1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مايسة سلامة الناجي: هل انتهت صلاحية بن كيران عند المخزن؟

مايسة سلامة الناجي٩ يونيو ٢٠١٦

المدونة والكاتبة الشابة المغربية مايسة سلامة الناجي* تتساءل في مقال لـ DW عربية، إلى أي درجة سيتنازل رئيس الحكومة الإسلامي عبد الإله بن كيران حتى يكسب ود وثقة الملك.

https://p.dw.com/p/1J3ku
Mayssa Salama Ennaji marokkanische Bloggerin
صورة من: Privat

ما كان المخزن ـ ملك المغرب ومستشاروه ومستثمروه والمؤسسات السيادية التابعة له ـ ليسمح بصعود حزب يروج لنفسه بصفة "الإسلامي" للسلطة، لولا رياح ما يسمى بالربيع العربي التي كلما أسقطت نظاما أظهرت بعدها صناديق الديمقراطية تعطش شعوب المنطقة لكل من يحمل هذه الصفة. هذا التعطش والتوق للإسلام كان النتاج المباشر لسياسة الابتزاز التي شنتها أمريكا، في المنطقة باستغلال حادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، تحت شعار"مكافحة الإرهاب والعنف والفكر المتطرف"، وهي سياسة يُنظر لها لدى قطاعات واسعة في الشارع المغربي،على أنها تهدف للقضاء على ما تبقى من تشريعات وقوانين تأخذ كنهها من الإسلام في مدونات الأسرة والقضاء والحكم تقنن الاستهلاك والاقتصاد والعلاقات... وتضع مكانها ما يناسب شركاتها(أمريكا) من قوانين تفتح الباب لاستهلاك الشعوب غير المقنن لا بدين ولا بعرف.

كذلك تبع النظام المغربي مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش "إما معنا أو مع الإرهاب" فارتكب تجاوزات في حملاته ضد كل من لا يحابي أمريكا وخصوصا ممن يحمل جلبابا ولحية وزج بالكثير منهم في المعتقلات.. ثم فهم بعدها وقد بدأت تهب تلك الرياح الساخنة على العرش.. ومن تجارب بلدان الجوار تونس ومصر.. أن لا مفر من الإسلاميين فبدأ يخرج معتقليهم من السجون معترفا بجوره عليهم، ثم أن لا مفر من حزب العدالة والتنمية كبنج(مخدر) ومهدئ للشعب ومُيَسر لعلمية الانتقال المستقر للنظام ضمن سلسلة من الاقتراحات كإصلاح الدستور ومنح رئيس الحكومة سلطات واعدة بديمقراطية حقة. لم يكن هناك بديل عنه رغم ما كان يكن له المخزن من نفور ولكل من يحمل صفة إسلامي، هؤلاء الذين كان يرى فيهم معرقلين لاستثمارات تنتعش منها أرباحه وخزينة المملكة من الخمور وألعاب الحظ والسياحة بأشكالها... ومنتقدين لتحالفات تضمن استقراره ودعمه المادي ودعم قضايا وطنية كالصحراء، تحالفات مع أمريكا وإسرائيل والسعودية كارهة "الإخوان" في كل مكان. لم يكن بديلا ـ لكن كانت الصفقة.

" لم يكن بديلا ـ لكن كانت الصفقة"

الصفقة لم تكن سوى مع ابن المخزن البار عبد الإله بن كيران، الذي نشرت جريدة "العلم"(المغربية) بتاريخ 12 أبريل/ نيسان 2013 رسالة مسربة من أرشيف "الجماعة الإسلامية" حررها بن كيران في بداية مشواره بعد بعض المضايقات من المخزن وسارع بإرسالها إلى وزير الداخلية آنذاك ادريس البصري(توفي سنة 2007)، يعده عبرها بالولاء والطاعة وبقبول المراجعات من النضال لإنشاء دولة إسلامية إلى العمل من داخل المؤسسات المخزنية.. وبتجنيد الحركة الإسلامية لمناهضة اليسار وفي الرسالة يقول بنكيران: "إننا نأمل أن تتداركنا عناية اللّه على... إننا معالي الوزير، سنكون مسرورين وشاكرين لكم صنيعكم إذا خصصتم جزءا من وقتكم لاستقبالنا والتعرف علينا...".

بعد أن فشل في إثارة الانتباه إليه لجأ بن كيران إلى أحد قادة حركة المقاومة ضد الإستعمار الفرنسي، عبد الكريم الخطيب مؤسس حزب الحركة الشعبية الدستورية الذي رفض فكرة التحاق بن كيران بحزبه وانتفض واصفا إياه بعميل البصري، وحسب مقال نشرته صحيفة"المساء" عدد 2882: "صفة العمالة هي الصفة التي ارتبطت بابن كيران ورددها خصومه في أكثر من محطة. لذلك كانت مهمة إقناع الخطيب صعبة."بعد محاولات إقناع الخطيب، يذكر أن لقاء تم في بيت الخطيب بوجود بن كيران وبعض قياديي الإخوان المسلمين بمصر وأن الخطيب نادى على بن كيران وهو يهم بالدخول: "أين هو الكوميسير؟" هو لقاء التحاق بن كيران وإخوانه بالحزب الذي يسمى اليوم "العدالة والتنمية".

بن كيران بقي خادما للمخزن طيلة أعوام نشاطه داخل الحزب إلى أن وصل إلى الأمانة العامة، فقد خاض المخزن بواسطة حزب العدالة والتنمية حروبا انتخابية، مرة طالبه بكبح جماح حزب الاتحاد الاشتراكي ـ الحزب اليساري الذي كان يتزعم معارضة النظام لعقود... ومرة أخرى طالبه بالانكماش وعدم خوض الانتخابات بكامل قوته.. وكذلك ظل الحزب خديم المخزن يخوض الانتخابات في ملعب محدود السقف يبقي للقصر قرار توظيف ميزان القوى لما يحفظ سلطاته بعدم تغليب إسلاميين ولا يساريين. إلى أن جاءت رياح الربيع العربي حيث رأى المخزن في حزب بن كيران المنقذ فأمره بخوض الانتخابات بكامل قوته.. على أن يظل بعد تولي قياداته رئاسة الحكومة والوزارات والبرلمان صاحب سلطة شكلية.

أولا أكدت هذه النظرية مراسلة مسربة بموقع وكيليكس عن رئاسة الاستخبارات العامة السعودية في وقت تولي الحزب الإسلامي للسلطة، تقول: "عند القراءة السريعة لتشكيل حكومة بن كيران نجد أن أربع مناصب وزارية كبيرة داخلها هي مجرد مناصب شكلية لترضية أصحابها (...) منصب وزير الخارجية الذي سيتولاه لأول مرة وزير منتمي لحزب العدالة والتنمية هو سعد الدين العثماني ـ لكن بحكم كون وزارة الخارجية تدخل في نطاق السيادة الديبلوماسية التي يخول الدستور للملك الإشراف عليها فإن وجود سعد الدين العثماني سيكون مجرد واجهة لتصريف القرارات التي تصنعها الأجهزة خاصة جهاز الاستخبارات..." انتهى. وبهذا طمأن المغرب السعودية على أن حزب "الإخوان" المغربي ليس إلا حزبا شكليا وإرضاء لصوت الشعب وإخمادا للثورة.

يحدث هذا في ظل حكومة الإسلاميين

كما يؤكد هذه النظرية، الواقعُ المعيش بعد 5 أعوام من ولاية بن كيران كرئيس حكومة وأعضاء حزبه بالوزرات والبرلمان، إذ لا شيء يحمل نفحة الإسلام حل بالبلد، بل صادق نوابه بالإجماع على بروتوكول "سيداو" الذي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، رغم الاعتراضات الواسعة عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي(فيسبوك) واستطلاعات من الشارع نشرتها وسائل إعلام مغربية، بالإضافة إلى تحفظ الدولة على البروتوكول باسم "إمارة المومنين" التي تعلوه (ينص الدستور المغربي على أن الملك هو أمير المؤمنين). كما أن نقاش تقنين الإجهاض والذي قُوبل بمعارضة قطاعات واسعة من الشارع المغربي، لم يكن لإسلاميي الحزب أي دخل في القرار بشأنه بل عاد إلى الملك الذي أحضر إلى جنبه وزيره التيكنوقراطي أحمد التوفيق الذي يقعد على رأس وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير الصحة الحسين الوردي من حزب "شيوعي" بالصفة!

كما أن عائدات الخمور لازالت تنعش الخزينة وألعاب القمار في أوجها والمبادلات التجارية (غير مباشرة) مع إسرائيل أزهرت في عهد من وصفوا أنفسهم بالإسلاميين.. والذين لم يكن لهم أي دور ـ رغم ما أرهقوا به الشعب من شعارات إصلاح ومحاربة مفسدين ـ غير تمرير توصيات صندوق النقد الدولي التي كانت موضوعة لعقود على رفوف مكاتب المخزن لم يتجرأ أي حزب على تمريرها، استغل بن كيران شعبيته ومررها من إصلاح صندوق المقاصة (صندوق حكومي مخصص للدعم الإجتماعي) بقطع دعم المواد الغذائية وقطع الدعم عن الوقود والبنزين وزيادة سعر الماء والكهرباء وإصلاح التقاعد من جيب وعمر المواطن المسكين.

Marokko Umbildung der Regierung Abdelilha Benkiran
صورة من: Rachid Tniouni

بن كيران أيام حملته الانتخابية توعد بطرد مستشار الملك الماجيدي وبعد توليه السلطة وخروج تسريبات بنما باسثمار الماجيدي في الجنات الضريبية، قال بن كيران أنه لا يملك أي تعليق، وبعد أن كان يصدح بفساد مهرجان موازين أصبح يختبئ أيام المهرجان، وبعد أن كان يطالب بالديمقراطية خرج اليوم في ڤيديو نشر على اليوتيوب بتاريخ 2 يونيو 2016 معنونا "بن كيران: لهذا السبب رفضت الملكية البرلمانية" يصرح خلاله أنه يرفض أن يعمل بصلاحياته المخولة له من الدستور بل يفضل تركها بيد الملك!!!!

بن كيران اليوم.. مع قرب الانتخابات التشريعية التي ستجري يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول تتجدد على إثرها الحكومة والقاعدين على كراسي البرلمان، بعد ولايتين كأمين عام على رأس حزبه، وقانون الحزب يقول أنه لا يمكن تجاوز ولايتين.. قرر أعضاء الحزب عقد مؤتمر استثنائي يمنح بن كيران ولاية ثالثة، في خرق للديمقراطية، كونهم لم يجدوا داخل الحزب من يعوض بن كيران في خنوعه وخضوعه وطأطأة الرأس للمخزن.. بما أكثر على الشعب من تصريحات تفيد بأن الملك إن أراد جره للسجن سيقبل، وبأنه لا يستطيع مناقشة الملك في أمر لكي لا تسخط عليه أمه.. آخرها رفضه للملكية البرلمانية وقبوله أن تظل أغلب السلطات بيد الملك، وما إليه من تصريحات يحاول عبرها كسب ود الملك ورضاه حتى أنه بدأ يتنصل من كونه إسلاميا أو كون حزبه يحمل أي مرجعية طمعا في ولاية ثانية على رأس الحكومة. فهل سيكون المخزن قد قضى وطرًا من حزب العدالة والتنمية وكبيرهم بن كيران وانتهى من الصفقة التي خولت له النفاذ من رياح الربيع العربي.. أم أن خنوع بن كيران وخضوعه وتمسكنه سيؤتي أكله للظفر بمزيد من القرب وأكياس شعير البلاط.

* المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة DW

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد