1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أحلام مؤجلة على طريق البلقان.. يوميات سكان مخيم في البوسنة

٢٠ يوليو ٢٠٢٤

رغم الظروف الصعبة التي يعيشها سكان مخيم ليبا في البوسنة والهرسك إلا أنهم جميعاً يتحينون الفرصة للفوز في "اللعبة"، وهو النجاح في عبور حدود الاتحاد الأوروبي وعدم الوقوع في قبضة شرطة الحدود الكرواتية.

https://p.dw.com/p/4iTMD
مخيم ليبا في البوسنة والهرسك
مخيم ليبا في البوسنة والهرسك صورة من: Dragan Maksimovic/DW

لا يبعد مخيم ليبا للاجئين في البوسنة والهرسك سوى سبعة كيلومترات عن  حدود منطقة شنغن . ينتظر الشاب الغاني وارن ينتظر دوره لقص شعره في حاوية شحن تم تحويلها إلى محل حلاقة. حاول وارن البالغ من العمر 20 عاماً عبور الحدود الخضراء مع كرواتيا أربع مرات، لكن حرس الحدود كانوا يلقون القبض عليه في كل مرة.

غادر وطنه الذي كان يعتبر مستقراً سياسياً، ليستقل طائرة عبر دبي إلى ألبانيا، وأخيراً سيراً على الأقدام إلى الجبل الأسود والبوسنة لماذا؟  عن ذلك يقول وارن: "لأن إدارة الدولة فاشلة. لا توجد وظائف، والمستشفيات والمدارس سيئة. ليس هناك مستقبل". يحلم وارن بالعمل كسائق شاحنة في إيطاليا حيث يقيم شقيقه هناك بالفعل. وللقيام بذلك، يريد أن يجرب "اللعبة"، كما يطلق على الدخول غير القانوني إلى الاتحاد الأوروبي، للمرة الخامسة.

الشاب الغاني واحد من حوالي 200 مهاجر غير نظامي وجدوا حالياً مأوى لهم في مخيم ليبا للاجئين. في الشتاء، عندما يجعل الثلج والبرد من المستحيل قضاء الليل في الغابات، يتضاعف العدد عدة مرات. وفي ليبا، يتم تسجيل المهاجرين ويُمنحون مأوى، حيث يتشارك كل ستة منهم في حاوية فيها أسرة من طابقين.

وتتولى رعايتهم المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبعض المنظمات الخاصة والكنسية. حتى لو عادوا من المباراة في الساعة الثانية صباحًا، عطشى ومفلسين، فسيتم الاعتناء بهم هنا، حسبما أفاد قائد المعسكر البوسني بكل فخر بصوته.

واحة على طريق البلقان

يحصل ساكنو المخيم على ثلاث وجبات في اليوم ورعاية طبية مجانية ودخول وخروج مجاني، ليبدو المخيم وكأنه واحة على طريق البلقان ، ثاني أكثر طرق الهجرة نشاطًا إلى أوروبا. لكن من ناحية أخرى، يرى نشطاء حقوق الإنسان أن المخيم مأساة إنسانية ورمز لسياسة اللجوء الفاشلة في أوروبا.

هناك اتهامات خطيرة بأن أعضاء الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا والنمسا يتهربون من مسؤولياتهم من خلال الاعتماد على تقديم تمويل المخيم فقط. وكانت هناك ضجة كبيرة العام الماضي عندما أصبح من المعروف أن مركز احتجاز صغير في ليبا قد تم بناؤه على ما يبدو بأموال الاتحاد الأوروبي . ولا يزال غير مستخدم حتى يومنا هذا، كما يؤكد المدير المناوب.

ولضمان السلامة في  المخيم تقوم إداراته بفصل المهاجرين حسب بلدهم الأصلي. ومع ذلك، فهناك شائعات تنتشر حول ابتزاز المهاجرين للحصول على فدية، وحول نزاعات العصابات بين الأفغان والنيجيريين والتونسيين، وحتى المهربين الذين يعدون بالمرور المجاني إلى سلوفينيا بتكلفة 1200 يورو.

رحلة أكثر إنسانية

يحلم الصبي المغربي محمد بأن يصبح لاعب كرة قدم في إسبانيا. ومن المغرب، شق محمد البالغ من العمر 15 عاماً طريقه إلى البوسنة برفقة أحد أصدقائه. ويقول عن ذلك لوكالة الأنباء الكاثوليكية: "كان الجزء الأصعب هو الطريق الطويل والجبال. وفي إحدى المرات نفد الطعام لدينا أيضاً".

على الرغم من معاناته ينتمي محمد إلى مجموعة من الشباب الذين لا يريدون أن تطأ أقدامهم ليبا . وقد تم إيواؤهم في بلدة بيهاتش القريبة، حيث تدير منظمة خدمة اللاجئين اليسوعية JRS منشأة لإيواء اللاجئين. عن ذلك تقول المتحدثة الصحفية باسم المنظمة، روبرتا نيكسيتش، لوكالة الأنباء الكاثوليكية إن الأمر يتعلق بكيفية جعل رحلة غير إنسانية على الإطلاق إلى رحلة أكثر إنسانية. في المخيم، ينظم اليسوعيون ورش عمل إبداعية ودورات للغة البوسنية، كما يديرون مكتبة صغيرة وصالونا لتصفيف الشعر.

عاشت نيكسيتش كلاجئة لمدة أربعة أشهر خلال حرب البوسنة (1992-1995). من وجهة نظرها فإن عمليات إعادة اللاجئين، أي رفض طلباتهم على الحدود، تشبه  نظام اللجوء الأوروبي  نفسه بشكل عام. وتضيف بالقول لوكالة الأنباء الكاثوليكية: "يستمر التجريد من الإنسانية، وإن كان بشكل أقل وضوحاً مما كان عليه قبل بضع سنوات. تعتبر الندبات والجروح على أذرع سكان مخيم ليبا وأرجلهم دليلاً على تلك التجارب المؤلمة".

واقع مرير

ظل مساعدو خدمة اللاجئين اليسوعية يضغطون من أجل إصلاح نظام اللجوء الأوروبي لسنوات. ومع حزمة الهجرة واللجوء الجديدة للاتحاد الأوروبي التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في عام 2026، تعتمد بروكسل على "قواعد صارمة ولكن عادلة" من أجل "تطبيع" حركة الهجرة نحو أوروبا على المدى الطويل. وسيخضع المهاجرون من البلدان التي يقل فيها معدل الاعتراف باللجوء عن 20 بالمائة في المستقبل لفحص سريع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. يجب أن يكون المستشار القانوني إلى جانبك.

أما أولئك الذين لا يتمتعون بالحق في الحماية الدولية فسوف تتم إعادتهم إلى وطنهم و"إعادة إدماجهم"، على الأقل هذه هي الخطوط العامة للخطة. وتولي الخطة اهتماماً خاصاً للفئات الضعيفة. ويشك نيكشيتش في أن هذا سيغير الوضع الحالي.

في هذه الأثناء، استقرت مجموعة من المهاجرين المنحدرين من دول شمال إفريقيا في ظل شجرة خارج مخيم ليبا. أحد هواتفهم المحمولة يترجم من اللغة العربية. عندما سأل أحد الصحفيين مهاجراً تونسياً، بدأ الأخير في الضحك. وأظهرت شاشة هاتفه رسالة مقتضبة تقول: "سوف يستغرق بلدي 100 عام ليتغير بما يكفي لكي أعود".

ع.غ/ د.ص (وكالة الأنباء الكاثوليكية، مهاجر نيوز)