1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ارتفاع الحرارة المفرط يهدد برفع أسعار الذرة وعلف الماشية

ديرك كاوفمان
٥ أغسطس ٢٠٢٤

مناخ الأرض يتغير ودرجات الحرارة ترتفع. وخصوصا في شرق أوروبا تسبب ارتفاع الحرارة ونقص المياه في خسائر في المحاصيل. وهذا يغير سلاسل التصدير ويؤثر على الإمدادات الغذائية العالمية: فغلاء الذرة يزيد من سعر علَف الماشية أيضا.

https://p.dw.com/p/4ix28
حقول الذرة على الأرض الأوكرانية
حقول الذرة على الأرض الأوكرانية صورة من: Olena Mykhaylova/Zoonar/picture alliance

صيف 2024 حار وجاف أيضا في شرق أوروبا: ففي  أوكرانيا-إحدى أهم الدول المصدِّرة للذرة في العالم-  سُجِّلَت درجات حرارة تتجاوز 38 درجة مئوية في شهر يوليو / تموز 2024، وهذا يعتبر حراً شديداً في هذه المنطقة التي تُعرف بشتائها البارد عموماً وبصيفها الجاف والحار.

ورومانيا تعاني حالياً من الجفاف، وهذه الدولة الشرق أوروبية -العضوة في الاتحاد الأوروبي- هي إحدى الدول المصدرة للذرة في الاتحاد. في الصيف وأوائل الصيف كان من المفترض أن تقوم الحشرات بتلقيح نباتات الذرة، ولكن هذا لم يحدث بشكل كبير، لأنه "لا توجد نحلة تعمل في هذه الحرارة"، كما قالت تتيانا أدامينكو من قسم الزراعة في مركز الأرصاد الجوية الأوكراني لموقع بلومبِرغ Bloomberg.com: "حتى الآن يبدو أن محصول الذرة سيكون أقل بنسبة 20 إلى 30 في المئة مما كان متوقعاً".

الحرارة ونقص المياه يؤديان أيضاً إلى تكوين عدد أقل من الحبوب  وانكماش الثمار التي نمت بالفعل. وقد قال وزير الزراعة فلورين باربو في مقابلة مع وكالة الأنباء الرومانية الرسمية "أجيربرس" إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يدعم المزارعين الرومانيين بأكثر من نصف مليار يورو. هؤلاء يعانون من انخفاضات في أكثر من مليوني هكتار من الأراضي المزروعة بالذرة وعَبَّاد الشمس.

تحصل ألمانيا على وارداتها من الحبوب  بشكل رئيسي من الدول المجاورة التي هي أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتأتي أوكرانيا -باعتبارها الدولة الوحيدة من شرق أوروبا وغير العضوة في الاتحاد الأوروبي- في المرتبة الرابعة في قائمة الدول المصدرة.

إسبانيا تشعر بالأثر الأكبر

انخفاض محصول الذرة في رومانيا يؤثر على الاتحاد الأوروبي، ولكن ألمانيا ليست متأثرة في البداية لأن وارداتها تأتي بشكل أساسي من دول أخرى، غير أن التأثير سيكون محسوساً بشكل خاص في الجنوب الغربي، كما يقول شتيفن باخ محلل السوق في شركة "كاك تيرمينهاندل" في كلوبِنبورغ شمال ألمانيا لـ DW :" المتأثر بشكل أساسي هي إسبانيا، التي تشتري تقليدياً كميات كبيرة من منطقة البحر الأسود." والنتيجة هي أن "الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى استيراد المزيد من الذرة".

 

لا ماء بعد الآن لهذه المحطة الكهرومائية على نهر الدنيبر في أوروبا الشرقية ـ بسبب الحرب والجفاف.
لا ماء بعد الآن لهذه المحطة الكهرومائية على نهر الدنيبر في أوروبا الشرقية ـ بسبب الحرب والجفاف.صورة من: Alina Smutko/REUTERS

 

لكن هذا ليس سبباً للقلق ولا يتوقع حدوث  نقص في الإمدادات، لأن "العرض العالمي من الذرة كبير جداً"، ويمكن رؤية ذلك أيضاً في بورصة شيكاغو التجارية CBOT - وهي أقدم بورصة للعقود الآجلة في العالم. هناك كما يقول باخ، "انخفضت أسعار الذرة إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من أربع سنوات ولم تنتعش إلا قليلاً منذ ذلك الحين".

تُعد "ستراتيجي غراينز" وكالة أوروبية تابعة لمكتب الأبحاث والتحليل "تالاج"، وتقدم بيانات تجارية مستقلة  للقطاعات الزراعية، وحتى هناك لا يرون المستقبل القريب على أنه مهدد. وعلى الرغم من أن محصول رومانيا لعام 2024 / 2025 من المتوقع أن يكون أقل بنسبة الربع فإن "ستراتيجي غراينز" خفضت توقعاتها للاتحاد الأوروبي في تقريرها الأخير بشكل طفيف فقط، وفقًا لرويترز.

الذرة لا تحتل مكانة عالية في قائمة واردات ألمانيا بشكل عام. الأهم هنا هو استيراد القمح.

ندرة المياه ومخاوف الطاقة

درجات الحرارة المرتفعة وصلت إلى مستويات قياسية في دول الاتحاد الأوروبي مثل رومانيا وبلغاريا - حيث سجلت كلتا الدولتين أعلى درجات حرارة في يونيو / حزيران 2024 منذ بدء تسجيلات الطقس، وكذلك بعض المدن في أوكرانيا. في بوخاريست من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة هذا الأسبوع والأسبوع المقبل 35 درجة بشكل كبير.

هذه الحرارة لا تحرق المحاصيل فقط، بل تؤدي أيضاً إلى نقص في المياه، وهذا كما يقول وزير الطاقة سيباستيان بوردوجا لا يهدد الزراعة  فقط بل يهدد أيضا إمدادات الطاقة.

"ليس فقط أن الأمطار تتوقف عن الهطول"، كما ينقل موقع بلومبِرغ Bloomberg.com عن المزارع ماريوس سوميسان من منطقة تيليورمان الرومانية الذي يزرع القمح والشعير وعباد الشمس والقليل من الذرة: بل حتى عندما يحفر متراً في العمق فإنه لا يجد ماء: "كل شيء يجف. النباتات استهلكت كل شيء بالفعل".

مخاطر الأمن في البحر الأسود

تعتمد أهم الدول المصدِّرة في شرق أوروبا -مثل رومانيا وبلغاريا وأوكرانيا- على الطريق البحري لنقل حبوبها - وهذا الطريق يمر بشكل رئيسي عبر البحر الأسود. لكن هذا الطريق البحري لم يعد آمناً منذ غزو روسيا لأوكرانيا.

وأدت الجهود الدبلوماسية إلى إنشاء ممر بحري يُعتَبر آمناً إلى حد كبير، كما يقول المحلل باخ: "منذ ما يقرب من عام يعمل ممر الشحن من دون مشاكل كبيرة. تظل الألغام خطراً تقبله شركات الشحن".

ويضيف باخ أن "تكاليف الشحن والتأمين المرتفعة" تُعد أكثر أهمية. وعلى الرغم من أن خطر تصاعد النزاع العسكري لا يزال قائماً فإن "الجهات الفاعلة في السوق  تأقلمت مع الوضع وتفترض أن الصادرات الأوكرانية عبر موانئ المياه العميقة في البحر الأسود ستستمر من دون قيود كبيرة".

 

سفينة "فولمار إس" تحمل 12 ألف طن من الذرة مغادرةً ميناء أوديسا في أوكرانيا.
سفينة "فولمار إس" تحمل 12 ألف طن من الذرة مغادرةً ميناء أوديسا في أوكرانيا.صورة من: Nina Lyashonok/AP/dpa/picture alliance

 

آفاق قاتمة

وحتى في الطرف الآخر من العالم -في قناة بنما بأمريكا الوسطى- يتعثر النقل الدولي للبضائع مرارا وتكرارا بسبب  التأثيرات البيئية. ولأسباب عسكرية يتم إلى حد كبير عرقلة استخدام قناة السويس. تضاف إلى هذه القيود الآن صعوبات التصدير في شرق أوروبا.

هذا بالإضافة إلى خسائر المحاصيل في منطقة البلقان، أما في المنتجين الرئيسيين للذرة -هنغاريا وأوكرانيا- فهذا يؤدي الآن إلى تأجيل تدفقات البضائع. "تجاوبت التجارة الزراعية الدولية مع الخسائر المتوقعة بشراء كميات أكبر بكثير من الذرة من الولايات المتحدة"، كما يقول المحلل باخ من  شركة "كاك". "تم تسليم 270 ألف طن من الذرة من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الستة الأولى من السنة المالية، وهو أكثر من ضعف الكمية التي تم تسليمها في موسم 2023 / 2024 بالكامل".

بالنسبة للاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا فإن الوضع الحالي يعني أمرين، كما يقول شتيفن باخ: "يمكن للمزارعين  الذين ينتجون الذرة أن يتوقعوا ارتفاع الأسعار. وعلى مربي الحيوانات أن يتوقعوا أن يؤدي ارتفاع أسعار الذرة إلى زيادة أسعار العلف". ستزداد أسعار الذرة بالتأكيد لكن المحلل لا يتوقع قفزات كبيرة في الأسعار.

أعده للعربية: محمد المزياني