1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التعاون العلمي مفتاح لتقارب الحضارات

هيثم عبد العظيم٢٢ فبراير ٢٠٠٨

المعرفة الإنسانية متعددة الروافد. وانطلاقا من هذه القناعة خصصت أكاديمية برلين وبراندنبورج عاما كاملا للتبادل العلمي بين أوروبا والشرق الأوسط. الفكرة تهدف إلى إظهار مدى التشابك الثقافي والعلمي الذي يربط بين الحضارتين.

https://p.dw.com/p/DBJU
المشروع يهدف إلى إيجاد القواسم المشتركة بين الحضارات من خلال نتاجات المعرفة الإنسانيةصورة من: picture-alliance/dpa/DW

المعرفة الإنسانية متنوعة الروافد، ولا يمكن إرجاعها إلى إنتاج حضارة واحدة بعينها، بل هي دائما حصيلة إسهامات مشتركة لحضارات متعددة. ولعل علم الرياضيات أبلغ مثال على ذلك، فبدون الأرقام العشرية التي استخدمها الهنود قديما في الحساب، وطورها العرب بعد ذلك، ما كان للثورة العلمية التي انطلقت في أوروبا بدءا من القرن السابع عشر أن تشق طريقها.

وانطلاقا من هذه القناعة قررت أكاديمية برلين وبراندنبورج للعلوم تخصيص عام كامل للتبادل العلمي تحت عنوان "أوروبا في الشرق الأوسط – الشرق الأوسط في أوروبا“. وتسعى الأكاديمية من خلال فعاليات هذا العام إلى إظهار مدى التشابك الثقافي والعلمي الذي يربط بين الحضارتين الأوروبية والعربية الإسلامية. وتتضمن الفعاليات التي بدأت عام 2007 وتنتهي عام 2008 إقامة ورش عمل مشتركة بين باحثين ألمان وباحثين من الشرق الأوسط في مجالات تشمل العلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية، إضافة إلى عقد مؤتمرات متخصصة لاطلاع الجمهور على نتائج الأبحاث والمشاريع المشتركة. وتنظم الأكاديمية فعاليات العام بالاشتراك مع كل من مؤسسة فريتس توسين لدعم البحث العلمي، ومعهد الزمالة العلمية في برلين، إضافة إلى الجامعة الحرة في برلين.

تحالف الحضارات بدلا من صراعها

Deutschland UNESCO Leibniz Briefe
إحدى المخطوطات التي تعود للايبنتسصورة من: AP

في مقال بعنوان "تحالف الحضارات“ نشرته جريدة تاجسشبيجل بمناسبة انطلاق فعاليات العام، تطرق الأمير الأردني الحسن بن طلال إلى جسر فريد جمع الحضارتين في إنجازٍ أحدثَ ثورة علمية كبرى. والإنجاز المقصود هو ولادة علم التفاضل والتكامل على يد الفيلسوف الألماني جوتفريد فيلهيلم لايبنتس، إذ يرى بن طلال أن الخلفية الفلسفية التي انطلق منها لايبنتس في عمله الرياضي هي محاولة فهم العلاقة بين المتناهي في الكبر والمنتاهي في الصغر، وهي محاولة مرتبطة بأفكار لايبنتس الفلسفية عن العلاقة بين الإنسان والكون الواسع.

ووفقا لابن طلال فإن هذه الخلفية الفلسفية يصعب تصورها دون الاستناد على الانجاز الفكري للصوفية الإسلامية، الذي طالما شغلته هذه القضية ووصل فيها إلى رؤية هارمونية بين الإنسان والذات الإلهية قريبة من رؤية لايبنتس. لذلك يرى بن طلال في ولادة علم التفاضل والتكامل مثالا على تحالف الحضارات، مشيرا إلى أن مثل هذا التحالف يمكن أن يكون مخرجا من الأوقات الصعبة التي نمر بها حاليا، واستشهد بقول العالم اسحق نيوتن الذي شارك لايبنتس في تأسيس علم التفاضل والتكامل: "لستُ أبعدَ نظرا من الآخرين إلا لأنني أقف على أكتاف عمالقة“.

"الأوقات الصعبة" كانت حاضرة أيضا في أذهان منظمي فعاليات العام، إذ يرون أن فكرة المشروع هي رد فعل للاستقطاب السياسي الذي يصاحب السجال الدائر في أوروبا حول الشرق الأوسط هذه الأيام. فمن المعروف أن منطقة الشرق الأوسط لا تظهر في وسائل الإعلام الألمانية عادة إلا على شكل أخبار قصيرة محتواها غير سار. لذلك يسعى المنظمون إلى مجابهة هذا الاستقطاب عن طريق إظهار تنوع وثراء منطقة الشرق الأوسط والتأكيد على التراث الثقافي المشترك.

الشرق بعيون ألمانية

Orient Okzident

للمشاريع الألمانية العلمية المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط تاريخ طويل. ففي عام 1897 بدأت الأكاديمية البروسية في برلين مشروعا لعمل قاموس للغة الهيلوغريفية، وذلك بعد بعثة استكشافية قامت بزيارة مصر عام 1842. مشروع القاموس تم تحقيقه بعد 60 عاما من الشروع فيه، ويضم حاليا أكثر من 500 ألف مفردة، يمكن الاطلاع عليها عبر شبكة الانترنت.

مشروع آخر بدأته الأكاديمية البروسية قبل 100 عام ويدعى Corpus Medicorum Graecorum. يهدف المشروع إلى جمع النصوص والكتب التي تناولت علم الطب في العصور القديمة. ويقوم المشروع بتوثيق النصوص الطبية إضافة إلى ترجمتها.

أما مشروع "الموسوعة البيزنطية على مضيق البوسفور من القرن الميلادي السابع إلى الحادي عشر"، الذي تم الشروع فيه في خمسينات القرن الماضي، فيظهر مدى التشابك بين الثقافات في منطقة الشرق الأوسط. فهو يهدف إلى عمل إحصاء شامل لكل رموز الحياة الثقافية في بيزنطة الذين ظهروا في العصر الذهبي لنشر الإسلام. الصورة التي ترسمها الوثائق المجموعة هي صورة زاخرة بالتسامح والسلام.

ومؤخرا قامت جماعة من الباحثين الشباب في أكاديمية برلين وبراندنبورج للعلوم مشروعا أطلقوا عليه اسم Corpus Coranicum أي "مجمل النصوص المتعلقة بالقرآن"، يهدف المشروع إلى إنشاء بنك معلومات الكتروني متكامل يتضمن كافة المخطوطات التي حفظت القرآن ودونته بخطوط مختلفة، كما يتضمن القراءات المتعددة للنص القرآني، إضافة إلى نصوص تراثية من العصور السابقة على القرآن باللغات اللاتينية واليونانية والآرامية والعبرية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد