بيتر بوش: "داعش" يريد إجبار الغرب على المواجهة
٢٢ فبراير ٢٠١٥DW: ما هو الهدف الدعائي الذي يصبو إليه تنظيم "الدولة الإسلامية" بنشر فيديوهات الإعدامات؟
بيتر بوش: الدعاية موجهة إلى عدة مجموعات. وفي الدرجة الأولى هي موجهة إلى الذين ينتمون مسبقا إلى هذا التنظيم. وهذا يعني أنها موجهة لمن يؤمنون بـ "الدولة الإسلامية" أو من يقاتلون من أجلها. العدد الكبير للصور ومقاطع الفيديو المتوفر حاليا يمكن اعتباره استعراضا للقوة. ولكنه دليل على الضعف أيضا: فرسائل النجاح ضرورية من أجل الحفاظ على الروح المعنوية عاليةً.
لكن الدعاية موجهة إلى مجموعتين أخريين أيضا: إلى الذين سيتم تجنيدهم وإلى العدد الكبير من الخصوم. ومن جهة أخرى الهدف أيضا تشويه معارضين داخليين كتنظيم القاعدة على سبيل المثال. فرغم أن للتنظيمين الأيديولوجية نفسها إلا أن تفكير كل منهما السياسي مختلف. من ناحية أخرى الهدف هو تحقيق الصدمة لدى الحكومات الغربية ودفعها إلى المواجهة. ويمكن اعتبار مجرد حديثنا الآن عن تنظيم "الدولة الإسلامية" بأنه نجاح للتنظيم من وجهة نظر المنتمين إليه.
لقد قلتَ إن تنظيم "الدولة الإسلامية" يريد من خلال نشر أشرطة الفيديو إجبار الغرب على المواجهة. فهل يريد التنظيم حقا أن يواصل الغرب هجماته العسكرية؟
لا مفر من استنتاج ذلك، لأن أشرطة الفيديو العنيفة هذه المستعرِضة للقوة تهدف إلى ذلك. مقاطع الفيديو هذه تهز قيمنا (الغربية) إلى درجة كبيرة تستوجب القيام برد فعل. يحرص الإرهاب في كثير من الأحيان إلى الاستفزاز وإثارة ردود فعل. كما أن هذه المعركة ضد الكفار وضد العدو هي في الواقع المحور الذي يحدد وفقه هذا التنظيم هويته.
إذاً فتنظيم "الدولة الإسلامية" يفترض أن بإمكانه هزيمة العدو؟
هذا هو بالتأكيد الهدف النهائي. رؤية تنظيم القاعدة كانت في يوم من الأيام إقامة الخلافة. تنظيم "الدولة الإسلامية" وضع هذا موضع التنفيذ على أرض الواقع. وقد سيطر على مساحة كبيرة نسبيا من الأراضي. وهذه رسالة قوية في أوساط الإسلامويين.
يبدو أن الفواصل الزمنية بين منشورات التنظيم على الإنترنت تصبح أقصر مع الوقت. فهل يريد أن يواصل التظيم ممارسة الضغط من خلال ذلك؟
من المؤكد أن كمية الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي قد وصلت إلى مستوى جديد من الجودة. وبات الكثيرون يتحدثون عن جودة عالية لمقاطع الفيديو المفترض أن تكون موجهة بشكل خاص إلى الغرب. ما تظهره هذه الفيديوهات أكثر بكثير مما نتصوره حول هذا التنظيم ومقاتليه، من حيث أنهم أناس قلّما يمكنهم الكلام أو التواصل. فتنظيم "الدولة الإسلامية" يسيطر على الأراضي، ويحافظ على الاتصال مع الجماعات المختلفة في ليبيا ومصر. وأعتقد أن هذا أكثر صعوبة من إنشاء فيديوهات عالية الجودة بصريا. المهم هنا هو التركيز على فن تصميم الفيديو، وهو تصميم غربي بوضوح. والهدف من ذلك هو جذب اهتمام مجنَّدين محتملين عالميا.
مقاطع الفيديو المحتوية على إعدامات ليست الوحيدة التي يتم نشرها. فما الذي تصبو إليه إذاً الاستراتيجية الإعلامية لـ "الدولة الإسلامية"؟
إنها تصبو إلى جيل حديث من المقاتلين، ينشأ على هذا النمط الإعلامي الجديد. إنهم يفهمون قوة الدعاية ومعنى توظيف هذه الوسائط الإعلامية الجديدة في نشر رسالتهم. الأمريكيون يتحدثون عن 90 ألف رسالة يومية للإسلامويين في شبكات التواصل الاجتماعي. وهذا يرعب الكثيرين. السؤال الأول الذي يجب أن تطرحه العديد من الحكومات هو: "ما الذي يمكن القيام به حيال ذلك؟" بالطبع هناك جهود لتنفيذ دعاية مضادة. ولكن الأمر ليس بهذه البساطة. فالمسألة تتعلق طبعا بهوية المتحدث في هذه الشبكات الاجتماعية الإلكترونية. وتتميز مواقع التواصل الاجتماعي بحقيقة أن الناس ذوي القناعات المتماثلة يصبحون أكثر قرباً بعضهم إلى بعض.
ليس هنالك إذاً استراتيجية إعلامية لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
من الصعب إيجاد استراتيجية محددة. لكن هناك بالطبع في الحياة اليومية رسائل مضادة كثيرة قد تصل إلى جميع المجنَّدين أيضا. ومن خلال الشبكات الإلكترونية الاجتماعية بإمكان الشرطة والمخابرات أيضا تعقب الأشخاص ذوي وجهات النظر الراديكالية.
90 ألف رسالة ينشرها أنصار "الدولة الإسلامية" يوميا. فهل يريد التنظيم أن يصبح بذلك حركة جماهيرية شعبية؟
بالتأكيد، يحاول التنظيم الحصول على أكبر عدد ممكن من الأنصار. ولكن أكثر ما يقلق مجتمعاتنا الغربية في هذا الوقت هو حقيقة أن التنظيم يسعى عبر رسائله إلى جذب مجموعات معينة في مجتمعاتنا إلى جانبه. وهذا نوع من التخريب، أي محاولة لجلب الاختلال إلى تركيبتنا الاجتماعية. وهذا بالنسبة لتنظيم "الدولة الإسلامية" مهم وبأهمية تجنيد أعضاء جدد. لكن عبر ذلك تنشأ في المجتمعات الغربية جماعات مناوئة للإسلام ككل، وهذا يشكل تهديدا -لا ينبغي الاستهانة به- لتماسكنا السياسي.
ومن خلال ذلك يكسب تنظيم "الدولة الإسلامية" بالتأكيد معارك ليس مجبرا على خوضها على الأرض. فكيف تؤثر دعاية تنظيم الدولة الإسلامية في وسائل التواصل على المعركة الحقيقية؟
هذا سؤال جيد، لكنه سؤال صعب أيضا. فالتنظيم يريد من خلال الدعاية، بطبيعة الحال، إعطاء الانطباع بأن لديه سلطة: ليس فقط في سوريا والعراق بل في ليبيا وسيناء أيضا. ورسالتهم تعني ببساطة: التمدد. ولا توجد حدود للوسائل التي يوظفها من أجل تحقيق أهدافه.
الدكتور بيتر بوش هو أحد كبار المحاضرين في مجال الإعلام والحرب في "قسم دراسات الحروب" في جامعة كينغس كوليغ في لندن.