1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق بعد عام من استعادة السلطة: بين الحلم والواقع الأليم

اعداد: زاهي علاوي

يمر اليوم عام على إعادة السلطة للعراقيين. نجحت أثناءه الحكومة في تحقيق تحسن طفيف في الأوضاع الاجتماعية، لكنها فشلت في وقف التدهور الأمني. أما الرئيس بوش فسيلقي كلمة بهذه المناسبة محاولا استعادة ثقة الأمريكيين في سياسته.

https://p.dw.com/p/6q4x
الغموض والحيرة لا زالت تلف مستقبل الحياة في العراقصورة من: AP

من يصدق أن عاماً كاملاً يمر اليوم على تسلم العراقيين زمام أمورهم بأنفسهم؟، فالأنباء التي تصل يومياً من بلاد الرافدين لا تبعث على التفاؤل، وتؤكد أن حالة الحرب لا تزال مستمرة، وأن حلم استقرار الأوضاع الداخلية بعد الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين لا يزال بعيد المنال. ويبدو أن الآمال التي انعقدت على الحكومة العراقية المستقلة بعد النجاح في تكوينها بدأت تخبو بمرور الوقت، لتؤكد على أن الوضع الذي أسفر عنه الاحتلال الأمريكي في البلاد هو وضع خارج عن أي سيطرة.

ومن ناحية أخرى تجيء الذكرى الأولى لإعادة السيادة للعراقيين متزامنة مع سلسلة من التفجيرات الانتحارية والهجمات الدموية من جانب مسلحين في العراق تسببت في تقويض ثقة الشعب الأمريكي في سياسة رئيسه. وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة تدني معدلات التأييد لبوش إلى أدنى مستوياتها خلال رئاسته ويعود ذلك إلى المخاوف المتنامية بخصوص العراق. لذلك يحاول الرئيس الأمريكي تقوية الدعم المهتز لحرب العراق بخطاب إلى الأمة مساء اليوم الثلاثاء يناشد خلاله الأمريكيين الثبات والاستعداد للمزيد من الدماء. وسوف يلقي بوش رسالته وسط الجنود في قاعدة فورت براج العسكرية بولاية نورث كارولاينا في وقت تحاول فيه الإدارة إظهار العراق كجزء من حرب الرئيس العالمية والأوسع على الإرهاب والتي تحظى بشعبية أكبر.

المحصلة التي يخرج بها المتابع للشأن العراقي هي أن تشكيل الجمعية الوطنية وما تلاه من تشكيل الحكومة لم يساهم في تحسين الأوضاع الداخلية. فهاجس الخوف لا يقتصر اليوم على الوضع الأمني فحسب وإنما يمتد أيضا ليخيم على الوضع الاقتصادي الآخذ في التردي، وذلك لأن الكل ينتظر حتى تستقر الأمور وخاصة الأمنية، حسب ما قاله د. حليم الحجاج، ممثل اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية (GIC Ltd.) في العراق، وأضاف في مقابلة مع الدويتشه فيله "بأن الحياة اليومية للشعب العراقي من الأمور المعقدة والتي يصعب فهمها والتعامل معها، حيث أننا لا نعرف عندما نستيقظ في الصباح فيما إذا كانت الشوارع والطرقات مغلقة. وعندما يكون لدينا مواعيد لا نعرف فيما إذا كنا سنصل إلى موعدنا مباشرة أو بعد ساعة أو ساعتين، وقد يتم في بعض الأحيان إلغاء الكثير من المواعيد نظرا للوضع الأمني الصعب والاغلاقات المستمرة. إلى جانب هذا كله فإننا نتوقع في كثير من الأحيان حصول إنفجارات."

تزايد العمليات بين التصريحات الأمريكية والواقع المر

Terror im Irak weitet sich aus
القصف والتفجيرات صور الحياة اليومية في العراقصورة من: AP

لم يشهد العراق موجة من العمليات الانتحارية بهذه الكثافة منذ اندلاع الحرب العراقية الثالثة، كما شهدتها الفترة بعد تولي العراقيين للسلطة، فمنذ استلام الجعفري وحكومته سدة الحكم ازدادت حدة التفجيرات والعمليات الانتحارية في العراق، وأصبحت موجهة إلى قوات الأمن العراقية والشعب العراقي أكثر منه إلى القوات الأمريكية التي تجوب الشوارع والطرقات صباح مساء. فرغم إعلان القوات الأمريكية والعراقية في الفترة السابقة عن نجاحات في العمليات ضد الجماعات المسلحة، إلا أن حدة التفجيرات لم تهدأ، بل ازدادت شراسة. فلم يعد يمر يوما دون وقوع ضحايا العمليات الإرهابية. من جهة أخرى تزداد مرارة العيش في العراق يوما بعد يوم، فمن نقص لضرورات الحياة اليومية، إلى انقطاع الماء والكهرباء، مرورا بالتشاؤم العام كلها أمور تحكم الشارع العراقي، وهنا يقول د. حليم الحجاج، رئيس الاتحاد الألماني العراقي في بغداد: "فقط في الأسبوع الماضي كنا أربعة أيام متواصلة دون مياه، هذا إضافة إلى الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، فبعد انقطاعها لمدة أربعة ساعات ، نحصل على الكهرباء فقط لمدة ساعتين، وفي أيام الحر هذه لا يمكن تحمل العيش دون تشغيل المكيفات، الأمر الذي يزيدة قساوة العيش."

بين حرية الصحافة والانفلات الأمني

Allgemeines Bild - Pressefreiheit
عمل الصجفيين بين حرية التعبير ومخاوف التفجير

يعد التاسع من نيسان/أبريل يوما مشهودا للصحافة والعمل الصحفي في العراق، فبعد أجراء الانتخابات العراقية وتشكيل الحكومة الجديدة رأت الصحافة النور، حيث أصبح هناك إعلام منفتح إلى جانب ثورة في عدد الصحف والإذاعات والفضائيات في العراق، لكن من جهة أخرى وحسب ما قاله مدير تحرير صحيفة المدى العراقية، عبد الزهرة زكي بأنه "لا يمكن الحديث عن حرية صحافة تامة وشاملة في العراق، خاصة وأن الظروف الأمنية سيئة وصعبة في البلاد، الأمر الذي يسهم في تقييد حركة وحرية الصحفيين، هذا إضافة إلى عدم وجود قانون يحدد العمل الإعلامي، الأمر الذي يعني انفلات الإدارات وتقييد حريات الكثير من الصحفيين. من جهة أخرى فإن تدخل الجماعات المسلحة والأحزاب إضافة إلى التدخل الحكومي غير المباشر يسهم في تحديد حرية الصحافة والعمل الإعلامي. إلى جانب ذلك فإن الخطر يلاحق الصحفيين من كل جانب، حيث لا يمكن تحديد مصادر النيران." ورغم إغلاق بعض المكاتب الصحفية كمكتب قناة الجزيرة ومنعها من العمل في العراق إضافة إلى الإغلاق الجزئي لمكتب قناة العربية إلا أن الصحافة العراقية تتمتع بحرية تمكنها من العمل في بلاد الرافدين. ويضيف الصحفي والأب لأربعة أطفال بأن انتقال السلطة للعراقيين لم يضع حدا للانفلات الأمني والتدخل الأمريكي خاصة وأن هذه القوات احتفظت بالسيطرة الأمنية في البلاد ولذا "فإننا نجد الدبابات والآليات العسكرية تجوب الشوارع صباح مساء، دون أن يحد ذلك من العمليات الانتحارية التي كان معظم ضحاياها للأسف من المواطنين الأبرياء."

عام من التراجع وإعادة الحسابات الأمريكية

Donald Rumsfeld vor der Presse
وزير الدفاع الأمريكي رمسفيلد في حديثه للصحفيينصورة من: AP

ويضيف مدير التحرير زكي بأن انتقال السلطة للعراقيين جلب بعض الايجابيات وكم كبير من السلبيات، "فمن ناحية أجريت الانتخابات العراقية وتم نقل السلطة لأول مرة بصورة ديمقراطية وسلمية، إضافة إلى تشكيل الجمعية الوطنية رغم عدم وجود اجماع وطني وغياب السنة عن الانتخابات، وأصبح هناك تطور في الجيش والشرطة، الأمر الذي ساعد على تقليص الجريمة والمخالفات القانونية، إضافة إلى تشكيل هيئات إدارية جديدة. إلا أن الحكومة لم تستطع لغاية الآن حماية المواطنيين من الهجمات الانتحارية ولكنها حدت في المقابل من استهداف أعضائها من قبل المسلحين. هذا إلى جانب استمرار التراجع الأمني والفساد الإداري وكذلك الانقسام الطائفي وتقسيم المحافظات والبلدات التي أصبحت تحكمها هذه الطائفية. إلى جانب هذا كله هناك نقص كبير في الخدمات العامة إضافة إلى الفساد الإداري وارتفاع نسبة البطالة". ويكمل عبد الزهرة زكي حديثه قائلا: "إنه وبعد مضي عام على تسلم العراقيين للسلطة، إلا أن الوضع لا زال أمام مأزق حقيقي وخاصة بالنسبة للقوات الأمريكية التي بدأت تبحث عن مخرج لها من العراق، الأمر الذي دفع بوزير الدفاع الأمريكي رمسفيلد للتفاوض مع الجماعات المسلحة التي تطالب بانسحاب القوات الأمريكية من العراق، هذا الضغط سيؤتي ثماره، وأتوقع بأن القوات الأمريكية ستنسحب من المدن والبلدات العراقية وستتمركز في معسكرات خاصة بها خارج المدن، وكانت دلالات ذلك واضحة في الفترة السابقة حيث تم زج القوات العراقية في معارك لوحدها ضد الجماعات المسلحة، دون تدخل القوات الأمريكية."

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد