1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مأساة المهاجرين في البوسنة.. "لا مجال للنظر إلى الوراء"

١٣ أبريل ٢٠٢١

في بلدة فليكا كلادوشا شمال البوسنة، يضع المهاجرون هدفا واحدا نصب أعينهم: دخول كرواتيا لمواصلة رحلتهم إلى أوروبا الغربية. بعضهم حاول بالفعل عبور الحدود لأكثر من 20 مرة، ومع كل محاولة، عليهم تحمل البرد وعنف الشرطة.

https://p.dw.com/p/3rVIX
حياة اللاجئين في مخيمات شمال البوسنة على الحدود الكرواتية لاتطاق وفرص اللاجئين في مغادرتها ضعيفة للغاية
في فليكا كلادوشا شمال البوسنة، بعض المهاجرين فشلوا عشرات المرات في عبور الحدود والانتقال إلى أوروبا الغربية. صورة من: InfoMigrants

على طريق ترابي يصل إلى فليكا كلادوشا شمال البوسنة، يدفع "هجرة الله"، وهو مهاجر أفغاني، دراجته البيضاء حاملاً على ظهره حقيبة كبيرة.

يتوجه الشاب إلى الحدود الكرواتية لإيجاد زوجته وابنتيه، فقد اتصلت به زوجته للتو وأبلغته بأنه تم ترحيلها من كرواتيا مع ابنتيهما اللتين تبلغان من العمر ثلاث وخمس سنوات. إنها محاولة أخرى فاشلة، لكنها لن تكون الأخيرة، فقد حاول الزوجان عبور الحدود 45 مرة، باءت جميعها بالفشل.

اتفق الزوجان على أنه سيكون من الأفضل أن تحاول الزوجة عبور الحدود مع ابنتيهما، وبعد ذلك، بمجرد الوصول إلى زغرب، تتقدم بطلب لم شمل لينضم إليهن "هجرة الله". لذلك انتقلت الأسرة إلى فليكا كلادوشا ليكونوا قريبين قدر الإمكان من الحدود.

من مرتفعات هذه البلدة الصغيرة، نرى الأعلام الكرواتية والأوروبية ترفرف فوق المراكز الحدودية.

في المباني المهجورة والمخيمات العشوائية حيث يتواجد المهاجرون في فليكا كلادوشا، كما هو الحال في مركز الإقامة في "ميرال" الذي تديره المنظمة الدولية للهجرة، ينصب كل تفكير المهاجرين على فكرة واحدة، عبور الحدود أو "اللعبة" كما تسمى هنا. وبعد شهور وحتى سنوات من التواجد في البوسنة، قد حاول البعض عبور الحدود عشرات المرات، دون جدوى.

الغابة البنغالية

في الغابة حيث شكل حوالي 50 مهاجراً بنغالياً مخيماً صغيرا أطلق عليه اسم "الغابة البنغالية"، تستريح مجموعة منهم قبل المغادرة باتجاه الحدود. تحت سقيفة مصنوعة من قطع من الخشب والأغطية البلاستيكية، يقوم "عتيق" بتحضير كرات صغيرة من العجين لصناعة بعض الفطائر.

قدم هذا الشاب من بلدة "سيلهيت" في بنغلادش، ولم يمض على محاولته الأخيرة لعبور الحدود سوى أربعة أيام، لكنه يخطط بالفعل لتجربة حظه مرة أخرى في اليوم التالي للقائه بفريق مهاجر نيوز.

وعلى مسافة قريبة من المخيم الموحل، يجلس أحمد قرب إناء يُطبخ فيه الأرز، ويقول إنه أيضا يحاول بلا كلل العبور إلى كرواتيا. يتذكر قائلاً "هذا الشتاء، عندما كان الثلج شديدا، ذهبنا إلى مخيم ليبا بالقرب من بيهاتش، قضينا هناك بضعة أيام وعدنا".

مهاجرون من مختلف الجنسيات تجمعوا في البوسنة على أمل الوصول إلى أوروبا الغربية من هناك عبر كرواتيا
أحمد، مهاجر بنغالي، توجه إلى مخيم ليبا خلال الشتاء لتجنب الثلج ودرجات الحرارة المنخفضة جداً.. صورة من: InfoMigrants

لحبال الممتدة بين الأشجار تذكر المهاجرين بالأيام الممطرة والثلجية، عندما كان عليهم سحب أنفسهم للوصول إلى قمة المخيم المنحدر دون الانزلاق. الآن بعد أن أصبحت درجات الحرارة أكثر دفئا، يتم استخدامها لتعليق الغسيل.

"سنعبر الحدود، إن شاء الله"

دقت ساعة المغادرة في مبنى "أولد فاكتوري" المهجور، حيث لجأت مجموعة من المهاجرين الجزائريين. نصب المهاجرون خيمتين في ساحة المبنى، وأحاطوهما ببعض الأرائك القديمة، وأشعلوا ناراً في الوسط.

ثلاثة منهم سيغادرون بعد ظهر اليوم ليجربوا حظهم مرة أخرى في كرواتيا. وقت المغادرة، يحتضن الشباب بعضهم البعض، ويتمنى كل منهم الحظ للآخر. يكرر أحدهم "سنعبر الحدود، إن شاء الله".

يشرح محمد، وهو مهاجر يبلغ عمره 30 عاماً بقي في فليكا كلادوشا قائلاً "سيمشون إلى قرية كرواتية على بعد 18 كيلومترا من هنا. ومن هناك سوف يستقلون حافلة إلى زغرب، ثم أخرى إلى الحدود السلوفينية. ثم عليهم أن يسيروا 25 كيلومترا إلى الحدود الإيطالية". ويتابع ضاحكاً "بعد ذلك لا نعرف ما الذي يحصل، لم نذهب أبدا إلى هذا الحد".

"سوف نسمح لك بالذهاب إذا ضربته"

وصف جميع المهاجرين الذين تمت مقابلتهم وحشية الشرطة الكرواتية بنفس الطريقة، "يجبرونا على خلع ملابسنا، يسرقون هواتفنا وأموالنا، يضربوننا، نعود إلى البوسنة بملابسنا الداخلية".

عنف الشرطة الكرواتية ضد اللاجئين يتكرر في بلدان أخرى بشكل يومي في بلدان البلقان الأخرى وغيرها.
عبد الرحمن، 17 عاماً، تعرض للضرب من قبل الشرطة الكرواتية بعد عبوره للحدود قادماً من البوسنةصورة من: InfoMigrants

روى محمد المزيد من الأحداث المروعة التي حدثت خلال عمليات الاعتراض والاعتقال. ووصف قائلاً "كان اثنان من رجال الشرطة يمسكان بذراعي وضربني ثالث بهراوته". ويزعم الشاب أنه عانى من كدمات في رجليه وظهره لأكثر من أسبوعين. ويتابع بينما ساد الصمت من حوله "وفي مرة أخرى، أُجبرت على ضرب صديقي الذي كان يرافقني. قال لي رجال الشرطة أنهم لن يسمحوا لي بالذهاب إلا إذا ضربته".

ولإثبات تعرضه للعنف، التقط عبد الرحمن، وهو مهاجر بنغالي، صوراً لجسده المصاب بكدمات بعد طرده من قبل الشرطة الكرواتية.الشاب البالغ من العمر 17 عاما موجود في البوسنة منذ ثمانية أشهر، وعلى الرغم من خمس محاولات فاشلة لعبور الحدود، لم يفقد الأمل. وقال "في الوقت الحالي الجو بارد جدا لكنني سأحاول مرة أخرى في غضون خمسة أيام".

في فليكا كلادوشا كما في بيهاتش، توثق جمعية "نو نيم كيتشن" عنف الشرطة على الحدود الكرواتية، وتشارك في شبكة مراقبة العنف على الحدود. في تشرين الأول/أكتوبر 2020، نشرت هذه الجمعية تقريرا معمقاً عن أعمال العنف التي ارتكبتها الشرطة الكرواتية ضد المهاجرين. وقد تم تحديد العديد من حالات العنف الجنسي على وجه الخصوص.

وردا على ذلك، أعلنت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون "أنها تأخذ هذه القضايا على محمل الجد". وكانت قد دعت بالفعل إلى "تحقيق شامل" في أعمال العنف، وذلك بعد نشر تقرير منظمة العفو الدولية في حزيران/يونيو 2020. من جانبها، تواصل زغرب رفض أي اتهام للشرطة بارتكاب أعمال عنف على الحدود.

جمعيات ومنظمات الإغاثة عاجزة عن توفير شروط صحية للعيش في مخيمات اللاجئين شمال البوسنة بسبب قلة الدعم
"في "فيليكا كليدوزا"، تقوم جمعية "نو نيم كيتشن بتوزيع الملابس وأكياس النوم على المهاجرينصورة من: InfoMigrants

"الملابس والأحذية"

ووفقا للمهاجرين، يرافق هذا العنف سرقة ممنهجة لملابسهم وأكياس نومهم. وفي محاولة لحمايتهم من البرد، توزع جمعية "نو نيم كيتشن" الملابس الدافئة والأحذية وأكياس النوم، ويتم تخزينها في قبو المنزل الذي تستخدمه الجمعية كمقر لها.

تشرح ميريت كولستيدت، وهي متطوعة في الجمعية، "يحتاج اللاجئون بشكل خاص إلى السراويل والأحذية لأنهم يتنقلون باستمرار. في الآونة الأخيرة، تلقينا أيضا المزيد من ملابس الأطفال حيث بتنا نلاحظ وجود المزيد من العائلات".

ومن السهل ملاحظة أن الرف الخاص بتخزين أكياس النوم فارغ جزئيا. وتتابع الشابة الألمانية "على الرغم من أن الأكياس الكبيرة أكثر دفئا، لكنها أيضا أثقل بكثير. لذلك يفضل المهاجرون الأكياس الأصغر التي نوزعها كثيرا، لأنها خفيفة".

بالنسبة لمهاجري فليكا كلادوشا، سيحتاجون إلى عدد كبير من أكياس النوم قبل النجاح في الوصول إلى هدفهم، لأن خيار الاستسلام والتراجع غير مطروح. وقال ثلاثة مهاجرين أفغان التقوا في "الغابة البنغالية"، "لقد أنفقنا الكثير للوصول إلى هنا، وباع آباؤنا أبقارهم ومنازلهم. العودة إلى الوراء لن تكون منطقية".

جوليا دومون - مهاجر نيوز

البوسنة: بؤس اللاجئين في الغابة