1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليبيا والعراق: ما أشبه الليلة بالبارحة

١٦ سبتمبر ٢٠١١

تشابُه التاريخ والجغرافية قد يضع ليبيا الغنية بالنفط والمذبوحة بالديكتاتورية على خطى العراق الغني بالنفط وقد خربته الديكتاتورية. غابت الطبقة الوسطى في البلدين، وغابت المعارضة ولم يبق سوى الإسلام السياسي يملأ الفراغ.

https://p.dw.com/p/12aGW
صورة من: AP/DW-Montage

ما يجري في ليبيا هو نفسه ما جرى وأثره مستمر حتى الآن في العراق. صدام حسين الذي حكم العراق 35 عاما هو نسخة من العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا 40 عام. كلاهما دمر المشهد السياسي وقضى على كل قوة معارضة، وكلاهما خلق فراغا سياسيا كبيرا، وكلاهما ربط الدولة وإمكاناتها المادية ( النفط والموارد والعلاقات الدولية) بمنافعه الشخصية ومنافع عائلته. صدام كان هو الدولة وهو العراق، والعراق بلد غني، والقذافي كان هو الدولة وليبيا وليبيا بلد غني. إسقاط النظامين تطلًب تدخلا غربيا عسكريا. إسقاط النظامين أفضى إلى سقوط الدولتين فخراب منقطع النظير، وبالتالي فإن نتائج هذا السقوط في البلدين ستكون متشابهة إلى حد كبير. حوارنا من العراق إلى ليبيا، نبحث الأسباب وتتابعون معنا النتائج.

Saddam Husseins Geburtstag in Basra
صدام حسين لحظة سقوطهصورة من: AP

الناشطة السياسية والمدونة والإعلامية الليبية غيداء التواتي، روت من طرابلس لمايكروفون برنامج العراق اليوم في دويتشه فيله تفاصيل مشاركتها في ثورة ليبيا واعتقالها لمدة 3 أشهر في سجون القذافي، مشيرة إلى دور وسائل الاتصال الحديثة في إشعال ونشر هذه الثورة ومذكرة بما جرى في هذا السياق عام 2007 من تظاهرات معارضة للقذافي قمعت بشدة.

" النفط هو القاسم المشترك بين ليبيا وبين العراق "

وشارك في الحوار من مدينة زيورخ الكاتب السياسي أحمد طابور مشيرا إلى " أن الديكتاتورية في تفاصيلها الجوهرية متشابهة، لكنها تختلف في جزئيات تخص هذا البلد أو ذاك أو تخص شخصية الديكتاتور نفسه، وهناك تشابه كبير بين وضع العراق وليبيا من حيث وضع الديكتاتورييَن"، مذكرا بأن " النفط حيثما وجد وجدت ويلات ومصائب، ولا يستثنى من ذلك أي بلد، والقاسم المشترك بين ليبيا والعراق هو وفرة النفط في البلدين، وبذلك، فإن إسقاط النظام فيهما يحظى باهتمام دولي كبير".

الإعلامي هادي جلّو مرعي من مرصد الحريات الصحفية في بغداد شارك في الحوار من عاصمة العراق مستعرضا انهيار الديكتاتوريات العربية، بدءا من صدام حسين وانتهاء بالقذافي وبشار الأسد، الذي يواجه حركة احتجاجية شديدة منذ ستة أشهر، ومذكّرا بوجود ما أسماه (بمنظومة من الممالك والإمارت والمشايخ العربية المتحالفة مع الغرب) لتكون له ظهيرا في المنطقة. وبالتالي فإن رياح التغيير لم تهب عليها في هذه المرحلة، حسب تعبيره.

واعتبر مرعي أن التدخل الغربي في ليبيا بمثابة غزو لهذا البلد، معللا ذلك بالقول" إن هناك حاكما متغطرسا متجبرا دمويا في ليبيا، ولكن هذا لا يبرر طريقة الاحتلال المبرمجة والمنظمة التي تجري الآن في ليبيا، فالولايات المتحدة تدرك تماما أخطاءها في العراق، وهي تعمل الآن مع حلفائها الغربيين والإقليميين على توظيف الشعوب كرأس حربة لإسقاط الأنظمة العربية، وبذا فإن هذا التدخل سيكون مبررا أمام الشعوب".

Libyen Gaddafi Flucht Algerien Rebellen 30.08.2011 Flash-Galerie
ثوار ليبيا يبحثون عن القذافيصورة من: dapd

"التدخل الجوي الدولي هدفه حماية أبناء الشعب من بطش القذافي"

الناشطة السياسية والمدونة والإعلامية الليبية غيداء التواتي اعترضت على هذا الرأي مبيّنة أن التحالف الغربي تدخل لإسقاط صدام حسين متهما إياه بامتلاك ترسانة أسلحة دمار شامل، وقد تم ذلك دون توفر مظلة قانونية تغطي هذا التدخل، أما في حالة ليبيا فقد احتاج الشعب لمظلة الأمم المتحدة لحماية أبناء الشعب من بطش قوات القذافي، وقد أخذنا شرعية هذه المظلة من الجامعة العربية ومن مجلس التعاون الخليجي" مبينة أنها شاهد عيان على ما أصاب سكان ليبيا في طرابلس وغيرها من المدن الليبية من بطش قوات القذافي، وبالتالي فإن التدخل الجوي الدولي جاء لحماية أبناء الشعب من بطش الديكتاتور".

غيداء التواتي كشفت عن وجود صراع قائم بين الليبراليين والأخوان المسلمين في ليبيا، ولكن "شعبنا مذهبه سني وليس عندنا تعددية مذهبية، وهؤلاء الذين يرغبون في إشعال الفتن لن يجدوا أرضا ومناخا مناسبا لنشر أفكارهم، وأغلب الليبيين يرفضون التشدد، وعلى الحكومة الجديدة أن تسعى لجمع السلاح منعا لانتشار العنف."

Ghayda Touati,
الناشطة والمدونة والإعلامية الليبية غيداء التواتيصورة من: DW

ازدواجية المواقف

هادي جلو مرعي أعاد إلى الأذهان تجربة العراقيين مع صدام حسين الذي أمعن فيهم قتلا وتهجيرا ونفيا وسجنا، وحين جاء التحالف الغربي وأسقط هذا النظام، أقام معمر القذافي تمثالا لصدام حسين وكان الشعب الليبي يبكي على بطل العروبة." فيما اعتبرت غيداء أن من هتفوا لصدام في ليبيا وأقاموا له تمثالا هم أتباع القذافي، فالشعب الليبي لم يكن يرضى أبدا أن يباد الشعب العراقي على يد صدام بتلك الوسائل الهمجية، والفرق بين انتفاضة العراق عام 1991 وثورة ليبيا اليوم هو أن انتفاضة العراق لم تحظ بتغطية إعلامية كافية لسبب ضعف الاتصالات وغياب ثورة المعلومات.

أحمد طابور أشار إلى أنه يتمنى أن يكون ما قالته غيداء من طرابلس صحيحا، مشيرا بالقول" للأسف ومن خلال تجربتي في العراق لا أجد لهذا الكلام صحة، فقد كنا محاصرين من قبل نظام صدام ولم يسمع أي عربي شكاوانا، ولو جاز لنا التعبير، فالقذافي " ربيع" مقارنة بصدام حسين"، واعتبر طابور أن الحماية الدولية من الأنظمة الشمولية مثل نظام صدام حسين والقذافي أمر لابد منه لحماية الشعوب، وقد قامت في العراق انتفاضة عام 1991، ولكن غياب الدعم الدولي مكّن صدام حسين من سحق الانتفاضة بقسوة، وسط صمت دولي متواطئ مع صدام."

Irak Bagdad Pressefreiheit Hadi Jalu
الإعلامي هادي جلّو مرعي من مرصد الحريات الصحفية في بغدادصورة من: Karlos Zurutuza

الغرب يكيل بمكيالين

فالح الياس في اتصال من بغداد، أشار إلى أن الصراع الذي قام في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين له جذور طائفية وعرقية قديمة، وقد تفجر بمحض غياب القبضة الحديدية للنظام، أما بالنسبة لليبيا فالوضع مختلف ، فهو مجتمع عشائري يخلو من اختلافات قومية أو طائفية، وقد تسعى بعض الجماعات الدينية السلفية إلى السيطرة على الوضع، وهو ما قد يؤجج صراعا من نوع آخر في ليبيا.

ماجد البصراوي في اتصال من البصرة، اعتبر أن الغرب يكيل بمكيالين، فالانتحاريون الذين ينفذون حتى اليوم في العراق عمليات إرهابية تقتل العراقيين، أغلبهم قادم من شرق ليبيا التي يدعم الغرب مسلحيها ويدعوهم ثوارا.

وفي اتصال هاتفي من بغداد، لفتت المستمعة أزهار الأنظار إلى غياب الاهتمام الدولي بما يجري في البحرين، التي تشهد تظاهرات مستمرة منذ 4 أشهر توصف في الخليج بأنها طائفية، وتساءلت لماذا يتجاهل الإعلام الدولي ما يجري في البحرين، معتبرة ذلك كيلا بمكيالين.

ملهم الملائكة

مراجعة: منى صالح