1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تقوض الحرب في أوكرانيا حكم بوتين؟

٢ مارس ٢٠٢٢

يثير غزو روسيا لأوكرانيا تساؤلاً أساسياً حول مدى استقرار حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكلفة استمرار الحرب مقابل النتائج المرجوة منها. مجلة ناشيونال إنتريست الأمريكية تناولت الأمر بالتحليل.

https://p.dw.com/p/47s6l
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (27/2/2022)
يشير التقرير إلى أن بوتين قد يصبح أكثر اعتماداً على دائرة ضيقة من السيلوفيكي في الوقت الذي ينتهج فيه سياسة خارجية محفوفة بالمخاطرصورة من: Sergei Guneyev/AFP

 

اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التصعيد في أوكرانيا أمام موقف جماعي غير مسبوق في أوروبا والولايات المتحدة ومن جانب دول أخرى، وسط فرض عقوبات متتابعة ربما تؤثر بشكل واضح على الحياة اليومية للشعب الروسي، ليبقى التساؤل: إلى متى يستطيع بوتين الصمود؟

تقول مجلة ناشيونال إنتريست الأمريكية في تقرير نشرته بهذا الشأن إن غزو روسيا لأوكرانيا يثير تساؤلاً أساسياً حول ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيُبقي على سعيه لتحقيق الأهداف القصوى التي تشمل على ما يبدو تغيير النظام في كييف.

بوتين والنخب الروسية

وتضيف المجلة أن هناك متغيرات هامة تساعد المراقب على فهم القرار الأولي، بالغزو فضلاً عن تقييم تصميم بوتين وقدرته على البقاء على المسار.

ورغم أن شخصية بوتين ونظرته للعالم تتسمان بأهمية كبرى، فإن آراء ومواقف النخب الروسية والجماهير العامة في روسيا تشكل أيضاً عوامل مهمة. وتوضح المجلة أن العوامل المؤثرة في قرار بوتين بغزو أوكرانيا تضرب بجذورها في شكواه من أن انهيار الاتحاد السوفيتي أدى إلى فقدان النفوذ العالمي والإقليمي لروسيا، فضلاً عن انتشار الفوضى الداخلية.

وندد بوتين بالولايات المتحدة منذ فترة طويلة لمحاولتها عرقلة استعادة روسيا لوضعها كقوة عظمى. فهو ينظر إلى التوسع الغربي في الفضاء السوفيتي السابق باعتباره تهديداً خطيراً للمصالح والقيم الأساسية لروسيا، بما في ذلك استقرار كل من الدولة والنظام، وهما مفهومان مختلفان تماماً، يبدو أنه دمجهما معاً في فهمه للأمن القومي الروسي.

ويرى بوتين في التحرك التدريجي لوقف نشاط أوكرانيا خارج مدار روسيا ونحو الغرب الديمقراطي ليس فقط كارثة جيو استراتيجية، بل إنه يشكل تهديداً "لحكمه الاستبدادي" وإنكاراً للهوية التاريخية لروسيا، حسب المجلة.

"السيلوفيكي".. رجال بوتين الأقوياء

وبحسب التقرير فإن بوتين يعتقد أنه في حين يشكل الغرب تهديداً قوياً، إلا أنه أصبح ضعيفاً أيضاً على نحو متزايد بسبب تراجع ثقافته السياسية، والفوضى المزمنة في مؤسساته الديمقراطية وصعود الصين، وتراجع أمريكا الواضح عن المواقف العالمية، بحسب ما نشرت المجلة.

كما أن عزم بوتين مدعوم بتحديثه للقوات المسلحة الروسية وعلاقات موسكو الوثيقة مع بكين. ولعل أهم مصدر لعزمه هو تقييمه للمخاطر والفوائد السياسية الداخلية المرتبطة بالحرب ضد أوكرانيا.

وتقول المجلة الأمريكية إنه من المرجح أن يعتبر بوتين التكاليف منخفضة بسبب القدرة القمعية للنظام السياسي الذي أنشأه وتسيطر عليه إلى حد كبير النخب ذات التفكير المماثل، وخاصة ما يسمى بـ "السيلوفيكي" (أو الرجال الأقوياء) الذين تربطهم علاقات حالية أو سابقة بأجهزة الأمن والقوات المسلحة.

وتضيف المجلة أن سياسات بوتين الخارجية والداخلية متشابكة مع تفضيلات "السيلوفيكى"، وقد ربطا معاً الوطنية والإيمان الأرثوذكسي وأسهما فيهما كدعم رئيسي لأيديولوجية معادية للغرب ولا سيما الولايات المتحدة.

ومع وجود دائرة داخلية يهيمن عليها بالفعل أعضاء بارزون في السيلوفيكي، قد يصبح بوتين أكثر اعتماداً على هذه المجموعة في الوقت الذي ينتهج فيه سياسة خارجية محفوفة بالمخاطر للعدوان العسكري مع زيادة تشديد الضوابط السياسية الداخلية. وهذه المجموعة من الرجال الأقوياء هي أكثر التزاماً بكثير من المجموعات الأخرى من النخب بالحفاظ على النظام العام "بأي ثمن"، وهو ما يفترض أنه سيشمل إبقاء بوتين في السلطة بأي ثمن.

غالبية الروس ضد الحرب

وبالمقارنة مع النخب الروسية، تشير بيانات استطلاعات الرأي إلى أن معظم السكان الروس لا يؤيدون سياسة خارجية عدوانية وتوسعية تذكرهم بالعصر السوفيتي. وتؤكد استطلاعات الرأي في عام 2021 أن معظم الروس والأوكرانيين لديهم مواقف إيجابية تجاه بعضهم البعض كأفراد وأن غالبية الروس، على عكس بوتين، يقبلون أوكرانيا كدولة مستقلة.

وتؤكد استطلاعات أخرى معارضة معظم الروس للعمل العسكري ضد أوكرانيا. وتعكس هذه المواقف القلق واسع النطاق من أن كلاً من الروس العرقيين والأوكرانيين العرقيين، الذين يشتركون في قرون من العلاقات بين الزيجات، فضلاً عن الروابط السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، يمكن أن يعانوا ويهلكوابأعداد كبيرة في الحرب.

مستقبل غامض لروسيا

وعلى النقيض من ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، والذي كان يحظى بشعبية كبيرة في روسيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض تكلفته في الدم والمال، فمن المرجح أن يؤدي غزو روسيا لأوكرانيا إلى خسائر بشرية كبيرة، كما يهتم العديد من الروس بسلامة السكان الأوكرانيين.

وتقول المجلة إن القلق بشأن هذه المخاطر، فضلاً عن المستقبل الغامض لروسيا يضعف أو يمنع الدعم الروسي للغزو بين النخب والجماهير العامة على الرغم من الجهود المتزايدة التي تبذلها وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الكرملين لتشكيل الرأي العام. ويبدو اعتماد الكرملين منذ فترة طويلة على روايات التهديدات الخارجية والمحلية لحشد الدعم السياسي أو على الأقل ضمان الطاعة العامة أصبح الآن استراتيجية منقوصة إلى حد كبير.

وتختتم ناشيونال إنتريست بالقول إنه مع ذلك، سوف يتردد بوتين في تغيير مساره ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع تكاليف السمعة في الداخل والخارج للتراجع. كما أن المعارضة العامة القائمة على المظالم السياسية والاقتصادية التي يخلقها العدوان على أوكرانيا أو يكشف عنها سوف تزداد ولكنها لا تزال تواجه القدرة القمعية للدولة المتجذرة في القوة السياسية غير المتكافئة لمختلف النخب.

وإذا لم يتنازل السيلوفيكي كمجموعة (والنخب المنحازة) عن دعمهم لبوتين، فينبغي على النظام أن يبقى على قيد الحياة من خلال تنظيم سياسي أكبر. وسيعتمد الكثير على الطريقة التي ينظر بها السيلوفيكي بشكل جماعي إلى التكاليف والفوائد المختلفة للحرب.

ع.ح./ع.ج.م. (د ب أ)