ارتفاع وتيرة أعمال العنف ضد السياسيين في ألمانيا
١ أكتوبر ٢٠١٦
"كنت ضحية الإعتداء الجسدي ومنذ أسابيع وشهور كنت عرضة لتهديدات بالقتل وأعمال عنف". إنها كلمات رئيس حزب الخضر في ولاية ساكسونيا، يورغن كاساك، في حوار أجرته معه DW. في الطرق السيارة كُتبت على ملصقات عبارات الشتم والإهانة الموجهة إليه، كما لُطخت لوحة مكتب المحاماة الذي يعمل فيه، وتم نشر تقييمات سلبية عنه في شبكة الإنترنيت. وقد تجلت التجربة الكبرى لهذا السياسي من حزب الخضر بشكل خطير عندما طالت التهديدات والديه أيضا، حيث كانت هناك محاولة لإحراق بيتهما الخشبي.
إن ما عايشه هذا السياسي يحياه أيضا العديد من السياسيين في ألمانيا على الصعيد المحلي والولايتي والإتحادي، بصرف النظرعن انتماءاتهم الحزبية. وتتحدث ملفات القضايا المسجلة لدى الشرطة عن أعمال مرتبطة بالبصق والدفع والرفس والضرب بأشياء أو إطلاق الرصاص على مكاتب حزبية. ومن الملاحظ أن التطرف بين الناس يزداد بشكل مستمر، كما يتضح الآن من تحقيقات السلطات.
في واقعة أخرى سقط رئيس بلدية مدينة في شمال ألمانيا فاقدا للوعي بعد أن تعرض لهجوم من مجهول، ويرجع ذلك فيما يبدو إلى خطط المسؤول الألماني الرامية إلى بناء دار لإيواء اللاجئين في المنطقة المحلية. وقال متحدث باسم الشرطة الجمعة (30 أيلول/ سبتمبر 2016) إن يواخيم كربشول تعرض لضربة فوق رأسه بهراوة أو قطعة من الخشب وذلك قبل حضوره اجتماع للجنة تخطيط بناء في أورسدورف بولاية شليسفيغ هولشتاين. وفقد الرجل وعيه جراء الهجوم ونقل إلى المستشفى، بينما هرب المهاجم من موقع الحادث.
وتحقق الشرطة فيما إذا كان الهجوم له دوافع على صلة بالتطرف اليميني الذي ارتفع في ألمانيا منذ تدفق غير مسبوق للاجئين عام 2015 .وكان كربشول قد تلقى عدداً من التهديدات على مدار الشهور القليلة الماضية بما في ذلك خطاب تهديد قبل يوم من الهجوم. وجاء فيه: "هؤلاء الذين لا يريدون أن يسمعوا يجب أن يشعروا"، بحسب الشرطة. وقالت إحدى جماعات المجتمع المدني المحلية إنه تم توجيه عدد من التهديدات ضد المسؤولين المحليين مؤخراً على صلة بخطط لإقامة دور للاجئين في البلدة.
العديد من الجناة يمينيون
تم نشر أرقام، قام المكتب الإتحادي لمكافحة الجريمة بجمعها وتقديمها لوزارة الداخلية. وتتحدث هذه الأرقام، فقط خلال هذا العام، عن 800 حالة من الإعتداءات على موظفين ومسؤولين. وقد اتسمت 18 حالة من تلك الأعمال بصفة التعدي الجسدي المباشر. عادة لا يتم فصل الأرقام المرتبطة بأعمال جنائية ضد سياسيين عن الأرقام المرتبطة بأعمال إجرامية عامة. لكن المتحدثة باسم المكتب الإتحادي لمحاربة الجريمة أكدت وجود روابط بين الشكاوى المقدمة والتحديات المرتبطة بالتوجهات السياسية الخاصة باللاجئين. لأول مرة تم وضع سجل خاص بالتعديات على ممثلي الشعب، ومن تم فليس هناك فرصة المقارنة مع أرقام ترتبط بسنوات مضت.
كما ترتبط أكثر حالات الجنايات بقضايا الإكراه والتهديد والإضرار بالممتلكات وبإثارة مشاعر الناس وإحراق الممتلكات.
من خلال قراءة هذه الأرقام المعلن عنها قام يمينيون ب 384 جنحة من مجموع 800 حالة في حين بلغ عدد الحالات المرتبطة بيساريين 97 حالة. وهناك حالات لم يتم التمكن من معرفة خلفيتها. ويتضح من خلال ما يقال وما يكتب وجود شعور عدم الرضى لدى هؤلاء على القرارات السياسية المتخذة.
تجارب كثيرة
يحكي السياسي غوتس أولريش من الحزب الديمقراطي المسيحي في ولاية ساكسن-آنهالت أن أحد المسؤولين من الحزب القومي النازي الجديد تُعدي عليه جسديا فقط لأنه رفض تعليق ملصقا له. كما نقلت صحيفة "دي تسايت" الأسبوعية في مقال لها العام الماضي حول أعمال عنف ضد سياسيين أن نواب برلمانيين كانوا عرضة لتعديات مختلفة أو لمطاردات بالسيارة، كما تم ضربهم بألعاب نارية.
ويقول رئيس وزراء ولاية بادن فونتربيرغ، فينفريد كريتشمان، أن هناك من هؤلاء من لم يعد يعرف حدوده، حيث تتم المتابعات من خلال وسائل الشبكات الاجتماعية وهي موجهة ضد ممثلي الشعب، مثلا عبر رسائل إليكترونية تتضمن مشاعر الكراهية ضد السياسيين العاملين على الصعيد المحلي. وقد تم وصف أحد هؤلا بأنه بمثابة " قمامة للناس" يلزم "إحراقه حيا". وفي عام 2015 وجد عمدة بلدة تروغليز نفسه مجبرا على الاستقالة من منصبه بسبب التهديدات التي وجهت إليه، فقط لأنه سمح بإيواء 40 لاجئا في البلدة. وفي هذا السياق يجب الإشارة إلى المرشحة لعمدة مدينة كولونيا هينريته ريكر، خريف عام 2015 حيث قام أحد اليمينيين المتطرفين بطعنها بسكين خلال حملتها الانتخابية فأصيبت بجروح خطيرة ونجت من الموت بأعجوبة.
لا يقتصر المشكل على الشرق الألماني فقط
لا تود وزارة الداخلية الاتحادية والمكتب الاتحادي لمحاربة الجريمة تقييم تلك الارقام الرسمية بشكل مفصل. كما إن وزير الداخلية بولاية فيستفاليا شمال الراين، رالف ييغر، يتجنب تقييم الفوارق بين الشرق الألماني والغربي في هذا الشأن، واعتبر هذا الأخير في لقاء مع الإذاعة الالمانية "WDR" إنه يلزم أخذ موقف صارم ضد النازيين الجدد وغيرهم من المتطرفين واعتقالهم ومقاضاتهم أمام المحاكم.
العديد من السياسيين المحليين في ألمانيا أصبحوا في يومنا هذا عرضة لتعديات مختلفة. كما أصبحت المراكز والمكاتب الحزبية بل وأيضا البيوت الخاصة لسياسيين عرضة لهجمات مختلفة، حيث تم إلقاء أحجار على نوافذ منزل أحد ممثلي مدينة نورنبيرغ في البرلمان المحلي هناك، كما تم لدغ عجلات سيارة أحد السياسيين اليساريين في مدينة كاسل. أما وزير العدل الاتحادي هايكو ماس فقط وجد رصاصة في صندوق بريده، وأمام المكتب الحزبي في بلدة المستشارة أنغيلا ميركل عُلق رأس خنزير للتعبير عن رفض سياستها بشأن اللاجئين.
ديك فولفغانغ/ ع.ع