1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اختراق تنظيم القاعدة الناعم في اليمن

٦ يناير ٢٠١٢

يتابع جاسم محمد الكاتب المتخصص في مكافحة الإرهاب وشؤون الاستخبارات مسيرة تنظيم القاعدة في اليمن وتحوله من تنظيم محلي إلى دولي يهدد مصالح الغرب وأميركا في المنطقة العربية كما يهدد في الظاهرالأنظمة العربية كافة.

https://p.dw.com/p/S5Ef
انور العولقي زعيم القاعدة الذي قتل في اليمنصورة من: dapd

كانت القاعدة في اليمن تتخذ من التنظيم المركزي قيادة لها بعد اختيار زعيمها أبو علي الحارثي والذي قتل في عملية عسكرية أمريكية / طائرة بدون طيار داخل اليمن في نوفمبر 2002 وكان الحارثي هدفا رئيسيا في الحرب الأمريكية على الإرهاب بسبب صلته في الهجوم على المدمرة الأمريكية يو إس إس كول قرب ميناء عدن في أكتوبر2000 ويمثل الرقم واحد على قائمة المطلوبين في اليمن .

وحينها كان مقررا أن يتحول زعيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن إلى اليمن لولا تهديدات وتداعيات 11 سبتمبر 2001 بهدف مد التنظيم إلى الشام والعراق لتحرير فلسطين حسب فكر التنظيم وإعلامه /صدى الملاحم التي تقول " هنا نبدأ وفي القدس نلتقي " .

شبكة القاعدة كانت الحاضر الغائب في ثورة التغيير المعارضة لنظام علي صالح 2011 واستيلاء التنظيم على مدينة زنجبار/ أبين جنوب اليمن خلال الحرب الدائرة بين صالح وخصومه بالتأكيد لم تأت من فراغ بل تعود إلى مطلع التسعينيات بعد عودة المقاتلين الإسلاميين من حرب أفغانستان ضد السوفيت وانسحابه 1989 ، ومن أبرزهم عبد النبي الذي كان حليف صالح في حربه ضد الجنوب عام 1993 والتي كانت بداية لدخول القاعدة القصور الرئاسية وحصول مقاتليها على رتب عسكرية لتشكل الحزام الأول لحماية علي صالح .

التخويف بأسلمة اليمن سلاح صالح

استيلاء تنظيم القاعدة على مدينة زنجبار خاصة منطقتي (أم زربة والمنياسة ) اللتان تعدان من أكثر المناطق الجبلية النائية في أبين وانسحاب القوات الحكومية منها اعتبرها المراقبون رسالة من صالح الى الولايات المتحدة خلال ثورة التغيير لاستدراجها بالتدخل المباشر تحت باب فزاعة القاعدة إن لم يكن تنسيق مابين التنظيم وعلي صالح لتتفرغ قواته للمواجهات في مناطق أخرى ، وتأتي أهمية زنجبار وخطورة استيلاء شبكة القاعدة عليها كونها قريبة من خطوط الملاحة في البحر العربي واحتمالات تهديدها للملاحة البحرية و تمدد المجموعات الأصولية مع تنظيم الشباب في الصومال الذي لم يتردد أبدا في ضرب السفن الأميركية والقرصنة وإعلان دعمه لقاعدة اليمن .

وكان التخويف باسلمة الحكم في اليمن وترجيح وصول الإسلاميين من حزب الإصلاح السلفي للسلطة هي إحدى وسائل صالح بقاء فترة أطول في الحكم ومواجهة تظاهرات التغيير في ميدان التحرير وشوارع صنعاء والمدن اليمنية . لقد كان حكم علي صالح قائما على تحالفه مع حزب الإصلاح بزعامة الزنداني ومشايخ السلفية اي ان تكون السلطة الى علي صالح وحزبه/ المؤتمر والشارع للإصلاح ومشايخ السلفية في التبليغ والتبشير ولم تكن هذه العلاقة غائبة عن المشهد السياسي اليمني من خلال رعاية المملكة العربية السعودية الى هذا النمط من الحكم في اليمن ولم يتورع صالح من اصطحاب الزنداني في زياراته الرسمية الى المملكة وحضوره الاجتماعات والمؤتمرات وبرعاية سعودية رغم ان الزنداني مطلوب على رأس قائمة لجنة مجلس الأمن المرقمة 1267 والتي تضم 256 مطلوبا لتورطه بالإرهاب وسبق للسعودية ان وقعت عليها . الزنداني رئيس جامعة الإيمان وسط صنعاء والتي تعتبر مركزا لتخريج مبشري السلفية وكثيرا ما كانت هنالك قضايا أمنية ضد طلبتها لتورطها في قضايا الإرهاب.

المراكز الدينية لدراسة الحديث

هنالك أكثر من 4000 مركز في اليمن ، أبرزها مركز دماج في صعدة شمال اليمن معقل الحوثيين ومركز ذمار للبلاغ والحديث ومدينة لودر بمحافظة أبين والحوطة بمحافظة شبوة ولحج و تستضيف طلبتها بصحبة عائلاتهم في مجمعات سكنية تحيط بتلك المراكز من مختلف دول العالم عربية وأوربية و تسيطر عليها الجماعات الأصولية والسلفية المتشددة التي تختلف مع السلفية المعتدلة وحزب الإصلاح والحكومة أبرزها مقبل الوداعي وهادي الحجوري بالإضافة لذلك هنالك حلقات دينية تعقد في الجوامع بعد الصلاة تقوم على التبشير وغسل الأدمغة بعيدا عن وزارة التربية والتعليم .

أما الصوماليون فيعتبرون مادة جيدة للمراكز الدينية بسبب صعوبة ظروف حياتهم ، فقد كشفت بعض التقارير بأن عدد اللاجئين الصوماليين المسجلين لدى الحكومة اليمنية تجاوز 700 ألف لاجئ في حين أن العدد المسجل رسمياً لدى مفوضية اللاجئين لا يتجاوز (160) ألف لاجئ وهذه إشارة إلى تسرب أعداد من اللاجئين إلى تلك المراكز الأصولية .

وتعتبر المخيمات الصومالية مركز لاستقطاب مقاتلين جدد مع احتمال تسلل المقاتلين المتشددين من الصومال إلى اليمن ضمن وفود اللاجئين للقيام بأعمال التجنيد مما يعزز العلاقة بين تنظيم القاعدة في اليمن و الصومال ويعتبر معسكر خرز لاستقبال اللاجئين احد أهم المعسكرات.

تمدد جغرافي للقاعدة

يمكن اعتبار هذا التمدد الجغرافي للأصوليين بين اليمن والصومال في القرن الأفريقي شبيها بجغرافية تمدد القاعدة مابين أفغانستان وباكستان وفقا لرأي الخبير اليمني في شأن القاعدة وقضايا الإرهاب سعيد عبيد أما الخبير اليمني عبد الإله شايع فوصف شبكة القاعدة بأنها خلايا نشطة كثيرة التناسل .

وكشفت التقارير الإخبارية الخاصة بالمواجهات ما بين الحوثيين والسلفيين في دماج / مدينة صعدة شمال اليمن الأسبوع الماضي كانون الأول 2011 بوجود اكثر من 500 عائلة جزائرية وأخرى أجنبية في المركز .

إن إصرار الجماعة السلفية المتشددة على الاستمرار في مركز دماج يقوم على قربه من الحدود السعودية وقد أثبتت المواجهات الأخيرة قدوم مساعدات لمقاتلي السلفية في مركز دماج من الأراضي السعودية تحت غطاء مساعدات إنسانية .

هذه المدارس والمراكز الدينية تمارس نشاطاتها بمعزل عن إشراف أو توجيه أو رقابة الدولة وتمارس نشاطاتها وفقاً لتوجيهات وسياسات الجماعات الدينية القائمة عليها والتي هي بطبيعة الحال جماعات متعددة ومختلفة منها السلفية المتشددة والسلفية المعتدلة وجماعة الإخوان المسلمين التي تشارك في الحياة السياسية والديمقراطية من خلال حزب الإصلاح المعارض أكبر أحزاب اللقاء المشترك .

يبدو أن الأزمة في دماج مرتبطة بالجغرافية السياسية الجديدة لليمن أي بتوزيع الجماعات المؤثرة وأبرزها الحوثيون والسلفية بعد تنحي صالح و توقيع المبادرة الخليجية التي أعلن فيها الحوثيون رفضهم لها ، محتفظين بموقعهم المعارض فيما فضل الإصلاحيون القبول ببنودها حيث يرى المراقبون بان الحرب في دماج تمثل جهد إسلامي سلفي مبرمج ضد الحوثيين ومجس استخباري عسكري لاختبار قوتهم برعاية سعودية طالما إن الحوثيين كانوا ومازالوا يمثلوا صداعا مزمنا للملكة . لقد ظهر الحوثيون باعتبارهم الأكثر قوة خلال ثورة التغيير من كل الجماعات الأخرى مقابل الحراك الجنوبي الذي يعاني من تهمة الانفصال وتعرضه لضربات من قبل تنظيم القاعدة وكذلك الإسلاميين الإصلاحيين بزعامة الزنداني وحزب الإصلاح و جماعة الشيخ صادق الأحمر داخل اللقاء المشترك والمدعومون جميعهم من السعودية .

المبادرة أنقذت علي عبد الله صالح

لم تأت ثورة التغيير في اليمن بجديد وتنحي علي صالح كان مختلفا تماما عن نتائج الثورات في تونس ومصر وليبيا ووصف المراقبون المبادرة الخليجية بأنها كانت نجادة إنقاذ لعلي صالح والذي كان مصمما أن لا يخرج من السلطة إلا وان يكون هو وحزبه الحاكم / المؤتمر جزءا من الاتفاق لضمان عدم محاكمته أو متابعته قضائيا ضمن رعاية أميركية سعودية للحفاظ على توازن الأطراف داخل اليمن بالرغم ، انه ( صالح) أصبح عبئا على المملكة السعودية بمراوغته التوقيع على الاتفاق وتخوفها من الفوضى التي تهدد حدودها ومخاوف أميركا من صعود مجموعات أصولية تهدد الملاحة البحرية عبر بحر العرب .

بعض المصادر اعتبرت محاولة اغتيال علي صالح داخل مسجد الرئاسة في الثالث من حزيران 2011 محاولة للتخلص منه بعد أن كان يلوح في اجتماعاته السرية بكشف اتفاقات السعودية وأميركا الثنائية معه وما يرجح هذا الرأي هو إمساك السعودية برجال حماية صالح والدور القطري الفاعل داحل اليمن الذي تعتبره الرياض بالمظلة البديلة عنها والمنافسة لها باستقطاب الأصوليين في اليمن والمنطقة .

جاسم محمد

مراجعة ملهم الملائكة