1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السجن المؤبد على قاتل المخرج الهولندي فان جوخ

محمد بويري اغتال المخرج الهولندي ثيو فان جوخ عمداً بحجة الدفاع عن الإسلام. هذا الاغتيال الذي ينم عن تعصب أعمى وعدم قبول الآخر لن يقعده السجن مدى الحياة، وإنما سيلقي بظلاله السلبية على حياة الجاليات الأسلامية في أوروبا.

https://p.dw.com/p/6uGq
رسم لقاعدة المحكمة في امستردامصورة من: dpa / Benelux-Press

أصدرت محكمة هولندية اليوم حكما بالسجن مدى الحياة على قاتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ. وجاء الحكم بعد إقرار الجاني بجريمته واستعداده لتكرارها إذا توفرت له الظروف المؤاتية. وقد أثارت الجريمة التي ارتكبها محمد نويري (27 عاماً) وهو نجل أحد المهاجرين المغاربة توترا عرقيا ودينيا في هولندا وبلدان أوروبية أخرى. وجاء في تبرير الحكم أ أنه يجب حماية المجتمع من المتهم الذي أكد استعداده لا رتكاب جرائم جديدة. وبرر الجاني هذا الاستعداد بواجب قتل من يهين الله والنبي محمد على حد تعبيره. أما المخرج الضحية فقد اثارت أعماله الفنية وخاصة فيلمه "الخضوع" غضب الجالية المسلمة في هولندا على أساس أنه أساء إلى الإسلام من خلاله ومن خلال أعمال أخرى

بداية القضية

Jahresrückblick 2004 November Theo van Gogh
المخرج المثير للجدل ثيو فان جوخصورة من: AP

كان المخرج الهولندي قد ثيو فان جوخ قد اخرج فليما وثائقيا مدته 11 دقيقة، كتبت السيناريو له عضو البرلمان الهولندي من اصل صومالي ، ايان حرسي علي، التي تصف نفسها بأنها "مسلمة سابقة". والفيلم الذي حمل عنوان "الخضوع" يتحدث عن وضع المرأه في الإسلام، وقد اعتبر مسيئا للدين الإسلامي وبأنه يثير مشاعر العداء للإسلام، بتقديمه صوره غير صحيحة عن اضطهاد المرآة في المجتمعات الإسلامية. وقد ظهرت في الفيلم الذي أثار موجة غضب في الأوساط الإسلامية نساء نقشت على أجسادهن آيات قرآنية في شكل سلاسل تعبيرا عن القيود. وقد تسبب الفيلم في مقتل مخرجه الذي كان قد تلقى تهديدا بالقتل في وقت سابق، كما عثر على رسالة مثبته على جثة فان جوخ فيها تهديد للسياسية وكاتبة السيناريو، حرسي علي، بالمصير نفسه وباتهامها بقيادة حملة صليبية على الإسلام.

مثال للتطرف؟

Prozessbeginn im Mordfall Theo van Gogh Angeklagter Mohammed B. (Bouyeri)
القاتل محمد بويريصورة من: dpa

يمثل محمد بويري ( 26 عاما) الذي ينحدر من أسرة مغربية تنتمي إلى الجيل الأول من المهاجرين "حالة" من"الانفصام" التي يعيشها بعض من الذين ينتمون إلى الجيل المهاجر إلى الغرب والذي ولد وعاش في المهجر، في المجتمع الغربي تحديدا، و في ظل ثقافة مختلفة عن تلك التي جاء منها أو التي ينتمي إليها وبالتالي لم يستطع التعايش مع المجتمع الذي يعيش فيه والقبول بالرأي الأخر التحاور معه، إذا استدعى الأمر للحوار، بلغة غير" لغة القتل". هذا الجيل نشاء وترعرع في المجتمع الغربي ودرس في مدارسه التي لا يمكن أن تتهم بأنها " تفرخ" إرهابيين ومع ذلك فهو لم يندمج في هذه المجتمعات وظل تائها بين هويتيين.

أما ثيو فان جوخ فهو يعكس حالة من التطرف المتمثل في عدم القبول بالأخر واحترام خصوصياته الثقافية ومعتقداته. فقد عرف عن المخرج السينمائي آرائه المثيرة للجدل وبنقده اللاذع للإسلام والمجتمع المتعدد الثقافات بشكل لا يخلو من العنصرية، غير أنها ظلت أراء ومواقف في إطار الاختلاف السلمي "الديموقراطي" على عكس المثال الأول الذي لجأ إلى العنف لحسم" الخلاف".

عموما هاتان الحالتان لا تعكسان بأي حال من الأحوال ما يسمى" بصراع الحضارات" ولكنهما حالتان تشيران إلى وجود نوع من التطرف من الجانبيين والى عدم قدرة كل منهما على استيعاب الأخر والتعايش معه.

انعكاسات سلبية على الجالية العربية

Ayaan Hirsi Ali
النائبة الهولندية من أصل صومالي ايان هيسري علين صاحبة سيناريو فيلم الخضوعصورة من: AP

منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، تفجيرات مدريد عام 2004 وأخيرا تفجيرات لندن الأسبوع المنصرم، والجاليات العربية والإسلامية في الغرب تعيش وضعا حساسا لجهة علاقتها مع هذه المجتمعات رغم عدم علاقتها بالإرهاب وأدانتها له في أكثر من مناسبة. وفي المجتمع الهولندي الذي عرف بقدرته على التعايش مع الجاليات الأخرى بوئام، أدى مقتل الفنان فان جوخ ليس إلى تعكير أجواء التسامح والتعايش في هذا المجتمع فحسب، بل شهدت العلاقة مع الجالية العربية والإسلامية نوعا من التوتر والإحداث الدينية والعنصرية التي وصلت إلى حد الاعتداءات على عرب ومسلمين وإحراق بعض المساجد والمدارس الإسلامية. ويشكل المسلمون في هولندا حوالي 6% من عدد السكان.

الحادثة كان لها أيضا انعكاسات على الجالية العربية والإسلامية في أوروبا عموما حيث برزت بعض الممارسات العنصرية والمشاعر المعادية للمسلمين والإسلام في بعض الدول الأوروبية. فقد امتدت ردود الفعل على مقتل فان جوخ إلى ألمانيا وبلجيكا والنرويج حيث برزت بعض الدعوات إلى إعادة صياغة العلاقة مع المسلمين والى اتخاذ إجراءات لمحاربة "التطرف الإسلامي" ومنع ما اعتبر تهديدا للقيم الغربية.

تقرير: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد