1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحضور العسكري الألماني في الكونغو بين التأييد والتحفظ

دويتشه فيله / م.ح.١٦ يوليو ٢٠٠٦

الحكومة الألمانية مازالت تتمسك برأيها إزاء ضرورة التواجد العسكري لقوات حفظ الأمن الأوروبية في الكونغو، فيما يعتبر الكثير من الخبراء هذا الحضور بمثابة إشارة رمزية للتعبير عن حسن النية لا غير.

https://p.dw.com/p/8kff
الكونغو مهمة عسكرية صعبة للقوات الألمانيةصورة من: picture-alliance / dpa/dpaweb

يتولى قرابة 2000 جندي أوروبي، منهم 780 جندي ألماني، مهمة الحفاظ على الأمن أثناء الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة في جمهورية الكونغو الديموقراطية. الحكومة الألمانية ترى في إرسال قوات ألمانية إلى المنطقة على أنها خطوة هامة ومجهود كبير من أجل إحلال السلام في البلاد، فيما يساور الكثير من الخبراء الشك في نجاح هذه البعثة معتبرينها مجرد تعبير عن حسن النية لا غير. فروبرت نويدك، أحد المدافعين عن حقوق الانسان، عبر عن شكوك تساوره في هذا الصدد بقوله أن الأموال التي تبذلها ألمانيا في سبيل تأمين الانتخابات البرلمانية في الكونغو والبالغة 65 مليون يورو، أي ما يعادل 71,4 دولار، "كفيلة ببناء 12000 مدرسة أو 1400 مستشفى هناك." وجمهورية الكونغو في أمس الحاجة فعلا لهذه المؤسسات.

سلامة المراقبين الدوليين فقط؟

EU Soldat in Kongo
الحضور العسكري الأوروبي في الكونغو: للحفاظ على سلامة المراقبين الدوليين فقط؟صورة من: AP

وفي الصحيفة الألمانية زود دويتشه تسايتونغ كتب نويدك في السياق نفسه قائلا: " إن المجموعة الدولية تدعي مجرد إدعاء فقط أنها تعمل لصالح الكونغو. فحين طلبت منظمة الأمم المتحدة إرسال قوات عسكرية إلى المنطقة، لم تكن المنظمة الدولية قلقة فعلا على سكان الكونغو أنفسهم، بل بالأحرى على سلامة المراقبين الدوليين، الذين أرادوا مغادرة البلاد، حال تطور الأمور أثناء الانتخابات إلى حد حدوث قلاقل تشكل خطرا على سلامتهم." ولهذا السبب أيضا قامت ألمانيا بإرسال جنود إلى المنطقة.

رولف هوفماير، الخبير بالشئون الكونغولية، هو أحد المراقبين الدوليين الموجودين في الكونغو وكان يشغل منصب مدير معهد الأبحاث الأفريقية في مدينة هامبورغ أعرب عن اعتقاده انه سيكون بالتأكيد أحد المنتفعين من الحضور العسكري الألماني في الكنغو حال وقوع أية اضطرابات أمنية هناك. ويتوقع هوفمان أن تكون زيارته لأفريقيا، التي ستستغرق أربعة أسابيع يقوم فيها بالإشراف على سير الانتخابات التي ستجرى في 30 تموز / يوليو بشكل ديموقراطي، أطول واخطر بكثير من المهام التي نفذها كمراقب للانتخابات في كينيا أو بوروندي مثلا. وهو يشاطر نويدك رأيه، إذ يقول إن تكاليف المهمة التي يقوم بها الإتحاد الأوروبي باهظة فعلا، ولكن رغم ذلك لا يعتبر هذا المبلغ كبيرا إذا ما قارناه مع المبلغ الذي أنفقته المجموعة الدولية (500 مليون يورو) من أجل التحضير للانتخابات أو حتى جعلها ممكنة أصلا على حد قوله.

خير الشرين

Kinshasa Kongo
العاصمة الكونغولية كنشاساصورة من: Alexander Göbel

ويرى هوفماير أن المهمة العسكرية ببساطة ليست هدفا بحد ذاته وانما هي مجرد أجراء مكمل، واصفا إياها بأنها "خير الشرين". فلا بد من اختيار أحد الأمرين إما الحضور العسكري أو عدمه. وينظر هوفماير إلى المشاركة الألمانية على أنها أكثر من مجرد تعبير عن حسن النية مقارنة مع الدور الذي تلعبه الحكومة الفرنسية التي تحاول الابتعاد عن الشبهات بتجنبها القيام بأعمال عسكرية أحادية الجانب في أفريقيا. ويقول هوفماير: "ما من أحد معجب طبعا بهذه المهمة التي تقوم بها القوات الألمانية، ولكننا أخذنا هذا الدور على عاتقنا ولا بد لنا الآن من قبوله وتنفيذه. إلا أنه من غير المرجع أن يكون بإمكان هذا العدد البسيط من الجنود تغيير أي شيء أو التوصل إلى أي شيء في مدينة مثل كنشاسا التي يبلغ عدد سكانها سبعة مليون نسمة، ناهيك عن أن مهمة الحفاظ على الأمن والسلام في العاصمة وضواحيها تقع على عاتق نصف الجنود ألـ 2000 الموجودين في البلاد إضافة إلى غالبية الجنود الألمان فقط.

إن مهمة الوحدات العسكرية الأوروبية لن تكن سهلة كما يقول الجنود الأوروبيين أنفسهم الذين أشاروا إلى أن السكان هناك يظهرون بتصرفاتهم نوعا من المعاداة للأجانب. ويقول هوفماير: "هنالك أصوات كثيرة تشك بعدم تحيز الأجانب فعلا إلى أي طرف، وهذه الأصوات تزيد الأمور تصعيدا وتعقيدا في الحقيقة، إذ تدعي أن هذه المهمة لا تهدف إلا إلى ضمان فوز يوسف كابيلا في الانتخابات. الألمان لا يتحيزون في الانتخابات لأي طرف معين، في حين أن لفرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية مصلحة في فوز كابيلا.

فشل الانتخابات أمر لن يقبل

Verteidigungsminister Jung in Kinshasa
وزير الدفاع الألماني فرانتس يوزف يونغ في زيارة للجنود الألمان في كنشاساصورة من: picture-alliance/ dpa

من جانب آخر يعترف دينيس تول، الخبير في شؤون الكونغو من معهد الشؤون الدولية والأمنية والمستشار المستقل للبرلمان الألماني والحكومة الألمانية، أن الامكانيات المحدودة للبعثة تشكل نقطة ضعف لا يمكن التغاضي عنها. غير أنه أكد أن البعثة أكثر من مجرد تعبير عن حسن نية الإتحاد الأوروبي، فهي على حد تعبيره "إشارة قوية بأن المجموعة الدولية لن تقبل أي فشل للانتخابات مطلقا". ولا شك أن الوحدات العسكرية الأوروبية الصغيرة بإمكانها العمل بشكل فعال وردع الميليشيات المحلية. ومن ناحية أخرى أفاد جيسون ستيرنز، أحد الخبراء في شئون الكونغو والمقيم في كينيا "إن إرسال الوحدات العسكرية ليس الحل الأمثل لمواجهة النزاعات مثل أعمال الشغب والإضطرابات والاعتداءات التي تستهدف المدن وهو أمر جائز الوقوع في كنشاسا مثلا، بل إن ذلك في الحقيقة هو "وظيفة الشرطة". ويتساءل "ما هي الجدوى من الاستعانة بقوات عسكرية إن لم تكن لديها أية تجارب في حل النزاعات داخل المدن؟"

وأكد ستيرنز أن بإمكان الجنود الأوروبيين القيام بدور غاية في الأهمية، إذا انتهى الأمر إلى تمرد أو انقلاب عسكري، خاصة في حال خسارة كابيلا للانتخابات، ما يعتبره الخبير أمرا غير متوقع. ويقول هوفماير إنه على استعداد للذهاب إلى الكونغو من جديد من أجل مراقبة الانتخابات. وفي حين لا زال مسؤولون في الحكومة الألمانية ومن ضمنهم وزير الدفاع فرانتس يوزف يونغ متمسكين بتوقعهم بأن المهمة ستستغرق أربعة أشهر فقط، فإن قرار البرلمان الألماني بتحديد مدة البعثة لن يكون ذا أهمية تذكر في حال وقوع أي تصعيد للأوضاع يتطلب بقاء الوحدات العسكرية الأوروبية لمدة أطول، فعلى كل شخص أن "يتوقع بقاءه لمدة أطول في الكونغو"، كما يقول هوفماير.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد