الجماعات المتطرفة تستخدم المواقع الاجتماعية لاستقطاب الشباب
١٧ أغسطس ٢٠١٤بالموازاة مع المعارك التي تخوضها الجماعات المتطرفة في عدد من الدول، تدور معارك أخرى على مستوى جبهات شبكة الإنترنيت، حيث أصبحت المواقع الإجتماعية تشكل فيها إحدى الوسائل التي تستخدمها تلك الجماعات المتنامية النفوذ من أجل الترويج لخطاباتها واختراق عقول الشباب وبالتالي لاستقطابهم إلى صفوفها.
سابقا ارتبط استخدام مواقع التواصل الإجتماعي بأحداث ما سمي بالربيع العربي، بسبب الدور الذي لعبته تلك المواقع في حشد الجماهير وخاصة الشباب للثورات التي حدثت في عدد من الدول. حاليا يتم استغلال هذه المواقع أيضا من طرف جماعات متطرفة نشيطة بأمل إبعاد الشباب عن واقعه اليومي واستقطابهم لفكرة الرحيل إلى "أرض الجهاد".
من المساجد إلى المواقع الاجتماعية
هناك صور وفيديوهات وأخبار لا متناهية وبمحتويات قاسية تلقى لدى عدد من الشباب كثيرا من الإعجاب والتعليقات المؤيدة. ف"المجاهدون" ينشرون مقاطع ومشاهد عن تنفيذ عملياتهم "البطولية" ويدعون الشباب فيها إلى الهجرة من أجل الجهاد.
الصحافي المغربي الخبير في مجال التواصل والإعلام، محمد أحمد عدة، يعبر عن اعتقاده أن تلك الجماعات وجدت في المواقع الاجتماعية مجالا خصبا لنقل صورها ورسائلها، لأن مراقبة تلك المواقع – على عكس الوسائل التقليدية – أمر صعب، كما لا يمكن ضبطها بسبب انتشارها الواسع.
ويوضح الخبيرمحمد عدة ل DW /عربية أن " الوسائل التقليدية التي كانت تستعمل في الماضي لاختراق أفكار الشباب لم تعد متاحة اليوم، ولم يعد ممكن القيام بذلك في الخفاء. في السابق كانت تلك الجماعات تستغل التجمعات والمساجد والولائم وغطاء الجمعيات لنشر خطاباتها واختراق أفكار الناس، غير أنه مع تزايد الرقابة عليها وانتباهها للإمكانيات الكبيرة التي تتيحها تلك المواقع فقد أصبحت تعتمد عليها الآن بشكل كبير".
من جهته يعتبر حسن أبو هنية الخبير الأردني في قضايا الإرهاب أن عددا من المواقع تحول بالفعل إلى "منبر" لتلك الجماعات في السنوات الأخيرة، واعتبر أن إمكانية الدخول السهلة إلى تلك المواقع وسهولة التعامل معها بالإضافة إلى ظهور جيل جديد من الجهاديين الذين يتقنون التعامل مع الأساليب والتقنيات الإلكترونية الجديدة، يساهم في هذا التطور بشكل قوي.
تطور ملحوظ في استخدام الوسائل
بالنسبة للخبير الأردني هناك ثلاث مراحل في "المراحل الجهادية العالمية" أولها "جهادية أفغانستان" ومرحلة 11 سبتمبر ثم مرحلة ما بعد الثورة السورية. ويلاحظ أبو هنية وجود تطور في استخدام الوسائل الهادفة الى استقطاب الشباب ابتداء من الوسائل التقليدية ومرورا بالوسائل الإلكترونية المحدودة لتصبح المواقع الاجتاعية الآن الأكثر تأثيرا بعد الثورة السورية.
من جهته يتحفظ الخبير المغربي في القول بأن تلك المواقع تحولت في الآونة الأخيرة إلى "منبر" لهذه الجماعات، ويوضح أن "منابرها تتجلى في صفحاتها الخاصة، أما هذه المواقع فهي مجرد وسيلة تستغلها لتمرير رسائلها". وعن تقييم هذه الجماعات للمواقع الاجتماعية بهدف اختراق عقول الشباب يقول الخبير المغربي: "إن هذه الجماعات وجدت في المواقع فضاء لممارسة الاقتداء، فعندما يصل أحد "المجاهدين" إلى عين المكان يتم نشر صوره وهو ينفذ عمليات أو يلتقي بقيادات يعتبرها البعض رموزا أو يحصل على الغنائم والمال بعد تنفيذ العمليات، فيشكل ذلك إغراء لمن لم ينضموا بعد". وحسب رأيه فإن ما تقوم به الجماعات هو " إثارة مشاعر الشباب الذي يعاني من الفقر المادي والمعرفي ومن تدني الوضع الاجتماعي".
الجنة والحوريات
هناك حديث في بعض التقارير الصحفية عن وجود شباب بمستويات تعليمية عالية بين "المجندين الجدد". وهو ما يشير إليه الخبير أبو هنية الذي يقول "كنا نلاحظ في أفغانستان أن معظم الجهاديين ينتمون إلى طبقات متدنية أما الآن فقد تغيرت تركيبتهم فأصبحوا من جميع المستويات التعليمية والثقافية". غير أن الخبير المغربي محمد عدة يتشكك في ذلك ويقول " لا أعتقد أن هذه الجماعات تضم أطرا عليا. وقد لا تعدو أن تكون متوسطة المستوى وحتى إذا وجدت فيها أطر عليا فلا شك أن ذلك يقوم على فقر روحي، تغذيه أفكار، مثل دخول الجنة وملاقاة الحوريات هناك وغيرها من الأفكار التي تروجها الجماعات بهدف الاستقطاب".