1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إيران وتركيا ـ "الأصدقاء الجدد" للفلسطينيين

١٥ فبراير ٢٠٢٠

تلتزم تركيا وإيران أكثر من أي بلد آخر في الشرق الأوسط بمواقف لصالح القضية الفلسطينية. وللبلدين أسباب ملموسة لاتخاذ هذا النهج، لأن البلدين لا يتمتعان حاليا بسمعة جيدة في المنطقة.

https://p.dw.com/p/3XjmZ
مشهد من اشتباكات اسرائيلية فلسطينية أمام باحة المسجد الأقصى في آب / أغسطس 2019
مشهد من اشتباكات اسرائيلية فلسطينية أمام باحة المسجد الأقصى في آب / أغسطس 2019 صورة من: Reuters/A. Awad

الإعلان صدر بشكل عابر على تويتر. "صفقة القرن" للرئيس الأمريكي لن تمر، كما غرد وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف في 10 شباط/ فبراير. ايران ستواصل الوقوف إلى جنب الشعب الفلسطيني ودعم حقه في "إعادة أرضه وتحريرها". وأضاف ظريف عبر تويتر:"القدس ستبقى عاصمة الفلسطينيين ونحن نتطلع إلى تحريرها الكامل". وفي شريط فيديو مرفق أعلن أن الشعب الإيراني وحكومته سيواصلون دعم الفلسطينيين بغض النظر عن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على البلاد.

وبهذه التغريدة تبع ظريف خط المرشد الأعلى لايران علي خامنئي الذي تحدث أيضا في  5 شباط/ فبراير عن "صفقة القرن" من ترامب: "الطغاة والمشاغبون" الأمريكيون وضعوا بمخططهم مؤشرا على "قبحهم". والخطة ستموت "قبل أن يموت ترامب"، كما أعلن خامنئي. "القوة المتعجرفة حاولت دفع الفلسطينيين إلى النسيان. لكن جهودهم ستقود إلى الأثر العكسي بالتحديد".

احتجاج آخر من تركيا

الاحتجاج القوي ضد الخطة التي وضعها ترامب لا يصدر عن طهران فحسب، فحتى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقدها بكلمات قوية. "تركيا لن تسمح أبدا أن يتبعثر مخطط السلام للشرق الأوسط في المنطقة من خلال ما يُسمى صفقة القرن"، كما أعلن لآأردوغان على هامش مؤتمر في ماليزيا. وخطة ترامب "ليست إلا حلما يهدد السلام في المنطقة. لن نسمح بأن يصبح حقيقة".

غضب الشارع العربي: مشهد من غزة يناير 2020
غضب الشارع العربي: مشهد من غزة يناير 2020صورة من: Imago Images/ZUMA Press

وفي هذه النقطة كان أردوغان بشكل استثنائي متفقا مع خصومه في الداخل. "وضع القدس هو محل النضال المشترك للعالم الإسلامي"، كما أعلن عمدة اسطنبول، أكرم إمام أوغلو خلال تجمع احتجاجي في 9  شباط/ فبراير الجاري. وإمام أوغلو هو إحدى الشخصيات المعروفة لأكبر حزب معارض في البلاد، حزب الشعب الجمهوري.

تحفظ غالب على مواقف الدول العربية

تصريحات أردوغان إضافة إلى ظريف وخامنئي هي الأقوى التي سُجلت في المنطقة منذ الكشف عن خطة ترامب. وفي هذا السياق تم تصوير النائب البرلماني الكويتي، مرزوق الغنايم السبت الماضي وهو يرمي نسخة من الخطة في سلة المهملات، ويؤكد بذلك تقييمه للقول بأن الخطة تنتمي "لسلة مهملات التاريخ".

والانتقاد من أجزاء أخرى من الشرق الأوسط جاء في غالبه متحفظا بوضوح مقارنة مع السنوات السابقة. فالجامعة العربية أعلنت مثلا في بيان أنها لن تتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ الخطة، لأنها "لا تتجاوب مع الحقوق الأدنى وتطلعات الشعب الفلسطيني"، موضحة أن خطة ترامب تقود إلى "نظام التمييز العنصري".

تركيا وايران: دولتان على هامش العالم العربي

وهذا التحفظ سمح لايران وتركيا التموقع في سدة الاحتجاجات ضد خطة ترامب. ومكون واحد يجمع بين البلدين، وهو أنهما من الناحية اللغوية لا ينتميان للعالم العربي. وهذا الموقع اللغوي الهامشي كان له نتيجة سياسية بحيث أن البلدين لم يتمكنا أبدا من التحول إلى صلب "العالم العربي". ومواطنوهم المؤمنون يرون أنفسهم متحدين من خلال الانتماء المشترك لكتاب الاسلام المقدس المكتوب باللغة العربية، القرآن.

وتماشى مع هذا الدور الهامشي أن ايران تحت الشاه محمد رضا بهلوي المنهار في 1979 اتبعت نهجا مؤيدا للغرب من الناحية الثقافية كانت صبغته العلمانية أقوى من غالبية الدول العربية المجاورة. وماتزال تركيا تتحمل إرثها التاريخي. فالدولة السابقة التي انهارت في 1922 كانت تُعتبر في الولايات العربية التي تسيطر عليها قوة ايتعمارية انتفض العرب ضدها لاسيما في وقت الحرب العالمية الأولى.

وهذا النفور الممتد من تلك الفترة ينتعش اليوم. وهذا ينعكس هذه الأيام مثلا في الاحتجاج الذي تسبب فيه الالتزام التركي في ليبيا في بعض الدول العربية. ففي ليبيا تدعم تركيا رئيس الوزراء فايز السراج في حربه ضد منافسه الجنرال خليفة حفتر، قائد حكومة المنفى في طبرق. الحكومة في أنقرة تحاول "توسيع سلطتها في مناطق كانت تنتمي سابقا للامبراطورية العثمانية"، كما ورد منتصف كانون الثاني/ يناير المنصرم في صحيفة الأهرام التي تتحكم فيها الحكومة المصرية.

المصالح التركية

وبوجودها في ليبيا وكذلك التزامها في شمال سوريا تسببت تركيا في المنطقة في تحشيد عدة دول ضدها. ومخططاتها الخاصة بليبيا تصطدم بمقاومة مصر والإمارات العربية المتحدة والعربية السعودية. وهذه الدول تقف أيضا ضد الوجود التركي في سوريا. فالبلاد المدمرة بالحرب يمكن أن تنهار كليا وتنزلق في فوضى. وفرار الكثير منعناصر تنظيم داعش الارهابي المحتجزين في معسكرات وسجون الكردية في بداية التدخل التركي يؤكد هذه المخاوف. وفي مناطق الحكم الذاتي تساند تركيا في آن واحد المتنافسين السياسيين فتح وحركة حماس. وهي تقوم بذلك سياسيا واقتصاديا. ونفذت عملاً ذا طبيعة رمزية تمثل في بداية كانون الثاني/ يناير من هذا العام في تسليم نسخ رقمية لوثائق قديمة من فترة الامبراطورية العثمانية من شأنها إعطاء الفلسطينيين نظرة على الممتلكات السابقة في مناطق الحكم الذاتي الحالية. وبهذه الطريقة تريد تركيا دعم الفلسطينيين في التأكيد على طلباتهم المعلنة في أراضي تسيطر عليها اليوم إسرائيل.

وبهذا النوع من السياسة تظهر تركيا كدولة تدعم القضية الفلسطينية أكثر من آخرين. وهذا يجلب لها في أجزاء من العالم العربي تعاطفا ـ أقل من جانب الحكومات.

الحسابات الايرانية

وحتى ايران تكافح من أجل الحصول على تعاطف في العالم العربي. فحتى مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني كانت القيادة في طهران في بعض الدول العربية تواجه انتقادا قويا، لاسيما في لبنان والعراق حيث احتج الكثير من الناس ضد التأثير الإيراني في كلا البلدين. هنا وهناك تظاهر شيعة وسنة معا من أجل دولة ملتزمة بالرفاهية الوطنية بعيدا عن الاعتبارات الدينية. وتغير الوضع بمقتل سليماني في مطار بغداد، ولاسيما أنّ بعض المتظاهرين الشيعة رأوا مجددا في ايران القوة التي تحميهم ضد التجاوزات الأمريكية.

والتطلع إلى قوة حاصنة داخل العالم العربي عبرت عنه إيران كذلك من خلال التزامها لصالح الفلسطينيين. فالنظام في طهران يحاول من خلال هذا النهج حشد السكان خلفه قبيل الانتخابات البرلمانية وفاء للتجربة التي توصي بالتركيز في الداخل على عدو مشترك ـ وفي هذه الحالة الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل.

كرستن كنيب/ م.أ.م

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد