الاتحاد الأوروبي يفتح ذراعيه لاستقبال اللاجئين من أوكرانيا
٢٨ فبراير ٢٠٢٢"لا أعلم كم سيكون عدد الذين سيأتون"، قالت مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي يلفا يوهانسون خلال اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي، ردا على سؤال طرح عليها حول عدد اللاجئين المتوقع وصولهم إلى الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا. لكنها تضيف "أظن علينا الاستعداد لاستقبال الملايين".
حرس الحدود البولندي قال إنه مع حلول يوم الأحد (27 شباط/ فبراير 2022) وبعد أربعة أيام من الهجوم الروسي دخل ما يقارب 200 ألف لاجئ أوكراني معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن. فيما تقدر الأمم المتحدة ومنظمات اللاجئين بأن العدد يمكن أن يبلغ بين أربعة ملايين وسبعة ملايين لاجئ سيفرون من الغزو الروسي.
يبقى أن العدد الفعلي للذين يرغبون بعبور الحدود يعتمد على التطورات العسكرية في هذه الحرب. كما تعتمد المدة التي يرغبون أو يجب عليهم البقاء خلالها على من يفوز أو ينهي هذه الحرب . ويعتقد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن الأسر يمكن أن يتم لم شملها من جديد في حال قررت روسيا إيقاف هجماتها أو إنهاء الحرب.
عدد غير محدود هذه المرة
الشيء الواضح أن عدد اللاجئين سيفوق عدد اللاجئين الذي دخلوا أوروبا في صيف عام 2015. في ذلك الوقت دخل أكثر من مليون لاجئ هاربين من الحرب السورية إلى وسط أوروبا قادمين من تركيا عبر اليونان، واتجه أغلبهم إلى ألمانيا. ولم تتمكن دول الاتحاد الأوروبي من إيجاد آلية توزيع عادلة ومتضامنة فيما بينها، رغم أن القانون يقول إن المسؤول الأول عن دراسة طلب اللجوء هي دولة الدخول.
وقد رفضت الدول التي تقودها حكومات ذات توجهات قومية محافظة قبول طلبات اللجوء، مثل هنغاريا وبولندا والنمسا، حيث كانت قضية التضامن بين الدول في هذا الشأن أكبر نقطة خلاف داخل الاتحاد الأوروبي، لكن الأمر يبدو مختلفا هذه المرة. وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر قالت "لأول مرة تندلع حرب كبيرة في أوروبا، الأمر الذي يدفع الدول الأعضاء إلى التفكير بشكل مختلف". وترى فيزر أن هناك "نقلة نوعية" في طريقة التفكير.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وعدت بالترحيب بجميع اللاجئين القادمين من أوكرانيا. وقالت: "أي شخص يهرب من قنابل بوتين أذرعنا مفتوحة له". في عام 2015 رفعت لافتات كتب عليها "مرحبا باللاجئين" لكن المزاج العام تغير مع ارتفاع عدد اللاجئين.
مواطنو دول ثالثة في أوكرانيا
الوضع هذه المرة مختلف، فالأوكرانيون يهربون إلى دول مجاورة بسبب حرب لم تكن أوروبا تتوقعها. وأغلب اللاجئين يلجؤون إلى أقارب لهم أو يسكنون كضيوف عند مواطنين من هنغاريا أو رومانيا أو سلوفاكيا أو بولندا. ووفقا للسلطات البولندية، نادرا ما تستعمل أماكن الإقامة الجماعية في نزل اللاجئين.
الأفارقة المقيمون في أوكرانيا واضطروا للعبور كلاجئين هم أيضا إلى بولندا يتعرضون للمضايقة أو المنع من دخول البلاد من قبل حرس الحدود في بولندا. مسؤول في وزارة خارجية جنوب أفريقيا نشر تغريدة على موقع تويتر يذكر فيها أن طلابا من جنوب أفريقيا تعرضوا لمعاملة سيئة على الحدود الأوكرانية البولندية. ورغم ذلك مازال موظفو سفارات الدول الأفريقية يحاولون تمكين مواطنيهم من عبور المعابر الحدودية مع بولندا.
مفوضة الشؤون الداخلية والهجرة في الاتحاد الأوروبي يلفا يوهانسون أوضحت في بروكسل أن الحدود مفتوحة أيضا لغير الأوكرانيين الذين يعيشون في أوكرانيا ويرغبون بالسفر إلى بلدانهم الأصلية "يجب مساعدتهم، كما يمكن لمن يحتاج الحماية تقديم طلب لجوء في الاتحاد الأوروبي".
لا سياج في بولندا
لا توجد ضرورة لتطبيق آلية توزيع رسمية للاجئين من أوكرانيا. إذ بحسب وزارة الداخلية الألمانية، لا توجد حتى الآن طلبات من بولندا والدول الأخرى لإعادة توطين شخص ما. وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر أشادت بما تفعله السلطات في بولندا وقالت: "بولندا تستقبل اللاجئين وتقوم بذلك بطريقة ممتازة. في الوقت الحالي لا يوجد طلبات للمساعدة يتم توجيهها إلينا. نحاول الآن تزويد بولندا بالدعم اللوجستي".
قبل بضعة أسابيع كان الأمر مختلفا تماما، عندما بدأت بولندا في بناء تحصينات على حدودها مع بيلاروسيا لمنع اللاجئين وطالبي اللجوء من العراق وأفغانستان وغيرهم من المهاجرين من عبور الحدود. كما رفضت الحكومة البولندية منح فرصة تقديم طلب لجوء لهؤلاء المهاجرين، لأن حاكم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو قد استدرج الناس إلى البلاد ونقلهم إلى الحدود مع بولندا وليتوانيا. وكان عليهم تحمل الظروف الصعبة في البرد.
يبدو الوضع مختلفا هذه المرة. إذ لا يواجه الاتحاد الأوروبي أي مشاكل مع الوافدين من أوكرانيا، لأن معظمهم لديهم جوازات سفر بيومترية ويمكنهم البقاء في الاتحاد الأوروبي لمدة 90 يوما بدون تأشيرة. لكن المفوضة يوهانسون تحذر قائلة: "علينا الاستعداد لليوم 91". ولذلك، سيستعمل الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى قانون "منح الحماية الجماعية مؤقتا" من أجل تمديد وضع إقامة اللاجئين بشكل غير بيروقراطي.
ولا يحتاج اللاجئون للخضوع لأي إجراءات لجوء معقدة. في عام 2015 كان هذا القانون موجودا فعلا، لكن لم يتم تطبيقه. وتم وضع هذا القانون لمنح الحماية بعد الحروب في يوغوسلافيا السابقة في تسعينيات القرن الماضي.
بالنسبة لوزيرة الداخلية الليتوانية أغنا بيلوتايتا لا تبدو القرارات الأوروبية التي اتفق عليها يوم الأحد كافية. فالوزيرة تريد آلية توزيع ثابتة للاجئين من أوكرانيا، والتي يجب أن تنظمها مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث توضح: "نحتاج أيضا إلى آلية لإعادة التوطين لإخراج الجرحى والنساء والأطفال من أوكرانيا". ومن أجل الاستعداد للأسابيع المقبلة من الحرب، سيجتمع وزراء الداخلية مرة أخرى يوم الخميس القادم.
بيرند ريغيت/ ع.خ