيات السياسية قرار الانسحاب من كتلها وإعادة حساباتها بعد استفحال هذا التصدع لإعادة تنظيمها بعد ان وصلت العملية السياسية الى طريق مسدود في أعقاب خبر تورط حماية طارق الهاشمي/ نائب رئيس الجمهورية في عمليات إرهابية ومطالبة الشرطة الاتحادية حكومة كردستان المحلية بتسليم طارق الهاشمي بموجب مذكرة قضائية تناولتها وكالات الأنباء العالمية قائلة " طالبت وزارة الداخلية إقليم كردستان تسليم نائب الرئيس العراقى طارق الهاشمى لصدور أمر من القضاء بإلقاء القبض عليه وقالت الوزارة فى بيان لها في التاسع من كانون الثاني 2012 إنها طالبت وزارة داخلية إقليم كردستان بتسلم الهاشمى ومرافقيه وعددهم 14 شخصا الذين صدر بحقهم مذكرات ضبط من القضاء وفق المادة الرابعة من قانون الإرهاب العراقى . "

العنف مازال يضرب بغداد ومدن العراق بكل أشكاله ويختار الأهداف و التوقيتات المتزامنة مع الأزمات السياسية ويبدو ان وتيرة العنف في العراق لا يمكن فرملتها طالما هنالك الطاولة المستديرة وحكومة الشراكة والتوافق والمحاصصة والتي تعني جميعها الاتفاق على البقاء في السلطة وتغيب المعارضة داخل البرلمان ويرى المراقبون بان العراق اجتماعات الكتل في اربيل او في بغداد سوف لا تخرج العراق من هذه الدوامة الا بتشكيل حكومة أغلبية برلمانية مسؤولة أمام الشعب وممثليه في البرلمان .

القاعدة: اختلاف واتفاق مع الفصائل العراقية

ارتبط الإرهاب والعمليات الانتحارية في العراق بالمقاتلين العرب حتى عام 2006 بعد مقتل الزرقاوي وأبو عمر البغدادي وتراجع تنظيم القاعدة في العراق بعودة اغلب مقاتليه الى معاقلهم الأصلية ، لكن شبكة القاعدة زرعت بذورها في حواضنها داخل العراق ليكون الإرهاب ناتجا محليا يقوم على ذريعة عقائدية بمقاتلة قوات الاحتلال ومن يتعاون معه وليصبح العراق درسا ونموذجا في استنساخ التجارب بل عرقنتها ليفوق معاقلها في أفغانستان وباكستان والصومال واليمن .

في 31/07/2007 قال مايكل اوهانولون الخبير في معهد بروكينغز لوكالة فرانس برس إن الجيش الأمريكي أحرز تقدما كبيرا في مكافحة القاعدة في العراق وان مكافحة تنظيم القاعدة ازداد فاعلية بفضل تعاون العراقيين و إن عدد عناصر تنظيم القاعدة في العراق لا يتعدى بضع مئات غير انه في وسعها تجنيد عناصر جدد من بين آلاف المقاتلين من الجماعات الأخرى ".

وبحسب قادة عسكريين أميركيين آخرين فان التنظيم تقوده مجموعة صغيرة من المقاتلين العرب ، في حين يشكل العراقيون 95 % من مقاتليه . والخلافات مابين قيادات القاعدة ومقاتليه من العراقيين أفرزت مجموعات عراقية إسلامية أصولية مسلحة تعمل ضمن وحي القاعدة بعد ان اكتسبت الخبرات وتمرست في العمليات القتالية .

وتعمل هذه الفصائل المحلية تحت عناوين مختلفة ضمن وحي الفكر الجهادي ولها مرجعياتها المختلفة عن القاعدة وتلتقي فيما بينها بالخطوط العريضة لرسم خارطة الأهداف من خلال اجتماعات لعقد اتفاقاتهم وفقا لبيانات كتائب ثورة العشرين في صحيفة لوس انجلس تايمز في الثامن والعشرين من شهر مايس 2007 و هنالك تنسيق فيما بينها رغم اختلافها فمثلا التيار السلفي التكفيري يستخدم أقصى حالات العنف والقتل وباستهداف المدنيين والمتعاونين مع القوات الأميركية والذين يخالفون خلافته الإسلامية الافتراضية ، قد تحرمها بقيه الفصائل وتحلل فقط استهداف القوات الأميركية .

وباتت المجموعات التي تتبنى العمليات المسلحة تعمل تحت غطاء إسلامي أكثر من الوطني او القومي حتى أصبحت تلك الفصائل تطالب متطوعيها إعلان براءتها من تنظيماتها السابقة . أما علاقة بعض المجموعات الإسلامية العراقية المسلحة وتنظيم القاعدة فقد وصلت إلى حد تصفية رفاق الأمس من الصحوات .

فلم يقتصر الخلاف بين الجيش الإسلامي في العراق على دولة العراق الإسلامية أو تنظيم القاعدة أو جيش الفاتحين أو جيش المجاهدين وغيرها من الخلافات المعلنة في وسائل الإعلام بل مع كل الفصائل السلفية الجهادية ومن أهمها جماعة أنصار السنّة وقالت صحيفة لوس أنجلس تايمز في 28/3/2007 نقلاً عن كتائب ثورة العشرين قولها "، اتفقنا في السابق مع تنظيم القاعدة على مقاتلة العدو لكننا مختلفون معها بشأن موضوع استهداف المدنيين فالقاعدة لها أجندة عالمية وليست عراقية " . لذا كان الطلاق بين تلك الفصائل الإسلامية والقاعدة بائنا غير رجعي .

الإرهاب السياسي

تداعيات الإرهاب في العراق وتورط بعض الشخصيات أو الكتل السياسية في عمليات إرهابية تجعلنا نراجع كل العمليات السابقة والجهات التي أعلنت مسؤولية القيام بها وسنكون أمام خلاصتين هما:

أما أن العملية السياسية كانت أصلا مفخخة بإشراك كتل سياسية وشخصيات متورطة بالإرهاب تهدف إلى إفشال أي مشروع وطني عراقي محتمل وعرقلة العملية السياسية .

وأما نحن أمام كتل سياسية تستفيد من إبقاء الفوضى في العراق فيكون لديها تنسيق وعلاقات مع المجموعات المسلحة وهي من تختار توقيت عملياتها الإرهابية مع كل أزمة لفرض أجندتها على الأطراف الأخرى وفي كلتا الحالتين نحن أمام إرهاب سياسي وبامتياز.

ويقول نواب عراقيون بان هنالك تجار عراقيون يحصلون على دعم دول أجنبية ويؤثرون سلبا على العملية السياسية في العراق وفقا لتقرير جريدة المدى العراقية في الثالث من تموز 2011 بالإضافة إلى اعترافات بعض النواب العراقيين على الفضائيات في أعقاب تصعيد قضية طارق الهاشمي . هذا المؤشر الخطير يجعلنا لا نستبعد تمويل ذات التجار للمجموعات المسلحة المحلية لخدمة مصالحها .

وكأنها حرب انكشارية مفتوحة ضد العراقيين في ظل أزمة تشكيل حكومة كاملة النصاب بهدف إبقاء العراق ضعيفا يعيش فوضى مفتوحة على كل الاحتمالات وصعود دول أخرى للواجهة اقتصاديا وسياسيا.

لقد عاد التوتر ليسود المناخ السياسي ويغذي الصراعات التي تزيد من احتمالات تقسيم العراق بعد إتمام الانسحاب القوات الأميركية نهاية شهر كانون الأول 2011 .

جاسم محمد

مراجعة ملهم الملائكة