1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة فولكسفاغن.. شجرة تخفي غابة مشاكل الاقتصاد الألماني

نيك مارتن
١١ سبتمبر ٢٠٢٤

هددت فولكسفاغن بإغلاق مصانعها في ألمانيا لأول مرة في تاريخها الممتد 87 عاما، مما أثار صدمة في قطاع صناعة السيارات ودفع الحكومة الألمانية للتعبير عن قلقها. أزمة فولكسفاغن ما هي إلا أعراض لمشاكل أعمق في الاقتصاد الألماني.

https://p.dw.com/p/4kTQ3
تنتح فولكسفاغن سيارات مخصصة للسوق الأوروبي في مصانع بالصين
تداعيات إعلان فولكسفاغن عن عزمها غلق عدد من مصانعها في ألمانيا على أكبر اقتصاد أوروبيصورة من: Barbara Orth/DW Design

أثار التحذير الذي أطلقته مجموعة فولكسفاغن عن خفض وظائف واحتمالية إغلاق مصانع في ألمانيا لأول مرة منذ تاريخ الشركة الممتد لأكثر من 87 عاما، حالة صدمة في أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.

وليست الأزمة التي تعاني منها فولكسفاغن وليدة اللحظة، بل تعود لسنوات بسبب ارتفاع التكاليف وضعف الاقتصاد الألماني ما بعد جائحة كورونا والمنافسة الصينية الشرسة فضلا عن ضعف الإيرادات في مبيعات المجموعة من السيارات الكهربائية.

ويتعين على الشركة تقليص التكاليف على مدار السنوات الثلاث المقبلة لتوفير قرابة 10 مليار دولار ما يعني تسريح آلاف العمال واحتمالية غلق عدد من المصانع في ألمانيا.

تدهور القدرة التنافسية على الساحة الدولية

يقول مراقبون إنه على الرغم من التأثير المؤلم للإصلاحات التي سوف تُقدم عليها فولكسفاغن، إلا أنها تشير إلى التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد الألماني الذي تبلغ قيمته 4.2 تريليون يورو بعد أن تسببت الاضطرابات التي عصفت بسلاسل التوريد وأزمة الطاقة وضعف التنافسية، في تعطيل حركة النمو.

وفي مقابلة مع DW قبل أيام، قال كارستن برزيسكي، كبيرة الاقتصاديين في بنك "آي إن جي"، إن فولكسفاغن "تمثل نجاحا للصناعة الألمانية على مدى العقود التسعة الماضية، ولكن ما حدث مؤخرا يشير إلى تداعيات أربع سنوات من الركود الاقتصادي وعشر سنوات من تدهور القدرة التنافسية على الساحة الدولية مما يقلل القدرة على جذب الاستثمارات".

وقد أفادت وكالة الإحصاء الألمانية " Destatis" بتسجيل الاقتصاد الألماني انكماشا العام الماضي بلغ 0.3 بالمئة، فيما توقعت معاهد اقتصادية تسجيل الناتج المحلي الإجمالي زيادة بنسبة 0 بالمئة العام الجاري. ويأتي ذلك على عكس السنوات العشر ما قبل كورونا التي شهدت نموا اقتصاديا كان الأطول منذ الوحدة عام 1990.

تواجه فولكسفاغن منافسة شرسة من الشركات الصينية وسط ارتفاع التكاليف داخل ألمانيا
تواجه فولكسفاغن منافسة شرسة من الشركات الصينية وسط ارتفاع التكاليف داخل ألمانياصورة من: Matthias Rietschel/dpa/picture alliance

هل دنا أجل الصناعة الألمانية؟

دفعت الأزمة الأخيرة التي تعاني منها فولكسفاغن وشركات ألمانية آخرى مثل سيمنز و مجموعة "تيسين كروب" الألمانية العملاقة لصناعة الصلب في ألمانيا، البعض إلى القول بأن أجل الصناعة الألمانية قد دنا وأن التدهور الاقتصادي بات سيناريو لا مفر منه.

وفي مقابلة مع DW، قالت فرانزيسكا بالماس، كبيرة الاقتصاديين الأوروبيين في "كابيتال إيكونوميكس"، إن الإعلان الأخير الذي صدر عن فولكسفاغن "يشير إلى أحد أعراض حالة التوعك الصحي التي تعاني منها الصناعة الألمانية. لا يجب النظر إلى خطوة فولكسفاغن باعتبارها حالة معزولة".

وأشارت بالماس إلى "خسارة دائمة للقدرة الإنتاجية في كافة أشكال الصناعة كثيفة استهلاك الطاقة" منذ أزمة الطاقة في عام 2022 التي جاءت عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.

صعود الأحزاب الشعبوية يعوق الإصلاح

تعتقد سودها ديفيد ويلب، المديرة الإقليمية لمكتب برلين في "صندوق مارشال الألماني"، أن المشاكل التي باتت تعاني منها الصناعة الألمانية مرجعها تردد الحكومات المتعاقبة في دفع عجلة الإصلاح التي وإن كانت مؤلمة، لكنها ضرورية.

وقالت إن تنامي قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة أعاق تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، مضيفة "اتسمت حقبة ميركل بكونها رغدة حيث كانت ألمانيا دولة ثرية بما يكفي للخروج من جائحة كورونا، لكن مع صعود الأحزاب الشعبوية، يتعين على الأحزاب الرئيسية، العمل على جعل الألمان يشعرون بالأمان الاقتصادي حتى لا يقعوا فريسة للأحزاب الشعبوية التي تروج للخوف".

قررت الحكومة تخصيص 20 مليار يورو لتعزيز صناعة أشباه الموصلات في ألمانيا
قررت الحكومة تخصيص 20 مليار يورو لتعزيز صناعة أشباه الموصلات في ألمانياصورة من: Jasmin Beisiegel/dpa/picture alliance

أزمة فولكسفاغن "جرس الإنذار الأخير"

بدوره، قال كارستن برزيسكي، كبيرة الاقتصاديين في بنك "آي إن جي"، إن أزمة فولكسفاغن يجب أن تكون بمثابة "جرس إنذار أخير" للدوائر السياسية في ألمانيا للبدء في عملية الإصلاح حتى تصبح البلاد نقطة جذب للاستثمارات الدولية مرة آخرى".

ويقول خبراء إن الغموض مازال يكتنف مدى سرعة الإصلاحات في الاقتصاد الألماني بسبب ما يُطلق عليه آلية "كبح الديون" وهي قاعدة مالية أضيفت إلى دستور البلاد في عام 2009 بهدف إرغام الحكومات الألمانية على تحقيق توازن بين المصروفات والإيرادات، بما يشمل فرض قيود صارمة على عمليات الاقتراض الجديدة. وتنص هذه القاعدة على أن مستوى الدين الجديد يجب ألا يتجاوز عتبة نسبة الـ 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي.

ورغم تدفق مثل هذه الأخبار السلبية، فإن ألمانيا مازالت موطنا يجذب الاستثمارات الدولية؛ إذ أعلنت شركات كبرى مثل "غوغل" و "مايكروسوفت" و "أمازون" والعملاق الصيني "بي واي دي" عن خطط إنفاق كبيرة على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.

يشار إلى أن حكومة المستشار أولاف شولتس قررت تخصيص 20 مليار يورو لتعزيز صناعة أشباه الموصلات في ألمانيا خاصة في شرق البلاد، فضلا عن دعم الاستثمارات التي تقوم بها شركة "إنتل" وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات "تي إس إم سي".

ورغم صعوبة الوضع الاقتصادي في ألمانيا بسبب التضخم وارتفاع أسعار الطاقة ونقص اليد العاملة، إلا أن وزير المالية كريستيان ليندنر نفى أن يكون شبح "رجل أوروبا المريض" يطارد أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي مجددا. وشدد الوزير على أن بلاده "ليست سوى رجل متعب لا يحتاج إلا إلى فنجان من القهوة".

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات