1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس - انتخابات رئاسية ينافس فيها سعيد اثنين أحدهما بالسجن

٦ أكتوبر ٢٠٢٤

يصوت التونسيون بانتخابات الرئاسة وأبرز منافسي سعيد بالسجن. المعارضة اتهمت سعيد بتوظيف القضاء لإقصاء خصومه، فيما جرد البرلمان المحكمة الإدارية من صلاحية بت النزاعات الانتخابية، وأزاحت هيئة الانتخابات ثلاثة مرشحين بارزين.

https://p.dw.com/p/4lSQN
عدد الناخبين التونسيين المسجلين 9,7 ملايين.
عدد الناخبين التونسيين المسجلين 9,7 ملايين.صورة من: Zoubeir Souissi/REUTERS

يصوتون الناخبونالتونسيون اليوم الأحد السادس من أكتوبر / تشرين الأول 2024  في إقتراع من المرجح أن يمنح الرئيس قيس سعيد فترة ولاية جديدة بعد سجن منافسه الرئيسي الشهر الماضي بينما يتزعم المرشح الآخر حزبا سياسيا كان مؤيدا لسعيد وتحول إلى منتقد. وبدأ الناخبون التونسيون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت غ )  في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

وبينما يشهد االاقبال على صناديق الاقتراع تفاوتا ملحوظا، توقع مراقبون نسبة مشاركة أعلى للناخبين التونسيين في الانتخابات الرئاسية مقارنة بالنسبة الضعيفة في الانتخابات البرلمانية السابقة.
وقال بسام معطر رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد) التي تشارك عبر المئات من ملاحظيها في مراقبة الاقتراع، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، إن إقبال التونسيين بعد ساعتين من فتح مراكز الاقتراع أفضل من الانتخابات البرلمانية التي أجريت قبل عامين.
 

ويضع التصويت الرئيس المنتهية ولايته سعيد ضد اثنين من المنافسين وهما زهير المغزاوي رئيس حزب الشعب وهو حليف سابق للرئيس تحول إلى منتقد، والعياشي زمال الذي يُنظر إليه على أنه يشكل تهديدا جديا لسعيد على المنصب وتم سجنه الشهر الماضي، ويأتي تنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال -رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات- وقد دخل أبرز معارضي سعيد السجون خلال فترة ولايته الأولى أو مُنعوا من الترشح لهذا السباق الانتخابي.

سعيّد يتعرض لانتقادات شديدة

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم يتعرض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحول الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011. وسبق الإشادة بتونس لسنوات باعتبارها قصة النجاح النسبية الوحيدة لانتفاضات الربيع العربي عام 2011 لإدخال ديمقراطية تنافسية، وإن كانت متعثرة أحيانا، بعد عقود من الحكم المستفرد بالسلطة.

 

الانتخابات التونسية 06 / 10 / 2024.
شرع التونسيون اليوم الأحد 06 / 10 / 2024 في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد -المتهم بتهمة ينفيها سعيِّد وهي "الانجراف السلطوي"- في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.صورة من: Zoubeir Souissi/REUTERS

 

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن سعيد قوض العديد من تلك المكاسب الديمقراطية وأزال الضوابط المؤسسية على سلطته. وتتهم الرئيس الآن بمحاولة تزوير الانتخابات الرئاسية بتوظيف القضاء والهيئة الانتخابية لتحقيق هذا الغرض. ويرفض سعيد الاتهامات بأنه يريد تفكيك الديمقراطية أو أن لديه ميولا دكتاتورية. وبدلا من ذلك يصف بعض معارضيه بأنهم خونة ويقول إن برنامجه السياسي يهدف إلى القضاء على الفساد. وتندد المعارضة -التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد "الربيع العربي"- من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

"المواطنون ليسوا متحمسين"

وفي خطاب ألقاه الخميس 03 / 10 / 2024 دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهُبوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد". وفي الطرف المقابل حذر يوم الجمعة 04 / 10 / 2024 رمزي الجبابلي -مدير حملة العياشي زمال- في مؤتمر صحفي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إياكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019. أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حد اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي. 

 

انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟

 

ولا يزال سعيّد الذي انتُخب بما يزيد عن 72% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019 يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرر احتكار السلطات وحل البرلمان وغير الدستور بين عامي 2021 و2022. ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري "أن نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط. ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف السلطوي للنظام". ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

وفي حين كانت الانتخابات في السنوات التي أعقبت انتفاضة 2011 شديدة التنافسية واستقطبت معدلات مشاركة عالية فإن الغضب العام من الأداء الاقتصادي الضعيف في تونس والفساد بين النخبة أدى إلى خيبة أمل متزايدة. وسيطر سعيد -الذي انتُخب في عام 2019 في جولة الإعادة ضد أحد أقطاب صناعة الإعلام في تونس- على معظم السلطات في عام 2021 عندما حل البرلمان المنتخب وعزل الحكومة وأعاد كتابة الدستور بنفسه وهي خطوات وصفتها المعارضة بأنها انقلاب. ولم يحظ الاستفتاء الذي أجراه سعيد على دستوره الجديد في عام 2022 بإقبال سوى 30 بالمئة ممن يحق لهم التصويت، بينما لم تحظَ انتخابات عام 2022 للبرلمان الجديد الذي أزال سعيد منه معظم السلطات إلا بتصويت لم تتجاوز نسبته 11 بالمئة.

سجن كبار مسؤولي الأحزاب السياسية الرئيسية

وسُجن كبار مسؤولي الأحزاب السياسية الرئيسية التي تعارض بشكل قوي سعيد بتهم مختلفة على مدار العام الماضي من بينهم راشد الغنوشي وعبير موسى. وقبلهما أيضا سجن جوهر بن مبارك وغازي الشواشي وعصام الشابي وعبد الحميد الجلاصي وخيام التركي.

ويقبع خمسة صحفيين على الاقل في السجن بتهم مختلفة، ويقول منتقدون لسعيد أن ذلك يظهر بوضوح الانحراف الواضح عن النهج الديمقراطي الذي نالته تونس بعد ثورة 2011. ولم تدعم الأحزاب السياسية علنا أيا من المرشحين الثلاثة في اقتراع اليوم الأحد. وقال بعضها إنها لن تعترف بنتائجها.

وأزاحت هيئة الانتخابات ثلاثة مرشحين بارزين يمثلون تيارات سياسية كبرى من قائمة المرشحين في السباق في خطوة أثارت غضبا واسع النطاق من المعارضين ومنظمات المجتمع المدني. كما جرد البرلمان الأسبوع الماضي المحكمة الإدارية التي يُنظر إليها على أنها محكمة مستقلة من سلطة الفصل في النزاعات الانتخابية.

 

 

وإضافة للأزمة السياسية المتفاقمة تواجه تونس أزمة مالية مستمرة منذ سنوات. لكن عائدات السياحة والمساعدات المالية من الدول الأوروبية القلقة بشأن الهجرة ساعدت تونس على تجنب الحاجة إلى قرض من صندوق النقد الدولي بشروط قاسية. ومع ذلك ما زالت المالية العامة تعاني صعوبات أدت إلى نقص في واردات سلع رئيسية. وتغيب سلع غذائية مدعومة بشكل متواتر عن رفوف المتاجر، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي والمياه وسوء الخدمات العامة. وقد يعكس أي تحد حقيقي لسعيد -في تصويت اليوم الأحد- الغضب العام من تلك المشاكل المستمرة.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة 04 / 10 / 2024 للتنديد بـ"القمع المتزايد". وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، رافعين لافتات تصفه بـ"الفرعون المتلاعب بالقانون" وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

وتغلق صناديق الاقتراع اليوم الأحد الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (17 بتوقيت غرينتش). ويُتوقع صدور النتائج في اليومين المقبلين، وفقاً للجنة الانتخابية. ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظل إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ع.م / م.س (رويترز ، أ ف ب)