1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ناجيات يروين لـ DW كيف بات الاغتصاب سلاح حرب في السودان

مارتينا شفيكوفسكي
٥ يوليو ٢٠٢٤

تسبب الصراع في السودان في حدوث أكبر أزمة نزوح في العالم. وأفادت تقارير حقوقية بوقوع أعمال عنف جنسية بحق نازحات وأطفال. وفي مقاابلة مع DW، تقول إحدى الضحايا أن "الذكريات المؤلمة قلبت حياتي رأسا على عقب".

https://p.dw.com/p/4hoxW
نازحة سودانية من دارفور بأحد المخيمات في تشاد، 22.2.23
العديد من النساء السودانيات تعرضن لأعمال عنف جنسية بسبب الحرب الدائرة في السودانصورة من: DW

تنتقل حلمية من مخيم نزوح إلى آخر إذ كلما توقعت الأمان في مخيم، يقع هجوم ليدفعها وغيرها إلى التشرد والنزوح مرة أخرى في سبيل البحث عن مكان آخر يؤويهم. وفي مقابلة مع DW،قالت حليمة – اسم مستعار – أن "الذكريات المؤلمة التي قلبت حياتي رأسا على عقب، أضحت بمثابة كابوس يوقظني في الليل."

وتنحدر حليمة من مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، لكن بلدتها تعرضت في يونيو / حزيران العام الماضي لهجوم شنه مقاتلون من قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش السوداني. وفي ذلك، قالت حليمة إنها سمعت صوت الدراجات النارية التي كان يستقلها المسلحون، مضيفة "اقتحموا منزلي وكنت متواجدة في غرفتي. قام أربعة منهم بتهديدي بالسلاح فيما ضغط أحدهم على عنقي وكاد أن يخنقني قبل أن يغتصبني".

طوابير طويلة للنازحين بالقرب من الخرطوم تصطف للحصول على مساعدات، 17 يونيو/ حزيران 2024
الأزمات الإنسانية تتفاقم في السودان بسبب الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، هل يدفع ذلك لوقف العنف؟صورة من: Guy Peterson/AFP

ورغم إصابتها بجروح، إلا أنها تمكنت في نهاية المطاف من الفرار حيث شقت طريقها إلى  تشاد، مضيفة أنها شعرت بالأمان، لكنها لم تتمكن من إيجاد من يعالجها مما ألم بها رغم أنها كانت في أمس الحاجة إلى العلاج بعد ما عاصرت من أهوال. لم تكن حليمة السيدة الوحيدة التي وقعت ضحية   لجرائم اغتصاب  في خضم الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني حيث تحدث العديد من النساء والأطفال في مخيمات النازحين بتشاد عن فظائع مماثلة تشمل جرائم عنف جنسية.

الاغتصاب.. سلاح

ويقيم غالبية اللاجئين السودانيين في مخيمات تقع شرق تشاد مثل "أدرى" الذي يعد أقدم مخيم للاجئين السودانيين في تشاد. وتعد حليمة من بين اللاجئين الذين يعيشون في المخيم فيما تعتقد أنها تعرضت للاغتصاب على يد مقاتلي قوات الدعم السريع بسبب انتمائها إلى قبيلة "المساليت" التي كانت تشكل الأغلبية في مدينة الجنينة قبل اقتحامها العام الماضي.

وتسرد خديجة – اسم مستعار – قصة مشابهة لمأساة حليمة. وفي مقابلة مع DW، تستحضر خديجة من ذاكرتها الفظائع التي تعرضت لها قبيلتها، قائلة: "لم أخبرهم أنني من المساليت حيث قلت لهم إني من قبيلة الفور. لقد هددوني بالقتل إذا كنت من المساليت".

وعلى وقع ما عاصرته، قالت إن أبناء قبيلة المساليت لن يمتلكوا أي أراض في  السودان  مستقبلا. وتتشابه قصة خديجة مع قصة "حواء" – اسم مستعار – التي ذاقت الأمرين إبان  هجوم  وقع في يونيو/حزيران 2023.

وفي مقابلة من DW، قالت حواء إن "عنصرا من مقاتلي قوات الدعم السريع دخل منزلها وأطلق النار على ابن عمها ذي العشرين ربيعا، مضيفة "سمعت صراخ أمي وخالتي بعد تعرضهما للضرب. لقد ضربني أنا أيضا بالسوط والعصا وصفعني بأناء ماء. ثم قام باغتصابي".

وربما كانت حواء سعيدة الحظ بعض الشيء مقارنة بحليمة إذ عثرت على مستشفى لعلاج الجروح التي ألمت بها لكنها مازالت تشعر بالألم عند المشي. ووثقت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش فظائع جرائم عنف جنسية وسط تحذيرات من احتمالية تعرض المساليت لإبادة جماعية. ولم يرد مسؤولو الدعم السريع على استفسارات DW .

نازحات سودانيات ينتظرن الحصول على المساعدات في أحد مخيمات النزوح في تشاد، 15 أغسطس/ آب 2023
الكثير من النازحات السودانيات تعرضن للاغتصاب في وقت يغيب فيه الدعم المعيشي والنفسي لهنصورة من: MOHANED BELAL/AFP

أكبر أزمة نزوح في العالم

وفي تقرير عن العنف نُشر نهاية العام الماضي، أفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن  النساء والفتيات  داخل السودان يتحملن وطأة عواقب النزاع، بما في ذلك مستويات "مثيرة للقلق" من الانتهاكات الجنسية. وأشار التقرير إلى تعرض الكثير من طالبي اللجوء للتحرش والاختطاف والاعتداءات الجنسية وغيرها من أشكال العنف خلال رحلاتهم.

ومنذ أبريل / نيسان العام الماضي، يخوض الجيش وقوات الدعم السريع معارك دموية مما أجبر 12 مليونا على الفرار من منازلهم بحسب بيانات صدرت في يونيو/حزيران الماضي. وذكرت "لجنة الإنقاذ الدولية" أن أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول الجوار منذ اندلاع الصراع، فيما بلغ عدد النازحين داخل البلاد قرابة 10 ملايين شخص.

ويمثل ذلك أكبر أزمة نزوح في العالم وسط تحذيرات من   نقص كبير في تمويلالغذاء والدواء وتجهيزات الإيواء.

زيادة معدلات الاغتصاب

من جانبه، أشار عبد الرحمن علي، المدير فرع منظمة كير الدولية في السودان، إلى زيادة أعمال العنف في جميع أنحاء السودان، لا سيما في مناطق القتال مثل دارفور والخرطوم وولاية الجزيرة. وفي مقابلة مع DW، قال علي إن أشكال العنف التي تمارس ضد النساء والفتيات مازالت مستمرة، لاسيما داخل  مخيمات اللاجئين، مضيفا أن الوضع يتفاقم بسبب الصعوبات في تقديم المساعدات الغذائية الطارئة والمياه النظيفة والرعاية الصحية.

نازحة سودانية في مخيم للاجئين في تشاد، بعد تعرضها للاغتصاب، 1 أغسطس/ آب 2023
تجلس هذه النازحة السودانية بمخيم للاجئين في تشاد بعد تعرضها للاغتصاب، وهناك ضحايا من أمثالها بالعشراتصورة من: Zohra Bensemra/REUTERS

وأضاف بأن التحدي الأكبر يتمثل في نقل الإمدادات الصحية والغذائية من تشاد إلى السودان لمساعدة النازحين، مضيفا "هناك العديد من المناطق التي لا نستطيع الوصول إليها بسبب استمرار القتال وفرض قيود لا تسمح لنا كعمال إغاثة بالوصول إلى المحتاجين". وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية بأن النساء والأطفال يشكلون 90 بالمائة من الفارين من جحيم المعارك إلى الحدود، محذرة من أن طفلا من بين كل خمسة أطفال يعاني من سوء التغذية الحادة.

وسلط عبد الرحمن علي الضوء على صعوبة توفير الدعم النفسي لضحايا   العنف الجنسي، قائلا: "ثمة العديد من حالات النزوح حيث تنتقل النازحات واللاجئات من مكان إلى آخر، وهذا يعقد جهود تقديم المساعدات للمتضررات".

ماذا بعد الهروب إلى تشاد؟

وقبل بدء الصراع، كان  السودان  يعاني بالفعل من أزمة إنسانية حادة ناجمة عن حالة عدم الاستقرار السياسي وأزمة اقتصادية تئن تحت وطأتها البلاد منذ عقود.

بيد أن الأوضاع تفاقمت مع اندلاع موجة القتال الأخيرة مما جعل قرابة 25 مليونا – أي ما يشكل نصف سكان السودان – في حاجة إلى المساعدة، بحسب تقديرات لجنة الإنقاذ الدولية.

نازحون هاربون من العنف في غرب دارفور باتجاه تشاد، 4 أغسطس/ آب 2024
تسبب القتال في السودان في أكبر نزوح في العالمصورة من: Zohra Bensemra/REUTERS

ومع اتساع وتيرة القتال، فر أكثر من 600 ألف سوداني إلى تشاد التي كانت تستضيف قبل الحرب 400 ألف لاجئ سوداني، وهو ما دفع لجنة الإنقاذ الدولية إلى توسيع خدماتها الضرورية لمساعدة اللاجئين السودانيين في بلدان الجوار الأخرى مثل أوغندا وإثيوبيا وجنوب السودان.

تجاهل القانون الدولي

ويحث عبد الرحمن علي طرفي الصراع على الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي الذي يكفل حماية المدنيين والبُني التحتية، مشددا على أن تحسين وضع حقوق الإنسان يستلزم حصول عمال الإغاثة على ضمانات.

وقال "هناك حاجة لأن تجلس أطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات لوضع نهاية لهذه الأزمة التي تتسبب "في معاناة إنسانية لا توصف بحق الشعب السوداني."

ورغم ما عانت منه حليمة وحواء من أهوال، إلا أنهما يأملان في العودة إلى حياتهما ما قبل النزوح، بل تحلمان باستكمال دراستهما. وفي ذلك، قالت حليمة "إذا تحسن الوضع، أريد أن ألتحق بكلية الطب لأصبح طبيبة".

 

مارييل مولر ساهمت في إعداد التقرير

أعده للعربية: محمد فرحان