1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الخناق الاقتصادي يطوق رقبة نظام الأسد"..فهل ينهار قريبا؟

كارستن كنيب/ عـادل الشـروعـات٣١ أغسطس ٢٠١٢

يشهد الاقتصاد السوري صعوبات كثيرة بسبب العقوبات الاقتصادية التي صعبت على حكومة دمشق إيجاد منفذ إلى السوق العالمية. ولحد الآن يبدو أن النظام ما يزال قادرا على تمويل الحرب. لكن تزيد، في الوقت نفسه، حاجته إلى دعم حلفائه.

https://p.dw.com/p/161l1
Supporters of Syrian President Bashar al-Assad run for cover as Turkish riot police use tear gas against them during a demonstration outside the "Friends of Syria" conference in Istanbul April 1, 2012. Turkish Prime Minister Tayyip Erdogan said the "legitimate demands of the Syrian people must be met, right here, right now" as Western and Arab countries met in Istanbul on Sunday to try to agree on how to support armed rebels fighting to unseat President Bashar al-Assad. Erdogan was addressing a meeting of mostly foreign ministers from around 70 countries including the United States and leading European Union and Gulf powers who call themselves the "Friends of Syria". Assad's forces pounded a pro-opposition neighbourhood of Homs city with artillery fire and mortars on Saturday, as his crackdown continued a day after the Syrian Foreign Ministry announced that the year-old revolt was over. REUTERS/Murad Sezer (TURKEY - Tags: POLITICS CIVIL UNREST)
صورة من: Reuters

أظهرت الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل إلى موسكو أن حاجة النظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى المساعدة الخارجية في تزايد مستمر. ولعل المفاوضات حول إمدادات النفط بشقيه الخام والمكرر والغاز، إلى جانب المفاوضات حول المساعدات المالية دون تحديد قيمتها، ما هي إلا إشارات على الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به حكومة دمشق.

وتعتبر أستاذة الدراسات الإسلامية والباحثة الاقتصادية آنيا زوروب أن عدم تسلم الموظفين الحكوميين السوريين لرواتبهم أو لجزء منها بمثابة دليل على أن العقوبات الدولية بدأت تعطي أكلها. وتقول زوروب "إن النظام بدأ يشعر بشدة بالخناق المالي الذي يطوق عنقه". ويعاني قطاع الطاقة في سوريا بشكل أكبر بسبب المقاطعة التي يعرفها تصدير النفط. فبحسب زوروب "كانت موارد النفط تشكل ثلاثين إلى أربعين في المائة من إيرادات الدولة". وبسبب الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ودول أخرى على المنتجات السورية، فقد حُرمت خزينة الدولة من هذه العائدات. هذا، إضافة إلى "غياب عائدات الضرائب وإيرادات الجمارك" كما تقول زوروب.

تراجع الاقتصاد على نطاق واسع

وقد أدت العقوبات الاقتصادية على سوريا إلى خفض إنتاج النفط الخام بشكل كبير. ففي عام 2010 كانت سوريا تنتج 385 ألف برميل يوميا، وقد تقلص هذا العدد إلى 182 ألف برميل في الوقت الحالي. ووفقا لذلك انخفضت عائدات سوريا من هذا القطاع من 12 مليار دولار إلى أربعة ملايين دولار.

وتظهر معلومات أخرى الحالة السيئة التي وصل إليها الاقتصاد السوري، والتي سيكون لها تأثير على القدرة القتالية للنظام على الأمد البعيد. وقد فقدت الليرة السورية حوالي نصف قيمتها منذ بداية الاضطرابات في البلاد قبل أكثر من عام ونصف. كما أنه من المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي العام خلال هذا العام بنسبة 14 إلى 20 في المائة. أما في ما يخص الدخل الفردي فقد تراجع من 4800 دولار تقريبا عام 2010 إلى 4260 دولار تقريبا عام 2012. وفي نفس الوقت، سجلت الأسعار ارتفاعا بلغ 30 في المائة خلال عام واحد. كل ذلك لا يؤثر فقط على الأسر السورية التي تعاني بشكل مباشر من هذه الأوضاع، بل أيضا على الدولة التي فقدت حوالي 40 في المائة من إيراداتها في ظل ارتفاع التكاليف بسبب الحرب الدائرة.

Anja Zorob Ruhr-Universität Bochum
الباحثة الاقتصادية آنيا زوروبصورة من: privat

صعوبة الوصول إلى المنتجات النفطية

ويوضح صامويل سيزوك، المحلل الاقتصادي المختص في قضايا الشرق الأوسط لدى شركة الاستشارات المالية البريطانية (KBC)، أن العقوبات الدولية وضعف الاقتصاد السوري صعّبا على نظام دمشق الوصول إلى المنتجات النفطية المكررة التي يحتاجها في الحرب التي يخوضها. فرغم أن سوريا قبل الحرب كانت تزود نفسها بالنفط الخام، إلا أنها كانت تستورد منتجاته المكررة من الخارج. لكن في الوقت الحالي، تجد سوريا نفسها أمام مصاعب متزايدة فيما يخص إنتاج النفط الخام.

ويقول سيزوك إن النظام السوري، في ظل هذه الأزمة، يجد نفسه مجبرا على الاعتماد على مساعدات الدول القليلة التي تدعمه. وقد حددها سيزوك في ثلاثة دول هي روسيا وإيران وفنزويلا. ويضيف الخبير سيزوك إن "كميات كبيرة من النفط الخام قد تم تصديرها إلى هذه الدول. لكن يصعب التكهن بالهدف من وراء هذه العملية". يضاف إلى ذلك، أن المعاملات التجارية مع روسيا أصبحت أكثر تعقيدا بالنسبة للأطراف المشاركة فيها بسبب سياسة المقاطعة التي تتهجها الدول الغربية. وقد أضحى ذلك جليا من خلال "تردد المؤسسات البنكية الروسية العملاقة في الدخول في صفقات مع سوريا مخافة أن تطالها أيضا عقوبات اقتصادية"، كما يوضح ذلك صامويل سيزوك.

Syrien Bürgerkrieg Panzer auf der Straße vor Homs
الآلات الحربية تستهلك الكثير من الوقود.صورة من: picture-alliance/dpa

إستمرار معاناة الشعب السوري

وصحيح أن نظام الأسد يواجه صعوبات كبيرة، لكن لا العقوبات الدولية ولا الصعوبات الاقتصادية ساعدت على الإطاحة به إلى حد الآن. وقد يمر وقت طويل قبل أن يسقط النظام كما يتوقع صامويل سيزوك، الذي يعتقد بسقوط النظام السوري في آخر المطاف.

ومن جهتها تخشى آنيا زوروب من تضاعف معاناة الشعب السوري طالما أن النظام باقٍ في السلطة. وتتوقع زوروب "أن تزداد الوضعية سوءا، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يوجدون في حالة فرار أو الذين يعيشون في معاقل الاحتجاج في ظروف مزرية". ومع اشتداد الخناق على النظام السوري تزيد حاجته إلى دعم حلفائه. وإذا ما استجاب هؤلاء فسيواصل النظام حربه على شعبه، مما سيؤدي إلى تدمير البلاد وأسسها الاقتصادية.