1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

آفاق بناء الدولة المدنية باليمن في ظل هيمنة القبيلة

٢٣ مارس ٢٠١٢

سلطة القبيلة في اليمن متجذرة في التاريخ، وحضورها تجدد مع انطلاق الثورة الشعبية. لكن هل تستطيع هذه الثورة أن تغير أيضا السلطة التقليدية للقبيلة؟ وهل يمكن أن تتحقق الدولة المدنية في ظل هيمنة النفوذ التقليدي للقبيلة؟

https://p.dw.com/p/14N3D
صورة من: AP

في سياق ما أفرزته ثورة الشباب الشعبية السلمية من جدل ونقاش، ثمة جدل يدور بين أبناء الشعب اليمني حول دور هذه الثورة ومدى قدرتها في أن تطال سلطة القبيلة ومشايخها أو أن تحد من نفوذها التقليدي لإفساح المجال أمام مؤسسات الدولة المدنية، طبقا لما بشرت به ثورة الشباب السلمية، لاسيما وأن جزءا كبيرا من القبيلة ومشايخها انخرط في الثورة. ودأب رموز القبيلة والقوى التقليدية المساهمة في الثورة على تأكيد الالتزام بأهداف ثورة الشباب. لكن الكثير من شباب الثورة لا يثقون في هذه التأكيدات، خشية أن تكون فقط وسيلة للتمكين.

التغيير على المدى الطويل

Taiz im Jemen
جانب من مدينة تعز اليمنية التي شاركت في الثورةصورة من: Klaus Heymach

في حديث مع DW  استبعد عادل الشرجبي،أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، ومحرر كتاب القصر والديوان، الذي يناقش الدور السياسي للقبيلة في اليمن، " أن تطال الثورة بنية السلطة التقليدية للقبيلة ومشايخها في الوقت الراهن". واعتبر الشرجبي "انخراط  النخب التقليدية ومشايخ القبائل في صفوف الثورة الشعبية تشويشا على هدفها المتمثل في إسقاط النظام بكل مؤسساته التقليدية، كما عقَّد مشروع بناء الدولة لاحقا" ،ولكنه لا يستبعد في الوقت نفسه أن يتم ذلك على المدى الطويل، ويحبذ أن يكون من " داخل القبيلة نفسها". ويحذر الأستاذ الجامعي من اللجوء إلى "الإقصاء العنيف باستخدام وسائل القوة". وتشاركه الرأي الناشطة الحقوقية اليمنية إيلاء عبد العزيز الجنيد التي ترى أن "الوصول للدولة المدنية لن يتم إلا بإضعاف هيمنة القبيلة"، وهذا الأمر حسب وجهة نظرها " يحتاج إلى وقت طويل" .

الثورة لن تمس سلطة القبيلة ومشايخها

 أما فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، فيرى أن "الثورة لن تخدش أبدا في السلطة التقليدية للقبيلة ومشايخها"، معللا ذلك "بمحاولات الانحراف بالثورة التي ستؤدي إلى تعزيز القوى التقليدية. ويعتقد الصلاحي أن القوى التقليدية "أكثر تنظيما ولها حماية عسكرية، وهي مرتبطة بدعم إقليمي". ويجزم أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن غاية القوى التقليدية من "الثورة ليس التغيير السياسي الشامل، بل الوصول إلى السلطة لتحقيق أهدافها وفق أجندة تقليدية محافظة تقف على النقيض من مشروع الدولة المدنية الذي يتطلب تغييرا شاملا في جهاز الدولة الحالي، وبناء جهاز جديد يتفق مع مفهوم الدولة المدنية ومشروعها السياسي". وتعتقد الناشطة الحقوقية إيلاء عبد العزيز الجنيد أن " ما يحدث الآن في ساحات الثورة ليس إلا تقوية لدور المشايخ والسلطة التقليدية للقبيلة"

من جانبها ترى الكاتبة والناشطة المدنية اليمنية، أروى عثمان أن "الثورة الشعبية قد أيقضت وعي أبناء القبائل". وتخاطب عثمان شيخ القبيلة، وتقول: " قف أيها الشيخ البندق، حولتنا وأهلنا وكل القبيلة إلى عسكر لخدمتك، رقم نقاتل من أجل قصرك، مالك وعرضك وبقعتك (قطعة أرض للبناء )، حتى سلك الكهرباء حولته إلى غنيمة بمزاج عبثي دام، وكذلك أنبوب البترول. نعيش في الظلمة وقصرك ينير بجماجمنا ... حولتنا إلى رقم في حزام ناسف لأي تباشير دولة أو أمل يلوح في أفق قانون".

Ziviler Staat im Jemen
أعضاء قبيلة في مهمة مراقبةصورة من: DW

الدولة المدنية وشؤون القبائل لا يجتمعان

الصحفية اليمنية سامية الأغبري، تستبعد قيام الدولة المدنية ومجتمعا مدنيا "في ظل استمرار سيطرة القبيلة على السلطة، وهي لا تخضع  للدستور والقوانين". وتعتقد سامية أنه من العبث الحديث عن قيام دولة مدنية في ظل "وجود هيئة مختصة بشئون القبائل، ولها مخصصات مالية بالملايين". وهذا لا يعني بأن الأغبري متشائمة، لكنها تؤكد أن "الأمر يحتاج إلى قرار". وتنبه إلى تحمل مسؤولية "تبعات هذا القرار"، مذكَّرة بما "فعلته القبيلة بالرئيس اليمني الأسبق  ابراهيم الحمدي الذي حاول انتزاع السلطة من أيدي زعمائها". ويلخص الكاتب اليمني جازم سيف ناجي المشكلة في تصريح ل DW عربية بقوله إن "البنية التقليدية الحالية تحتاج إلى تحولات هيكلية تضع القوى الاجتماعية المختلفة أمام مهام الحاضر والمستقبل، ما يعني بأن القبيلة قد لا تستمر في التعبير عن نفسها كقبيلة". وبناء على آراء المفكرين اليمنيين الذين تحدثوا إلى DW بشأن مشروع قيام الدولة المدنية في اليمن تجلت الخلاصة في ضرورة وجود تصور واضح المعالم للدولة والمجتمع المدنيين يؤمن بمبدأ التدرج في التغيير الذي يحتاج إلى نفس طويل.

سعيد الصوفي – صنعاء

مراجعة: محمد المزياني