1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يمكن للاتحاد الأوروبي فعل المزيد لإعادة لاجئي الروهينغا؟

٢٥ أغسطس ٢٠٢٢

استقبلت بنغلاديش أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا، بعد أن أجبروا على مغادرة بلدهم ميانمار. والآن تضغط حكومة بنغلاديش على الاتحاد الأوروبي للمساعدة في إعادتهم إلى وطنهم، هل أضحت فرص عودتهم قريبة؟

https://p.dw.com/p/4FzhY
لاجئة من الروهينغا منهكة تلامس الأرض بعد عبورها الحدود بين بنغلاديش وميانمار بالقارب (سبتمبر/ أيلول 2022).
لاجئة من الروهينغا منهكة تلامس الأرض بعد عبورها الحدود بين بنغلاديش وميانمار بالقارب (سبتمبر/ أيلول 2022).صورة من: Danish Siddiqui/REUTERS

بعد أن شن جيش ميانمار حملته القمعية العنيفة ضد الروهينغا في عام 2017، فيما وصفه كثيرون بأنه  إبادة جماعية للأقلية ذات الأغلبية المسلمة، استقبلت الجارة بنغلاديش حتى الآن نحو 1.1 مليون لاجئ من الروهينغا. كانت بنغلاديش وما تزال تدق ناقوس الخطر بشأن التكلفة التي ستنجم عن عبء اللاجئين، وتحذر من أزمة إقليمية محتملة. كما تتصاعد الضغوط على المستوى الدولي، حيث أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارًا في يونيو/ حزيران الماضي يدعو إلى سرعة إعادة الروهينغا إلى وطنهم.

وقيل أيضا إن وزير خارجية بنغلاديش عبد المؤمن، أكد على أهمية هذه القضية في وقت سابق من هذا الشهر خلال اجتماعه مع جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، على هامش قمة في كمبوديا.

أمل ضعيف في العودة

لكن في الوقت الراهن، يواجه أولئك الذين يريدون رؤية عودة الروهينغا إلى  ميانمار توقعات قاتمة. إذ ينص القانون الدولي على أنه لا ينبغي إعادة اللاجئين دون ضمان السلامة والمعاملة الإنسانية لهم. ووفقًا لبروكسل، لا يمكن ضمان ذلك.

وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي نبيلة مصرالي في حديثها لـ DW إن "الكتلة (الاتحاد الأوروبي) تدعم العودة الطوعية والمنظمة والآمنة والكريمة للاجئي الروهينغا إلى ميانمار، في أقرب وقت ممكن، إذا سمحت الظروف بذلك". وأضافت أن الوضع الحالي في ميانمار "لا يفضي إلى عودة اللاجئين في المستقبل القريب".

وتشهد ميانمار حالة من الاضطراب منذ أن دبر الجيش انقلابًا في فبراير/ شباط من عام 2021، حيث أطاح بحكومة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية (NLD) المنتخبة ديمقراطيًا، مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية مستمرة حتى الآن، قتل فيها أكثر من 2000 مدني، بناءً على تقديرات متحفظة. ووفقا لجمعية مساعدة السجناء السياسيين وهي منظمة غير حكومية فقد نزح مئات الآلاف.

ولا يسيطر الجيش إلا على مناطق محدودة من البلاد، والباقي يخضع لسلطة قوات الدفاع الموالية لحكومة الوحدة الوطنية (NUG)، وهي حكومة ظل شكلها سياسيون ونشطاء مدنيون مخلوعون، والعديد من المنظمات العرقية المسلحة التي كانت في صراع مع السلطات الوطنية منذ عقود.

تصاعد القتال في راخين

ومما زاد الطين بلة، أن هناك أعمال عنف متزايدة في ولاية راخين، حيث فر العديد من لاجئي الروهينغا ومن المحتمل أن  يصبحوا بين جيش أراكان، وهي جماعة عرقية متمردة، وجيش ميانمار. وأفاد راديو آسيا الحرة هذا الأسبوع أنه تم تسجيل ما لا يقل عن 10 اشتباكات منذ 18 يوليو/ تموز الماضي. وهذا لا ينذر بالخير بالنسبة لاتفاقية وقف إطلاق النار التي وافق عليها الطرفان في عام 2020.

العيش في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش
بعد حملة القمع في ميانمار عام 2017، استقبلت بنغلاديش أكثر من مليون لاجئ من الروهينغاصورة من: DW

وقال زكاري أبوزا، الأستاذ في الكلية الحربية الوطنية في واشنطن: "لقد عمل جيش أراكان بكل قوة في العامين الماضيين لبناء استقلاليته السياسية، وهذا أمر غير مقبول تمامًا بالنسبة للنظام العسكري".

"وسواء كانت الغطرسة المطلقة أو القلق المشروع هي ما ستجعل جيش أراكان ربما يحاول الانفصال، فإن الجيش يبدأ حربًا لا يستطيع تحملها، وستكون لها عواقب استراتيجية أوسع في ميانمار".

جيش أراكان يلطف موقفه تجاه الروهينغا

ستتطلب إعادة الروهينغا إلى الوطن تعاونًا من جيش أراكان. إذ يقول محللون إن الجناح السياسي للميليشيا العرقية، المعروفة باسم رابطة أراكان المتحدة، يدير معظم أجزاء ولاية راخين الجنوبية الغربية.

وقد خفف جيش أراكان مؤخرًا من حدة الأعمال العدائية السابقة ضد أقلية الروهينغا، التي تتعرض للاضطهاد في ميانمار منذ عقود. وأعرب تون ميات نينجو، قائد جيش أراكان، عن استعداده لإعادة دمج الروهينغا في مجتمع راخين.

وقالت كريستينا كيرونسكا، وهي باحثة أكاديمية مقيمة في براتيسلافا ومتخصصة في شؤون ميانمار، إن الميليشيا لديها أسبابها الخاصة لتغيير مسارها. وفي مايو/ أيار الماضي، أجرى كبار قادة جيش أراكان محادثات مع حكومة الظل المدنية "NUG"، لأول مرة منذ الانقلاب. وأثار هذا تكهنات حول تحالف محتمل ضد المجلس العسكري الحاكم في ميانمار.

وتقول حكومة الوحدة الوطنية NUG إنها ستطور سلطتها بشكل كبير، أو أنها حتى ستقدم نظامًا فيدراليًا، إذا تمكنت من الإطاحة بالمجلس العسكري. وقد يكون هذا مفيدًا لجيش أراكان، الذي يطالب بتقرير المصير لولاية راخين منذ أكثر من عقد من الزمان. ويعتقد المحللون أن الميليشيا تسعى للحصول على شرعية دولية، وأن المساعدة بشأن أزمة الروهينغا ستُكسبها الدعم من الخارج.

جنود بنغلادش أثناء توزيع الروهينغا على مخيمات اللاجئين في بالوخالي (28/9/2017)
جنود بنغلادش أثناء توزيع الروهينغا على مخيمات اللاجئين في بالوخاليصورة من: picture-alliance/dpa/AP/Dar Yasin

فرصة للسلام بسبب التمرد المسلح

وقالت كيرونسكا، الخبيرة في شئون ميانمار: "بالنسبة للروهينغا، من المفارقات أن الانقلاب وظهور جيش أراكان [في صراعه مع العسكر] قد أتاح فرصة لا تحدث إلا مرة في كل قرن - فرصة لبناء السلام في راخين".

وأضافت أن السؤال المهم هو ما إذا كان الاتحاد الأوروبي وأصحاب المصلحة الأجانب الآخرون على استعداد للمشاركة مع جيش أراكان في عملية الإعادة إلى الوطن.

وقالت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، إن بروكسل "ليس لديها اتصال حتى الآن مع جيش أراكان في ميانمار بشأن عملية إعادة الروهينغا إلى الوطن وليس لديها خطة لإقامة علاقات لتحقيق هذه الغاية".

لكن يبدو أن مصدرًا رفيعًا في الاتحاد الأوروبي عارض هذا القول، عندما تواصلت معه DW.

وقال المصدر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الكتلة (الاتحاد الأوروبي) أجرت بعض الحوار مع جيش أراكان وشمل الحوار قضية الروهينغا".

لكن الاتحاد الأوروبي ليس وحده الذي يتوخى الحذر بشأن التعامل مع الميليشيات العرقية العديدة في ميانمار. حيث قال أبوزا الأستاذ بالكلية الحربية الوطنية ومقرها واشنطن إن موقف الحكومة الأمريكية بشأن الموضوع "ليس سليماَ" و"إنهم بحاجة إلى تغيير المسار تمامًا وإشراك [المنظمات العرقية المسلحة] بفاعلية، بما أنه سيكون لهم مقعد على الطاولة في ميانمار المستقبلية".

بدوره، قال المصدر التابع للاتحاد الأوروبي إن الحوار بين حكومة الظل وجيش أراكان حول تحالف مناهض  للمجلس العسكري وإمكانية إعادة الروهينغا إلى الوطن سيكون على الأرجح أكثر أهمية مما يفعله الاتحاد الأوروبي. وأضاف المصدر أن "الضوضاء الصادرة عن حكومة الوحدة الوطنية فيما يتعلق بجنسية الروهينغا وإعادتهم إلى الوطن أمر مشجع".

مئات من الروهينغا في طريقهم إلى بنغلاديش بعد تعرضهم للقمع في ميانمار (أرشيف: 9/10/2017)
مئات من الروهينغا في طريقهم إلى بنغلاديش بعد تعرضهم للقمع في ميانمارصورة من: KM Asad/ZUMAPRESS/picture alliance

حكومة الوحدة الوطنية والإبادة الجماعية للروهينغا

تتكون حكومة الوحدة الوطنية "NUG" بشكل أساسي من سياسيين مخلوعين كانوا ضمن حكومة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية "NLD" السابقة، والتي لها تاريخ مخز من العلاقات مع  أقلية الروهينغا. وقد حدثت (مأساة) الإبادة الجماعية عندما كانت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية NLD في الحكومة. وانتقد المجتمع الدولي على نطاق واسع الزعيمة المدنية المخلوعة أونغ سان سو كي - التي تم تمديد عقوبة سجنها بتهم الفساد الملفقة إلى 18 عامًا في وقت سابق من هذا الشهر - لفشلها في إدانة الإبادة الجماعية التي قادها الجيش.

ولكن منذ ذلك الحين أعربت حكومة الوحدة الوطنية عن استعدادها لقبول الروهينغا وإلغاء قانون المواطنة لعام 1982، الذي تم استخدامه لحرمان الروهينغا من الجنسية.

ومع استبعاد نجاح محاولات العودة إلى الوطن في المستقبل القريب، يركز الاتحاد الأوروبي بدلاً من ذلك على تقديم المساعدة للاجئين. ففي مايو/ أيار الماضي، تبرعت بروكسل بمبلغ إضافي قدره 22 مليون يورو (22 مليون دولار) كمساعدة، والتي ستذهب بشكل أساسي إلى اللاجئين في بنغلاديش.

وقالت مصرالي: "في ظل غياب عودة اللاجئين إلى ميانمار، فمن الضروري ضمان تقديم الدعم والخدمات الأساسية للاجئين".

دافيد هوت/ حرره: داركو جانجيفيتش/ ص.ش