1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة ديون قطاع العقارات.. شبح يهدد الاقتصاد الصيني

٥ نوفمبر ٢٠٢١

تبدو أزمة ديون "إيفرغراند"، إحدى أكبر الشركات العقارية في الصين، كبيرة بما يوحي بأن الأمر قد يتسبب في انهيار للاقتصاد الصيني. فهل الأمر كذلك؟ وما هي العوامل التي قد تحد أو تزيد من الانكماش العقاري في الصين؟

https://p.dw.com/p/42dPl
شركة "إيفرغراند" العقارية الصينية (17/9/2021)
قطاع العقارات ركيزة هامة ورئيسية في الاقتصاد الصيني إذ يساهم بقرابة 29 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلادصورة من: Noel Celis/AFP

 

تمتلك الصين قوة بشرية كبيرة تصل إلى 1.4 مليار نسمة واقتصاد تضاعفت قوته خلال العقد الماضي، كل هذا يوحي بأن طارئا اقتصاديا قد ينذر بخسائر ضخمة وقلقا كبيرا قد يتجاوز البلاد. 

وقد كان هذا السيناريو الذي وقع في سبتمبر / أيلول الماضي عندما تجاوزت ديون مجموعة "تشاينا إيفرغراند" التي تعد إحدى أكبر الشركات العقارية في الصين، عتبة الـ 305 مليار دولار (264 مليار يورو) جراء التوسع الكبير في السنوات الماضية.

بيد أن هذه الديون المتراكمة لم تكن سوى غيض من فيض إذ بلغ إجمالي ديون  شركات قطاع العقارات الكبيرة في الصين  أكثر من خمسة تريليون دولار، وفقا لتقديرات مجموعة "نومورا" المالية. ومن شأن ضخامة هذه الأرقام أن تبث الرعب في قلوب الاقتصاديين ورجال الأعمال والشركات في الصين وربما في العالم.

وما يزيد الطين بلة تجاوز ثلث أكبر 30 شركة عقارية من حيث المبيعات أحد الخطوط الحمراء الثلاثة للديون التي وضعتها الحكومة الصينية لكبح المضاربة العقارية، ما يوحي بأن الأمر قد يفوق قدرة هذه الشركات، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبرغ للأنباء.

ومن بين الشركات "كانتري جاردن"- أكبر شركة عقارية من حيث المبيعات- والشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدية (CRCC) التي أنشئت بالتعاون مع شركات أخرى الكثير من شبكات السكك الحديدية عالية السرعة وأنظمة مترو الأنفاق في الصين.

وتكرارا لسيناريو إيفرغراند، تجاوزت الشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدية جميع الخطوط الحمراء الثلاثة للاقتراض.

هبوط حاد في مبيعات المنازل

شركة "إيفرغراند" العقارية الصينية (24/9/2021)
حوالي 90 ٪ من الأسر في الصين تمتلك منازلها الخاصة، والعديد من الناس لديهم أكثر من عقار واحد صورة من: Wiktor Dabkowski/picture alliance

ويعد قطاع العقارات ركيزة هامة ورئيسية في الاقتصاد الصيني إذ يساهم بقرابة 29 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ما ينذر بأن أي انهيار في قطاع العقارات قد يكلف الاقتصاد كثيرا.

وقد تسببت أزمة "إيفرغراند" في تسجيل مبيعات المنازل الجديدة في الصين هبوطا حادا بلغ نسبة 32 بالمائة الشهر الماضي على وقع قلق المستثمرين.

ورغم ذلك، فإن ما يميز إدارة سوق العقارات في الصين قد تحد من تفاقم التداعيات على اقتصاد البلاد وتحول دون التسبب في أزمة مالية كبيرة. وفي ذلك، قال شياوبينع وانغ المتخصص في الاقتصاد الصيني بجامعة مانشستر البريطانية إن الصين تعلمت دورسا من الأزمة الأمريكية المريرة التي تسبب فيها  انهيار بنك "ليمان براذرز" الأمريكي  قبل أكثر من عقد. وفي مقابلة مع DW، أضاف "لقد وضعت الصين خطوطا حمراء بشأن الديون لمنع حدوث أزمة عقارية مثل تلك التي حدثت في الولايات المتحدة عام 2008".

وتوقع الخبير الاقتصادي أن تلقي أزمة إيفرغراند بظلالها على "سبل عيش الصينين، إلا أن تداعيات هذه الأزمة على النظام المالي بشكل أشمل ستكون محدودة".

وعزا وانغ ذلك إلى أن حقيقة مفادها أن معظم الصينيين من الطبقة المتوسطة يمتلكون مدخرات أعلى بكثير مما عليه الوضع في الدول الغربية إذ أشارت تقديرات "غولدمان ساكس" إلى أن المستهلكين الصينيين قاموا بتوفير ​​33.9٪ من دخلهم العام المنصرم.

وأظهرت التقديرات أن هذه المدخرات ذهبت بشكل تقليدي إلى المضاربة في سوق الأوراق المالية والعقارات.

وأضاف "عادة ما تضطر الأسرة الصينية لأخذ نسبة 60 بالمائة من القروض لشراء عقار بنسبة 60٪ فقط، أما في الولايات المتحدة فتصل هذه النسبة من 3 إلى 6 بالمائة وفي بريطانيا من 5 إلى 15بالمائة وفي ألمانيا ستصل النسبة إلى 20 بالمائة".

وبالتالي وفقا لوانغ - فإنه في حالة انخفاض "أسعار العقارات بنسبة 20-30٪ بالتوازي مع ارتفاع حالات التخلف عن السداد، فإن القطاع المصرفي سيكون على ما يرام".

أصحاب العقارات.. الخاسر الأكبر

ورغم أن ملايين من الأفراد الصينيين سوف يتكبدون خسائر كبيرة، إلا أن الانكماش في قطاع العقارات الذي تم التحذير من حدوثه منذ سنوات، لن يُحدث أثارا كبيرا أو يتسبب في أزمة من شأنها أن تلحق الضرر بالنظام المالي بأسره كما حدث عقب انهيار بنك ليمان براذرز.

فمع بداية الانفتاح في الصين أواخر التسعينيات، ساعدت المضاربات العقارية في ثراء مئات الملايين من المستثمرين الصينيين على نحو يبعث على السخرية وأسفر ذلك عن ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني إذ تضاعف سعر العقار بمعدل ​​أربع مرات بين عامي 2000 و2008.

وقد بدا ذلك جليا في أسعار العقارات والشقق في العاصمة بكين إذ ارتفعت أسعار الشقق بمعدل 55 ضعفا عن متوسط الدخل فيما بلغ حجم سوق العقارات الصينية ضعف حجم نظيره الأمريكي لتصل قيمته إلى 52 تريليون دولار عام 2019.

من جانبه، يرى وانغ أن هناك اختلافات بين سوق العقارات في الصين وسوق العقارات في الدول الغربية خاصة فيما يتعلق بقيمة الإيجارات. وفي ذلك، قال إن "مالكي العقارات الصينيين لا يتوقعون عوائد إيجارية عالية. ففي الوقت الذي يتوقع فيه ملاك العقارات في الدول الغربية استرداد قيمة العقار المستأجر في غضون 10 إلى 20 عاما، قد تمتد هذه الفترة في الصين إلى أكثر من 50 عاما وفي بعض المدن قد تتجاوز المئة عام.".

وقد يصب هذا الواقع في صالح أصحاب العقارات فبدلا من التخلف عن سداد الديون بشكل كبير بسبب نقص إيرادات الإيجار، فقد يضطر معظمهم إلى خفض الأسعار لكن لن يتجاوز ذلك خمس المنازل الصينية غير الشاغرة.

وفي هذا السياق، قال وانغ "يبدو من الواضح أن هناك فائضا هائلا في المعروض، لكن أصحاب المنازل وليس الشركات العقارية - يمتلكون العديد من المنازل غير الشاغرة. هذه العقارات تم شراؤها، لكنها غير شاغرة من قبل المالكين."

Infografik Chinas Immobilienblase AR

شبح عدم سداد الديون

قد يعتقد البعض أن شبح عدم قدرة شركات العقارات في الصين على سداد الديون بات وشيكا، بيد أن الأمر لا يسير على هذا النحو.

فقد حاولت "إيفرغراند" والشركات الأخرى خلال الأسابيع الماضية التصرف في أصولها للمساعدة في سداد ديونها الضخمة خاصة بعد أن ارتفعت كلفة الاقتراض في الأسواق المالية.

كذلك تراقب الحكومة الصينية عن كثب أي انهيار لشركة "إيفرغراند" التي يعمل بها أكثر من مائتي ألف شخص بشكل مباشر وقرابة ثلاثة ملايين وظيفة بشكل غير مباشر، وقد تقدم الحكومة على إدارة ملف انهيار الشركة إذا حدث ذلك- بعناية للحد من تداعياته على الاقتصاد الصيني. وفي هذا السياق، قال وانغ "من الواضح أن بعض البنوك سوف تتكبد بعض الخسائر، لكن غالبية شركات العقارات ستكون قادرة على سداد ديونها".

وفيما يتعلق بتداعيات هذه الأزمة على سوق العقارات الصيني، رجح عدم انخفاض متوسط أسعار العقارات بأكثر من 20 بالمائة وهذا أقل من الانخفاض الذي وقع في سوق العقارات في أمريكا إبان أزمة بنك ليمان براذرز، حيث بلغت نسبة الانخفاض في ذاك الوقت أكثر من  50 بالمائة.

نيك مارتن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد