1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصومال: عقود من النزوح في بلاد لا تعرف الاستقرار

١ مارس ٢٠١٢

حركة نزوح جديدة تشهدها الصومال نحو عاصمتها مقديشو بعد تقدم القوات الحكومية وجنود حفظ السلام الإفريقية نحو المناطق التي مازالت تحت سيطرة حركة شباب المجاهدين المتطرفة. بعض من هؤلاء كانوا قد هاجروا قبل سنوات من العاصمة.

https://p.dw.com/p/14CXJ
صورة من: DW

بعد خطة الحكومة الصومالية وقوات حفظ السلام الإفريقية للهجوم على آخر مناطق النفوذ لعناصر حركة شباب المجاهدين المتطرفة، بدأ سكان هذه المناطق بالفرار إلي العاصمة مقديشو خوفا من تعرض حياتهم للخطر، وذلك عقب تقدم جنود الحكومة الصومالية والقوة الإفريقية الداعمة لها إلى مسافات قريبة من معاقل حركة الشباب الصومالية والسيطرة على بعضها أيضا. ويأتي ذلك استمرارا لعمليات النزوح إذ كان آلاف من الصوماليين قد فروا إلى ضواحي العاصمة بسبب الحرب الأهلية وهاهم اليوم يعودون وبنفس السبب، ليتشابه حالهم مع حال الرعاة في البوادي الذين ينتقلون من حين لآخر ومن مكان لآخر ، للوصول إلى أماكن صالحة لهم خلافا مع أهل المدن.

وإجراءات الانتقال إلى العاصمة ليست بالأمر السهل وتتطلب كثيرا من الجهد، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بإنسان بسيط يكافح من أجل قوته وقوت عياله. وفجأة ودون إنذار مسبق تنشأ المخاوف لدى هذا الإنسان ويحاول النزوح من المناطق المتوترة أو من تلك التي ستكون علي موعد مع حرب شرسة وفي أية لحظة. يستأجر كثير من هؤلاء سيارات لنقلهم ونقل أمتعتهم، بينما الآخرون الذين عجزوا عن استئجار السيارات بسبب ضيق ذات اليد، شاءت أقدارهم أن يصلوا إلى العاصمة سيرا علي الأقدام حاملين على ظهورهم ما خف من أمتعتهم.

الهروب من مناطق سيطرة شباب المجاهدين

Somalia - Auswanderung
نزوح من "عيلشا بيها" إلى العاصمة الصومالية مقديشوصورة من: DW

"شريفة نور" حالفها الحظ لاستئجار سيارة تنقل أفراد أسرتها المكونة من تسعة أشخاص. شريفة تقول لموقع DW عربية من داخل نافذة سيارتها المتوقفة بالقرب من نقطة تفتيش للقوات الحكومية في تقاطع "إكس كونترول" الاستراتيجي بجنوبي العاصمة "نزحنا من منطقة (عيلشا بيها) ونريد الآن العودة إلى ديارنا". ومنطقة "عيلشا بيها" احتضنت معظم النازحين الصوماليين الفارين من حرب العاصمة المتتالية منذ دخول القوات الإثيوبية إلى العاصمة مقديشو لمساعدة حكومة عبد الله يوسف في نهاية عام 2006. وبدأ بعض التجار في هذه المنطقة بتأسيس محلات تجارية كبيرة لتشهد حركة تجارة واسعة. ومن هؤلاء "راحو شيخ" التي كانت تملك دكانا في "عيلشا بيها" قبل انتقالها إلى مقديشو. راحو شيخ تتحدث لموقع DW عربية عن قصتها بالقول: "كان لدي دكان كبير هناك وكانت الحركة التجارية جيدة ولكننا اضطررنا للانتقال نتيجة مخاوف الحرب". وتضيف هذه السيدة أنها تعرضت لانتكاسة اقتصادية بعد إغلاق دكانها هناك وتقول: "لقد تعرضت لمشكلة اقتصادية نتجت عن إغلاق دكاني، لأننا دفعنا إيجار المبني مقدما لمدة عام ولم نتمكن من إكمال هذه المدة".

ولا يخلو الأمر من صعوبات عند الخروج من "عيلشا بيها" الخاضعة لسيطرة الإسلاميين. فحسب راحو شيخ يفرض شباب المجاهدين مبالغ باهظة على السيارات وخاصة تلك التي تنقل النازحين وأمتعتهم، مشيرة إلى أن مشكلتهم تتضاعف مع هذا الأمر "معظم هؤلاء من المساكين ولا يستطيعون حتى دفع تكاليف النزوح، ومع ذلك فرضت حركة الشباب عليهم مبالغ كبيرة". وتتساءل ونبرة الغضب علي وجهها "حقيقة قلوبهم قاسية، فكيف أقدموا على ذلك؟ وكيف يستطيع النازحون أن يدفعوا مثل هذه الأموال وخاصة أن بعضهم يعجز عن دفع تكاليف النزوح".

الوصول إلى العاصمة سيرا على الأقدام

Somalia - Auswanderung
نزوح سيرا على الأقدام أيضا لمن يستطيع تأمين سيارة نقلصورة من: DW

يفضل بعض النازحين الوصول إلى العاصمة سيرا علي الأقدام. ورغما عن أنفهم، أمهات وأطفالهن يمرون على نقاط ساخنة بين طرفي الصراع وحينها يزداد الخوف لديهم. فالضغط على زناد بندقية كلاشنكوف استعدادا لخوض معركة حاسمة هو السمة الأبرز التي أجبرتهم على العودة إلى مقديشو التي هي الأخرى "شربت دم أبنائها خارج إرادتها"، كما يقول بعض النازحين. وعن ذلك تعبر "مريم" عن حزنها قائلة "نحن لم نستطع دفع تكاليف النزوح لذلك وصلنا هنا سيرا علي الأقدام كما ترون". مريم أم لأربعة أولاد نزحت إلى "عيلشا بيها" قبل ثلاثة أعوام هربا من نيران المتقاتلين، وتستطرد لموقع DW عربية بالقول: "عشت هناك لمدة ثلاثة أعوام عقب القتال في العاصمة والآن نسمع أن الحكومة ستهاجم على المناطق الخاضعة لحركة الشباب".

بعد اكتمال إجراءات النزوح والوصول إلى العاصمة فإن البعض لا يعرف وجهته الثانية لأن هؤلاء أصلا كانوا نازحين داخل مقديشو ويسكنون في المباني الحكومية القديمة، حيث بدأت الحكومة في الآونة الأخيرة خطة للاستيلاء على تلك المباني من أجل إعادة الإعمار لغرض الاستفادة منها.

"نمعة" من هؤلاء وهي في الثلاثين من عمرها تقف إلى جانب الطريق في العاصمة مقديشو بعد وصولها من "عيلشا بيها" مع ظروف الرحلة القاسية. مجموعة من المارة ينظرون إلى وجه "نمعة" التي تذرف دموع الحزن، لأنها لا تعرف وجهتها الثانية بعد مجيئها إلى مقديشو. فنمعة كانت نازحة للعاصمة قبل أن تهجرها إلى "عيلشا" وكانت تعيش أيضا في أحد المباني الحكومية القديمة. تقول نمعة بصوت متحشرج لموقع DW عربية "أنا لا أعرف مكانا لأذهب إليه....أطلب من إخواني أن يساعدونني"، ولم تستطع الاستمرار في الكلام.

عبد القادر فودي ـ مقديشو

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد