1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأزمة المالية تدفع بالجامعات لإعادة النظر في طرق تدريس الاقتصاد

٢٥ نوفمبر ٢٠١١

منذ سنوات ورياح الأزمات تعصف بأسواق المال العالمية، مزعزعة بذلك أساسات بنوك ودول بأكملها. هذه التغيرات أثرت أيضاً على مجالات دراسة الاقتصاد وإدارة الأعمال، مدخلة عليها حقول بحث جديدة لم تكن موجودة في هذه المجالات من قبل.

https://p.dw.com/p/13EZg
الأزمة المالية زعزعت بنوك العالم وإقتصادات الدول الكبرى.صورة من: Fotolia/Dan Race

عندما بدأ كلاوديو فيفل بدراسة إدارة الأعمال قبل بضعة أعوام، كان من النادر سماع مصطلحات مثل "تنظيم أسواق المال "، و"المخاطر الكامنة في النظام"، أو "أخلاقيات الاقتصاد" أثناء دراسته. لكن كلاوديو، الذي يحضر اليوم شهادة الدكتوراه ويعمل معيداً في الجامعة، يتناقش مع طلابه الآن حول مواضيع مثل كيفية تنظيم الدولة للأسواق المالية عن طريق سن القوانين، أو المخاطر التي قد تؤدي إلى انهيار النظام الاقتصادي، أو حتى القيم الإنسانية التي ينبغي أن يتقيد بها مدراء الشركات، كالتضامن الاجتماعي والاقتصاد المستدام.

في الماضي لم تحظ هذه المفاهيم باهتمام علماء الاقتصاد، إلا أنها الآن أصبحت تُناقش بكثافة في أروقة الجامعات وقاعات المحاضرات في كليات الاقتصاد وإدارة الأعمال. وبحسب ما يقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة كولونيا، أخيم فامباخ، فإن علوم الاقتصاد في الماضي كانت تعتمد فلسفة إعطاء أسواق الأموال حريتها، وأن الأسواق ستحل كل مشاكلها تلقائياً، وأن علينا أن نفسح لها المجال كلياً. لكنه يستدرك بالقول إن "الجميع الآن بدؤوا بتقبل حقيقة أن الأسواق المالية بحاجة إلى المزيد من الرقابة الحكومية، وأن على البنوك أن يكون لها رؤوس أموال قوية خاصة بها. هذه أفكار جديدة في علم الاقتصاد ويجب أن يكون هناك أشخاص مقتنعون بها ويحاولون تطبيقها."

مجالات جديدة ونماذج عملية

ولا يقتصر التجديد في تدريس علوم الاقتصاد على التغيرات القانونية أو البنيوية، وإنما يمتد إلى دراسة نقاط قوة الفرد وضعفه، الذي يركز على دراسته علم السلوك الاقتصادي، الذي يدرس تصرف الفرد في المواقف الاقتصادية المختلفة. هذا العلم بات أحد أهم المحاور الجديدة في تدريس علوم الاقتصاد، وهو يركز بشكل خاص على مفهوم الثقة، كما يقول البروفيسور فامباخ، فبنية السوق تعتمد في الأساس على فرقاء يثقون ببعضهم البعض. ويتابع بالقول إن على علوم الاقتصاد أن تبحث في الآليات الضرورية لخلق مؤسسات اقتصادية تثق ببعضها البعض.

لكن الثقة بالحرية المطلقة للأسواق تزعزعت أيضاً في مجال إدارة الأعمال، كما يقول أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كولونيا، توماس هارتمان فينديلز، مضيفاً أن المجتمع العلمي كان "مقتنعاً جداً بقوة الأسواق. لكننا رأينا أنها لا توزع المخاطر، بل تجمّعها، وبالتالي أصبحت هذه المخاطر تشكل تهديداً للنظام الاقتصادي ككل. هناك أشياء جديدة تعلمناها نحن من هذه الأزمة، ونحاول الآن تطوير نماذج علمية وعملية لها."

فعلى سبيل المثال، بإمكان علوم الاقتصاد أن تطور نموذجاً علمياً لضريبة البنوك. فكرة هذا النموذج هي أنه كلما زادت أهمية الدور الذي يلعبه بنك بالنسبة للنظام الاقتصادي، زاد المبلغ الذي يجب على هذا البنك ادخاره كي لا ينهار في حال حدوث أزمة مالية جديدة. لكن كيف يمكن قياس أهمية الدور الذي يلعبه بنك معين في النظام الاقتصادي؟ علوم الاقتصاد يمكن أن تساهم في الإجابة على هذا السؤال، بحسب فينديلز

Skyline Hauptgebaeude
غير عدد من الجامعات الألمانية، من بينها جامعة كولونيا، نظرتها إلى طرق تدريس الاقتصادصورة من: Uni Köln

"الأفراد والمؤسسات لا يزالون يتصرفون حسب النظام القديم"

ويرى كلاوديو فيفل أن التحدي في هذا المساق العلمي الآن هو تطوير نماذج علمية وعملية، تمكّن حكومات الدول من تجنب الأزمات الاقتصادية والمالية في المستقبل. ويعتقد فيفل أيضاً أن "مشكلة علوم الاقتصاد تكمن في أن لها توجهاً نظرياً بحتاً. ومن المفيد الآن أن نطور نماذج علمية جديدة وعملية، تمكننا من التكهن بتطورات السوق وآلياته وتعود بالنفع على حكومات الدول التي قد تستخدمها في تحديد أطر سياساتها الاقتصادية والمالية."

أما أستاذ علوم الاقتصاد أخيم فامباخ، فيعتقد أنه بالرغم من هذه التطورات في مجال العلوم الاقتصادية، إلا أن فكرة الفرد الذي يتصرف دائماً بشكل عقلاني واقتصادي من أجل زيادة أرباحه، أو ما يعرف بـ Homo oeconomicus، لا تزال راسخة في الأذهان، ولا يزال الأفراد والمؤسسات يتصرفون طبقها، بمعنى أن علوم الاقتصاد المعهودة لم تفشل كلياً. بل بالعكس، كما يتابع فامباخ، فحتى أثناء الأزمة المالية تصرف الجميع بشكل عقلاني بحت، مضيفاً أن "السياسيين تصرفوا بعقلانية وأنقذوا البنوك، والبنوك تصرفت بعقلانية وراهنت على انهيار الدول، والدول نفسها تصرفت بعقلانية واقترضت المزيد من الديون. إذاً، في رأيه، فإن العلوم الاقتصادية لن تتخذ منهجاً مغايراً تماماً في دراسة الاقتصاد وسوق المال في المستقبل.

نيكولاوس شتاينر/ نادر الصراص

مراجعة: ياسر أبو معيلق