1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر: شتاينماير يغادر في وقت غير ملائم

١٥ نوفمبر ٢٠١٦

يحتاج الاتحاد الأوروبي وزير خارجية أكثر خبرة بشكل ملح، أكثر مما تحتاج ألمانيا إلى الرئيس فرانك فالتر شتاينماير. فالوقت غير ملائم لترك الدبلوماسيين الجدد المترقبين للأحداث في أوروبا لوحدهم، حسب رأي باربارا فيزل.

https://p.dw.com/p/2Sjst
Frank-Walter Steinmeier PK in Brüssel 15.12.2014
صورة من: DW/B. Riegert

ربما لا تشكل جمله الدبلوماسية المعقدة والمقتضبة والتي لا يفهم منها فوراً ما المقصود سمة إيجابية لرئيس قريب من الشعب. لكن ربما يتمكن فرانك فالتر شتاينماير من تجاوز اللغة الدبلوماسية التي تحمل بين طياتها الكثير من الألغاز. بيد أن وزير الخارجية الألماني يملك قدراً واسعاً من القوة الأخلاقية والخبرة السياسية والعقلانية المتزنة ليكون رئيساً اتحادياً مميزاً. لكن ـ وكملاحظة جانبية ـ لا يفهم لحد الآن أسباب الإخفاق في البحث عن امرأة ملائمة للمنصب.

السياسة الخارجية مهمة المحترفين

مثلما أصبحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بين ليلة وضحاها زعيمة العالم الحر، مع التأكيد على كلمة "حر" بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، أصبح شتاينماير "شيخ" الدبلوماسية الأوروبية. فهو أقدم وزير خارجية بين زملائه الأوروبيين ويجسد الثقل السياسي لأكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تمتعه بخبرة كبيرة جمعها على مدار عقد كامل من النشاط الدبلوماسي. وإذا كان من الضروري توجيه كلمة إلى كل من يكره النخب السياسية، ينبغي القول بأن السياسة مهنة تحتاج إلى غزارة في المعرفة وخبرة عميقة إلى جانب حاجتها إلى التريث واليد الهادئة والأعصاب القوية. السياسة ليست ساحة لعب للهواة أو لمن يرغبون أن يكونوا في مراكز القرار مهما كلف ذلك من ثمن، وهذه الصفات ضرورية للغاية خصوصاً في السياسة الخارجية.

Barbara Wesel Kommentarbild App *PROVISORISCH*
باربارا فيزل الصحافية في مكتب DW ببروكسل

فرانك فالتر شتاينماير سياسي يمكن الوثوق به فيما يخص القضايا الكبيرة مثل قضايا الحرب والسلام، حتى وإن كان المرء أحياناً يتمنى منه أن يكون أكثر حماساً في تفاعله مع الأحداث. لكن ربما يشكل تحفظه سمة ذكية. ومهما كان الأمر، فشتاينماير لا يحتاج لظهور أناني ولا يتخذ قراراً ينأى بنفسه لاحقاً عن مسؤوليته، على عكس نظيره البريطاني الثرثار بوريس جونسون، الذي يحلق في الجو مع كل نسمة تهب، فبعد التصويت لقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي روج له جونسون أشهراً طويلة، عاد لينأى بنفسه عن القرار بسبب عدم رغبته في تحمل نتائج البريكسيت.

بعد الانتخابات الأمريكية، حذر شتاينماير من دونالد ترامب لعدم القدرة على التكهن بما سيفعله كرئيس للولايات المتحدة، وذلك على أساس أقوال وتصرفات عملاق العقارات ترامب خلال الحملة الانتخابية. شتاينماير قال ذلك كسياسي أوروبي يشعر بالقلق إزاء اضمحلال القيم الديمقراطية وإزاء مستقبل الاتحاد الأوروبي، عكس بوريس جونسن الذي يثرثر بشأن فرص أوروبا بعد انتخاب ترامب دون أن يوضح في أي مجالات تكمن فرص أوروبا في ظل ولاية الرئيس الأمريكي المنتخب. لكن الأرجح هو أن ترامب - وبحكم توجهه غير الناضج فيما يخص الحماية الوطنية للاقتصاد والتجارة الأمريكية - سيتسبب في أزمة اقتصادية كبيرة لأوروبا.

من سيقود السياسة الخارجية الأوروبية مستقبلاً؟

تتميز السياسة الخارجية حتى في أوقات الرخاء والسلام بكثرة الصراعات الجانبية والثانوية. وتكثر الثرثرة والفوضى وذلك للاستهلاك المحلي. وبرحيل شتاينماير، لن يكون أحد هناك يمسك بزمام المبادرة لتوحيد الموقف أو للتقارب في المواقف الأوروبية على الأقل، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الحد الأدنى من القيم الأوروبية المشتركة. واليوم يظهر الجيل الجديد من السياسيين الأوروبيين الشباب مواقفهم فيما يتعلق بالملف التركي وأوروبا عموماً، مثل وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس، الذي يغازل الشعبويين بتصريحاته الرنانة. كورتس يطلق دوماً شعارات شعبوية ويبدو كأنه في خضم حملة انتخابية، وهو أمر يسيء إلى سمعته كدبلوماسي مسؤول عن السياسة الخارجية لبلاده. والساحة مليئة بالكثير من السياسيين القدماء والشباب الذين يمتلكون صفات كورتس في الدول الكبيرة منها والصغيرة.

كما لا يفيد التكهن بحلول السياسي الألماني الآخر، مارتن شولتس، والذي يقود حالياً البرلمان الأوروبي، محل شتاينماير، خصوصاً وأن بقاءه في رئاسة البرلمان الأوروبي محط تساؤل. بيد أن شولتس، ودون شك، قدم خدمات كبيرة من خلال تقليص حجم الشعبويين والحفاظ على فاعلية البرلمان الأوروبي، إلا أنه يفتقد إلى خبرة عملية في مجال السياسة الخارجية. وهنا يجب التساءل: ألم تكن هيلغا شميدت، الموظفة رفيعة المستوى في وزارة الخارجية ببرلين، والتي أصبحت لاحقاً الأمينة العامة في الخارجية الأوروبية ببروكسل، بديلاً أفضل؟

 الوضع (مع الأسف) في غاية الجدية

لم تكن أوضاع أوروبا حساسة في العقود الماضية كما هي عليها الآن، إذ يشكل صعود الفاشيين الجدد والديماغوجيين واليمين الشعبوي خطراً محدقاً لمستقبلنا ولرفاهيتنا ولنظامنا القانوني. في مثل هذه الأوضاع يغادر قبطان السياسة الخارجية السفينة الأوروبية ليلقي في بلاده رسائل التحية وليحث الناس في بلاده على الالتزام بالقيم الإنسانية والأخلاقية. ألم يكن ممكناً إيجاد رجل من رجال الكنيسة أو أحد القضاة ليشغل هذا المنصب؟ فالسياسة الخارجية الأوروبية سوف تفتقد فرانك فالتر شتاينماير، لأن رحيله يأتي في وقت غير ملائم.

باربارا فيزل/ حسن ع. حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد