1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تخوض ألمانيا حربا في أفغانستان؟

٢٤ أبريل ٢٠١٠

تشهد ألمانيا سجالا سياسيا حادا حول مهمة قواتها المنتشرة في أفغانستان. وفي حين بات بعض المسؤولين الألمان يستخدمون مصطلح "حرب" حين يتحدثون عن قواتهم في أفغانستان، ترتفع نسبة المواطنين المعارضين لوجود القوات الألمانية هناك.

https://p.dw.com/p/N5aa
وزير الدفاع الألماني تسو غوتنبيرغ في برلين مع قائد القوات الأمريكية في أفغانستان الجنرال مكريستالصورة من: AP

هل يخوض الجنود الألمان المنتشرون في شمال أفغانستان حربا ضد مقاتلي طالبان أم أنّ مهمتهم هناك ليست قتالية؟ المواطن الألماني العادي يستغرب هذا السجال الذي تشهده البلاد منذ فترة؛ وخصوصا بعد ارتفاع وتيرة العمليات التي تستهدف القوات الألمانية. فإذا لم تكن هذه الاعتداءات والمواجهات مع متمردي طالبان حربا فماذا تكون؟ هذا هو السؤال الذي يشغل الرأي العام في ألمانيا في هذه الأيام.

والجواب يقدمه الصحافي والمحلل السياسي الألماني شتيفان بوخن الذي يؤكد بأن القوات الألمانية في أفغانستان في "حالة حرب فعلا". وإذ يقر بوخن بأن هذه الحرب "تختلف عن الحروب التقليدية التي شهدها القرن العشرون"، فإنه يضيف في حوار مع دويتشه فيله: "القوات الألمانية تورطت شيئا فشيئا، وابتداء من عام 2006، في مواجهات عسكرية مع متمردي طالبان، بحيث أصبحنا في حالة حرب نتجت عنها خسائر بشرية بين الطرفين". وسبب اللغط هنا هو أن مهمة القوات الألمانية لم تكن في الأساس قتالية حين وافق البرلمان الألماني "البوندستاغ" على إرسالها إلى أفغانستان قبل ثماني سنوات.

"ألمانيا الحلقة الأضعف في أفغانستان"

وفي دفاعها عن وجود القوات الألمانية في أفغانستان بعد مقتل سبعة جنود ألمان هناك خلال أسبوعين، شددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بيانها الحكومي أمام البوندستاغ على أن "من الخطأ الاعتقاد بأن ألمانيا ليست في مرمى نيران الإرهاب العالمي"؛ مستعيدة مقولة وزير الدفاع الأسبق بيتر شتروك الشهيرة وهي أن "الدفاع عن حرية ألمانيا يكون في بلاد الهندوكوش". إلا أن بوخن يرى بأن "الجمهور الألماني لم يعد يقتنع بأن الوجود العسكري الألماني في أفغانستان هو لحماية أمنه في ألمانيا"، فنسبة الألمان المؤيدين للحرب في أفغانستان تراجعت بشكل كبير وباتت الغالبية غير "مقتنعة بأسباب وجود الجنود الألمان هناك".

Guttenberg und Merkel im Bundestag
ميركل برفقة وزير دفاعها في البوندستاغ حيث قدمت بيانا حكوميا حول الوضع في أفغانستانصورة من: AP

وبدوره يرى حسن منيمنة، كبير الباحثين في معهد هادسون الأمريكي، أن حركة طالبان والأطراف المتحالفة معها أدركت منذ فترة طويلة بأن السبيل إلى "استنزاف" التأييد العالمي للحرب في أفغانستان يكون عبر "إخراج الأطراف التي يمكن أن تسمى حلقات أضعف في هذه المواجهة". ويضيف منيمنة، في حوار مع دويتشه فيله، بأن ألمانيا تأتي في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة وبريطانيا من حيث عدد قواتها المنتشرة في أفغانستان، إلا أنها مع ذلك تعتبر "الحلقة الأضعف في الأطراف الغربية التي تقود المواجهة مع طالبان". وحسب منيمنة فإن إستراتيجية طالبان وحلفائها لإضعاف الولايات المتحدة تقوم على "استهداف ألمانيا لإحراجها وبالتالي إخراجها" من أفغانستان.

"تمييز بين القاعدة وطالبان في العالم الإسلامي"

أما الباحث اليمني المتخصص في قضايا الإرهاب نبيل البكيري، فيرى أن الموقف الألماني "أضعف" في هذه الفترة من أي يوم مضى بسبب "غياب التأييد الشعبي الألماني لمهمة القوات الألمانية في أفغانستان". ويضيف البكيري، في حوار مع دويتشه فيله أن تبني مقولة "الحرب"، بمعنى أن القوات الألمانية في أفغانستان هي في حالة حرب، "تشكل خطرا على الوجود العسكري الألماني في شمال البلاد". لأن المسؤولين الألمان السابقين، حسب البكيري، كانوا يشددون على أن الوجود الألماني في أفغانستان "لن يتعدى حماية العاملين في مجال إعادة إعمار أفغانستان". واليوم أصبحت القوات الألمانية "جزءا من المعارك الدائرة هناك كما كثفت حركة طالبان هجماتها ضد هذه القوات"، وهو ما يفسر ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود الألمان".

ويعرب الباحث اليمني عن اعتقاده بأن مبعث الخطر يأتي أيضا من "أن الرأي العام في العالم الإسلامي أصبح يميز كثيرا بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة" الإرهابي، فمقاتلو حركة طالبان حسب هؤلاء "يخوضون معركة الدفاع عن بلادهم بعكس تنظيم القاعدة الذي أصبح تهديدا أخطبوطيا عبر العالم يستهدف المصالح الغربية دون تمييز". وحتى على مستوى الرؤية العقائدية هناك "تباين كبير بين عقيدة القاعدة الوهابية المتطرفة وبين عقيدة طالبان الأشعرية الماتريدية؛ لكن جمعتهم في فترة معينة المصالح والإستراتيجية المشتركة لهما"، والكلام للباحث اليمني.

"الانسحاب في هذه الفترة خطوة غير واقعية"

Obama / Afghanistan / Bagram / USA
يرى بعض المراقبين أن إعلان واشنطن وبرلين نيتهما البدء بسحب قواتهما من أفغانستان أمرا غير واقعيصورة من: AP

ويشدد الصحافي الألماني بوخن أيضا على هذا التمييز ويضيف بأن هناك أصواتاً داخل الحكومة الألمانية والحكومات الغربية الأخرى تقر "بوجوب الفصل بين متمردي حركة طالبان وتنظيم القاعدة الإرهابي وتدعو إلى إجراء حوار مع العناصر المعتدلة في الحركة". وردا على سؤال حول ما أعلنه وزير الخارجية الألماني بأن برلين ستبدأ سحب قواتها من أفغانستان في نهاية عام 2011، يقول بوخن بأن هذه "الخطة غير واقعية وغير قابلة للتطبيق وهي تهدف إلى إرضاء الرأي العام الألماني المعارض للوجود العسكري الألماني في أفغانستان".

أما كبير الباحثين في معهد هادسون الأمريكي حسن منيمنة، فيرى في عدم التمييز بين طالبان والقاعدة "نقطة الضعف الأساسية في خطة الرئيس أوباما حول أفغانستان". ونقطة الضعف الأخرى هي "تحديده للعام المقبل كموعد للانسحاب من أفغانستان". ويشدد منبمنة على أن تحديد موعد للانسحاب، سواء أكان من قبل برلين أو واشنطن، يعتبر "أمراً غير مسؤول"؛ فتحديد الموعد يعني "وكأنك تعطي الخصم المهلة الزمنية التي عليه أن ينتظر خلالها قبل أن يتحرك فعليا في عمليات عدائية ضدك". ويرجح الباحث اللبناني أن أوباما سيضطر إلى تعديل إستراتيجيته فيما يتعلق بالانسحاب من أفغانستان لأن "القوات الغربية لن تحقق نصرا عسكريا في أفغانستان ما لم تكسب الجمهور الأفغاني".

ويبقى السؤال الأساسي هو كيف يمكن للولايات المتحدة وحلفائها، كألمانيا وغيرها، تجاوز هذا الوضع في ظل استحالة الحسم العسكري؟ وكيف يمكن تقديم بديل للمواطن الأفغاني الذي يجد نفسه بين "فكي كماشة"؟ فهو "يخشى حركة طالبان المتشددة من جهة، ومن جهة أخرى لا يحترم حكومة كرزاي ولا يرى بأنها تمثله"؛ ويصف منيمنة الوضع قائلاً: "المسألة شائكة جدا ولا يمكن الحديث عن حل واضح في الأفق".

الكاتب: أحمد حسو

مراجعة: سمر كرم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات