1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تعيد وعود زين العابدين بن علي الجديدة الهدوء إلى تونس؟

١٢ يناير ٢٠١١

لم تهدّئ إقالة الرّئيس التّونسي لوزير داخليته وتعهده بمكافحة الفساد والرشوة في البلاد من حدّة الاضطرابات العنيفة والدامية التي تعصف بعدة مناطق في تونس منذ نحو أربعة أسابيع على خلفية البطالة وغلاء المعيشة والفساد.

https://p.dw.com/p/zwr9
الرئيس التونسي أمر بتشكيل لجنة ثانية للنظر في موضوع الرشوة والفسادصورة من: AP

حظر تجول إلى أجل غير مسمى، بدأ اليوم الأربعاء من الساعة الثامنة ليلاً ويستمر حتى الساعة الخامسة والنصف من يوم الغد، هو أول إجراء وجدت الداخلية التونسية نفسها مرغمة على اتخاذه بعد ساعات قليلة من الإطاحة برفيق بلحاج قاسم وزير داخلية تونس منذ 2004 وتعيين الوزير السابق أحمد فريعة خلفاً له. الوزارة أعلنت في بيان تناقلته وسائل الإعلام الرسمية أنه "نظرا لما شهدته بعض أحياء العاصمة مساء أمس (الثلاثاء) واليوم (الأربعاء) من أعمال شغب ونهب واعتداءات على الممتلكات والأشخاص وحفاظا على أمن المواطنين وسلامة الأملاك والمكاسب تقرر إعلان منع الجولان بولايات تونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) بصورة مؤقتة اعتباراً من مساء اليوم بداية من الساعة الثامنة ليلاً إلى غاية الساعة الخامسة والنصف صباحاً". وجاء في البيان أيضاً: "يستثنى من هذا القرار الحالات الصحية العاجلة وأصحاب الأعمال الليلية".

إقرار بالفساد وتجاوزات السلطات الأمنية

وكانت وكالة الأنباء الرسمية قد أعلنت في وقت سابق من اليوم الأربعاء أن بن علي أقال وزير الداخلية وقّرّر "تكوين لجنة تحقيق في التجاوزات التي يمكن أن تكون قد حصلت خلال هذه الأحداث"، في اعتراف ضمني بأن هناك تجاوزات أمنية خلال التعامل مع الاضطرابات. وتأتي الإقالة في وقت يتّهم فيه حقوقيون تونسيون ومنظمات حقوقية أجنبية الشرطة التونسية بالاستعمال المفرط للقوة في "قمع" المحتجين. ووصف تونسيون خرجوا في مظاهرات تضامنية مع "شهداء الانتفاضة" وزارة الداخلية بأنها "وزارة إرهابية"، بعد نشر مقاطع فيديو وصور على شبكة فيسبوك أظهرت قتلى بعضهم مشوّه بشكل فظيع والآخر مصاب بعدة أعيرة نارية في الجزء الأعلى من الجسم.

وقال سكان في مدينة القصرين لدويتشه فيله إنهم شاهدوا يوم الأحد الماضي "وحدات خاصة" من الشرطة ترتدي أزياء سوداء فوق أسطح بنايات المدينة وقامت بـقتل محتجين بإصابتهم بأعيرة نارية في الجزء الأعلى من الجسم (الرأس والصدر والحنجرة) ووصفوا ما حدث بأنه "مجزرة" و"جريمة ضد الإنسانية".

إطلاق سراح المعتقلين

Tunesien Unruhen Bank angesteckt in Ettadhamoun bei Tunis
حالات فوضى كبيرة وأعمال تخريب وحرق لمقرّات هياكل تابعة للحكومة والحزب الحاكمصورة من: AP

كما جاء في بيان الوكالة الرسمية أن بن علي قرر أيضاً "إطلاق سراح كل الأشخاص الذين تم إيقافهم خلال الأحداث التي شهدتها بعض مناطق البلاد، باستثناء من أثبتت التحقيقات العدلية تورطهم في أعمال عنف شديد وتخريب مقصود وحرق للممتلكات". كما جاء في البيان أن بن علي قرّر أيضاً "تكوين لجنة تحقيق ثانية تنظر في موضوع الرشوة والفساد وأخطاء بعض المسؤولين". وهذه أوّل مرة يقرّ فيها الرئيس التونسي ولو بشكل غير مباشر بوجود الرشوة والفساد في بلاده. وذكرت أن بن علي شدّد بن على "تأكيد تمسّك الجميع بالحوار وحريّة التعبير السلمي وتشريك جميع الأطراف الوطنية في قضايا البلاد ورفض العنف والمغالاة بكل أشكالهما".

تواصل الاضطرابات

لكن الإجراءات التي أعلنتها وسائل الإعلام التونسية على نطاق واسع، لم تعط النتائج المرجوّة منها في امتصاص غضب الشارع التونسي. إذ توسّعت رقعة الاحتجاجات في العاصمة تونس وأحيائها الشعبية وامتدت إلى مدن جديدة جنوب البلاد وشمالها، كانت هادئة في الأيام الماضية العنيفة ودخول العاصمة تونس ومدن على خط المواجهات مع رجال الأمن يوم الأربعاء. كما شهدت مدينة دوز (500 كلم جنوب العاصمة تونس) أعنف احتجاجات، فقد سقط خمسة قتلى برصاص قوات الأمن خلال اشتباكات دامية بين الشرطة ومئات من المحتجّين على "قتل" مواطنين في مدن تالة والقصرين والرقاب.

NO FLASH Tunesien Ausschreitungen
وصف تونسيون خرجوا في مظاهرات تضامنية مع "شهداء الانتفاضة" وزارة الداخلية بأنها "وزارة إرهابية".صورة من: picture alliance / dpa

حالات فوضى كبيرة وأعمال تخريب وحرق لمقرّات هياكل تابعة للحكومة والحزب الحاكم عمّت مدينة صفاقس (جنوب)، التي دخلت يوم الأربعاء في إضراب عام تضامناً مع "شهداء" مدن تالة والقصرين والرقاب. المشهد نفسه تكرر وبدرجات متفاوتة الحدّة في أحياء بالعاصمة تونس وعدّة مدن بمختلف أنحاء البلاد حيث واجهت الشرطة جموع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع وأحيانا بإطلاق الرصاص في الهواء لتخويف من تسميهم الحكومة مثيري "الشغب" و"العنف".

وحتى بعد دخول حظر التجول حيز التطبيق تواصلت أعمال الشغب وحرق الممتلكات العامة والخاصة والمواجهات الدامية بين محتجين ورجال الشرطة في حيّي "التضامن" و"الزهروني"، وهما من أفقر الأحياء الشعبية في العاصمة تونس. وأكد شهود عيان لدويتشه فيله أن أصوات إطلاق الرصاص ودخان القنابل المسيلة للدموع تتعالى في سماء حي التضامن الذي امتدت إليه شرارة الاضطرابات منذ ليلة أمس.

"الناس لم تعد تصدق بن علي وتريده أن يرحل"

مفيد شاب دون الثلاثين وعاطل عن العمل قال لدويتشه فيله إنه يتوقع أن تتواصل "الانتفاضة" التي تعرفها البلاد إلى حين "الإطاحة بنظام بن علي"، الذي قال إنه "أشبعنا طوال 23 عاماً وعوداً بالحرية والديمقراطية والرفاه والعدالة فيما يؤشّر الواقع على تدهور كبير للحريات واستفحال لسرطان الفساد خاصة في المحيط العائلي للرئيس، الذي لم يعد بصدقه أحد ويريده الجميع أن يرحل".

ويعتبر هذا الشاب الذي يحمل درجة الأستاذية في اللغة الانجليزية منذ ثلاث سنوات ولا يزال يبحث عن عمل أن التونسيين "يريدون الآن نظاماً جديداً بقيم جديدة تقوم على النزاهة والشفافية والنظافة وخدمة الصالح العام وليس المصالح الشخصية للأقارب نظاماً يستطيع الشعب أن يحاسبه ويحاكمه إن هو لم يكن في محل ثقة الشعب".

حكومة إنقاذ وطني

Tunesien Unruhen Panzer in Ettadhamoun bei Tunis
وحدات من الشرطة قامت بقتل محتجينصورة من: AP

الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يعتبر أبرز حزب سياسي معارض في البلاد قال في أول تعليق له على الإجراءات التي أقرها بن علي: "إن هذه الخطوة وإن مثلت إقراراً بأن طريق القمع مسدود ووضعت الإصبع على موطن الداء المتمثل في استشراء الفساد فإنها تبقى دون الاستجابة للمطالب التي رفعها الشعب التونسي في انتفاضته".

وجدّد الحزب في بيان أصدره مساء الأربعاء، حصلت دويتشه فيله على نسخة منه، الدعوة إلى "تشكيل حكومة إنقاذ وطني" تقوم بـ"إقرار منوال للتنمية يحقق التوازن والعدل بين الجهات والفئات" و''مكافحة الفساد والرشوة واستغلال النفوذ وإرساء آليات شفافة لمراقبة الإدارة" و"تحرير الحياة السياسية وإرساء منظومة إعلامية تعددية وضمان استقلال القضاء والتحضير لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها تحت إشراف مستقل" و"تعديل الدستور بما يهيئ البلاد إلى التداول السلمي على الحكم في أفق 2014"، وهو التاريخ الذي تنتهي معه الولاية الرئاسية الخامسة والأخيرة للرئيس بن علي. واعتبر الحزب أن "الإسراع بإنجاز هذه المهام العاجلة من شأنه إعادة الاستقرار وتأمين البلاد ضد مخاطر الهزات العنيفة وقطع الطريق أمام الانفلات الأمني والفوضى المدمرة وإعادة الثقة والطمأنينة إلى نفوس التونسيين".

حاتم الشافعي – تونس

مراجعة: عماد مبارك غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات