1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أرامل جنوب لبنان: أمل في دعم الدولة والمجتمع الأهلي

٢ يوليو ٢٠١٢

عانى الجنوب اللبناني من صراعات وحروب في السنوات الماضية سببت دماراً واسعاً في عديد من قراه وبلداته. وجاء إهمال الدولة وتجاهل جمعيات المجتمع المدني ليزيد الطين بلة ويزيد من معاناة سكانه، خاصة الأرامل اللواتي فقدن المعيل.

https://p.dw.com/p/15NjP
03.jpg Titel: Witwen im Libanon hoffen auf Unterstützung Beschreibung: Die Witwe Fatima zieht fünf Kinder groß und beklagt sich über mangelnde Unterstützung vom Staat und von der Zivilgesellschaft. Rechte: Charbel Tanios (DW Korrespondent, Libanon. 26.06.2012).
صورة من: Philip Hage

الأرملة اللبنانية جزء من النسيج المجتمعي المحلي، وهي تكافح في ظل تعاظم الصعوبات المعيشية والغلاء المتزايد في بلد غير مستقر سياسياً واقتصادياً، ونظام اجتماعي تشوبه المحسوبيات والانتماءات. كما أن وضع الناس ومشاكلهم الحياتية، خاصة في مناطق جنوب لبنان النائية عن بيروت، يتفاقم في ظل تخلٍ للدولة عن دعم سكان الجنوب وتأمين مقومات الاستمرار في أرضهم. فماذا يقال في موضوع الأرامل وعائلاتهن؟ وما هو نمط العيش الذي يبقيهن في الجنوب رغم عدم توافر الرعاية لهذه الشريحة الكبيرة من النساء؟

في قضاء مرجعيون، وتحديداً قرية بلاط المطلة على الحدود، تعيش فاطمة وأولادها الخمسة في بيت يفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات السكن. وتشرح لـDW عربية أن العمل الزراعي والتنظيف في البيوت يشكل مورد رزقها. وتتابع: "فرص العمل في القرى النائية خاصة في المناطق الحدودية معدومة تقريباً، إذ أن معظم السكان يعيشون من زراعة (التبغ) أو التجارة البسيطة. أضف إلى ذلك أننا لا نلقى دعماً من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، وإن وجد هذا الدعم فيأتي متواضعاً جداً، فالوزارة تنشئ مثلاً دور حضانة للأطفال أو تشق بعض الطرق الزراعية أو تحفر بئراً ارتوازياً.

جمعية الإمام الصدر الخيرة إحدى الجمعيات الأهلية القليلة التي تهتم برعاية المحتاجين من سكان الجنوب اللبناني
صورة من: Charbel Tanios

المجتمع المدني شبه غائب

وتشتكي الأرملة من ضعف دور المجتمع الأهلي ومؤسساته، وتلمح أن هذا الدور شبه غائب في رفد احتياجات العائلات الفقيرة، إذ ينحصر في المستوصفات المحلية، التي توفر بعض الأدوية، أو إنشاء تعاونية اجتماعية زراعية، أو تأمين بعض آلات الحياكة. وفي هذا المجال تشدد فاطمة على تعزيز مستوى التضامن الاجتماعي لتمكين العائلات المحتاجة، وخاصة الأرامل اللواتي يعتمدن على أعمال بسيطة، من تلبية الاحتياجات المعيشية الأساسية لأسرهن. وتضيف: "ما زال هذا النوع من التكاتف الاجتماعي غير كافٍ ولا يقي الأرامل وأولادهن شر العوز، وهو مطلوب بإلحاح من قبل الدولة والأحزاب والهيئات الاقتصادية والسياسية، إلى جانب تضامن الأغنياء مع الفقراء".

وعن دور الأحزاب الفاعلة في الجنوب، تشرح فاطمة أن هناك جهوداً محلية لتنظيم عمل الجمعيات والأحزاب من أجل حثها على مساعدة الأرامل وأسرهن، معتبرة أن عمل الأحزاب هو الأقوى ولكن المنتسبين والحزبيين هم من ينالون الدعم الفاعل من الجهات التي ينتمون إليها.

أما رفقا، المقيمة في بلدة رميش الحدودية، فتعيش مع بناتها دون معيل أو مورد رزق سوى ما تجنيه من زراعة التبغ بما لا يتجاوز الألف دولار أمريكي سنوياً. وتسرّ الأرملة، في حديث مع DW عربية، أن الحرمان يطال حياتها اليومية باستمرار، فالعائلة محرومة من كل مظاهر الحياة العصرية، والدراسة يجب أن تكون في مدرسة البلدة الحكومية. وتقول بغصة: "أضطر للاستدانة من أحد الأقرباء لتأمين ثمن دواء لابنتي، التي تعاني من مرض مزمن. المساعدات التي تصلنا تكاد لا تذكر ومورد رزقنا الوحيد هو التبغ، الذي ارتفعت تكاليف زراعته ولم يعد يؤمن مردوداً كافياً".

02.jpg Titel: Witwen im Libanon hoffen auf Unterstützung Beschreibung: Das Dorf Rmeich im Süden Libanon ist ein Vorbild für die ganze Region. Witwen dort leben meisten von unter 1000 US Dollar im Jahr durch Tabakanbau. Rechte: Philip Hage (Rmeich, Libanon. Datum nicht bekannt).
يعاني الجنوب اللبناني من تجاهل الحكومة لتنميته وتكاسل منظمات المجتمع المدنيصورة من: Philip Hage

دعوات لمبادرات حكومية

وتلفت رفقا إلى أن خدمات الوزارات اللبنانية كالشؤون الاجتماعية والصحة والطاقة غير موجودة في جنوب لبنان أو محدودة جداً في المنطقة. كما أن الأحزاب برأيها هي الأنشط على الأرض، إلا أنها لا تخدم إلا عدداً محدوداً من السكان.

من ناحيتها تقول الخبيرة الاجتماعية رين فلوطي أن الأرامل في جنوب لبنان يعانين بحكم وجودهن في منطقة يلفها الحرمان منذ زمن طويل. فالقرى الجنوبية تفتقر لاقتصاد ناشط وأهلها يعتمدون على بعض الأعمال المحدودة. كما أن الأرامل بأمس الحاجة للعمل، في ظل غياب أي معيل، وأغلبهن يعتمدن على زراعة التبغ كمصدر رزق أساسي، إلا أن الدولة تخطط رفع الدعم عنه. وترى فلوطي أن مبادرات وزارة الشؤون الاجتماعية ضرورية جداً لتعزيز حياة أهل الريف، وذلك من خلال تشجيع قيام المشاريع الصناعية أو الزراعية الحديثة، التي تخلق فرص عمل للأرامل وغيرهن من القرويين، وبالتالي تمكينهن من تأمين الرعاية المناسبة لأطفالهن.

وتسلط الاختصاصية الاجتماعية الضوء على دور الجمعيات الإنسانية والمؤسسات الأهلية، وتحمل هذه الجهات مسؤولية تجاه العائلات المحرومة في الجنوب. وتتابع: "عليهم القيام بدور أكثر فعالية وعدم إهمال شريحة سكانية هامة من لبنان تستطيع أن تؤمن أيدي عاملة لمشاريع حيوية هامة في الصناعة والزراعة ومساعدة سكان المنطقة على تلبية احتياجاتهم المعيشية والصمود في وجه الغلاء".

وتلفت رين فلوطي أن التماسك الاجتماعي ليس بالمستوى المطلوب وتقول: "نكاد نرى عدم إحساس بوضع الفئات المهمشة – التي تشكل الأرامل جزءاً منها – خاصة من قبل الجهات المحلية النافذة والوزارات المختصة، وندعو لمزيد من الوعي لحث الجميع على التضامن ومساعدة الأسر المحتاجة، خاصة العائلات التي فقدت معيلها".

وتضيف فلوطي أن على أرض الواقع هناك نوع من التنسيق – ولو متواضع – بين تحرك الجمعيات والأحزاب المحلية من أجل التصدي لمشاكل الفقراء، إلا أن المطلوب وضع خطط تنفذ على مراحل لإنقاذ القرى النائية، التي تفقد سكانها تدريجياً لصعوبة العيش فيها. لذلك يُعوّل على تضامن وتكاتف الأحزاب الفاعلة في الجنوب لتنظيم معيشة الجنوبيين وخاصة الفقراء والأرامل.

شربل طانيوس – بيروت

مراجعة: ياسر أبو معيلق

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد