قراءة الأفكار لم تعد ضرباً من السحر والشعوذة
٢١ أبريل ٢٠٠٨ماذا يحدث للمخ عندما يكون في حالة تفكير؟ هذا هو السؤال الذي حير علماء الأعصاب منذ قرون. لكن العلماء نجحوا مؤخراً في مراقبة نشاط المخ أثناء العمل من خلال استخدام آخر التقنيات، وقد استطاعوا عبر أبحاثهم المكثفة معرفة أنشطة الخلايا العصبية، بل وقراءة بعض أفكار الإنسان دون اللجوء للشعوذة والسحر. عن ذلك يقول البروفيسور جون دايلان هاينيس من مركز "بيرنشتاين لأبحاث المخ والأعصاب" خلال مؤتمر عُقد بهذا الخصوص أمس الأحد (20 ابريل/نيسان) في شتوتجارت جنوب ألمانيا: "عثورنا على نماذج خاصة لانطباع الأفكار في المخ يجعلنا نعرف ما يفكر فيه الشخص المعني".
قراءة الأفكار بنسبة 70 بالمائة
طرحت نتائج البحث الكثير من الأسئلة سواء على المستوى الأخلاقي أو الجنائي أو الديني. فقد اكتشف البروفيسور هاينيس خلال إحدى التجارب مركز اتخاذ القرارات في المخ وكيفية اتخاذها. ويقول هاينيس: "كان على المتطوعين المشاركين في التجربة أن يقرروا ما إذا كانوا سيقومون بعملية الطرح الحسابي أو عملية الجمع دون إبداء ذلك للقائمين على التجربة واستطعنا استقراء قرارهم بنسبة نجاح لا تقل عن 70 بالمائة". وأشار إلى أن العلماء قاموا خلال التجربة بمد أجهزة الكمبيوتر بـ"بصمة الأفكار" أي بحركة الخلايا العصبية وتفاعلاتها ونشاطها بشكل عام عندما يقوم الجسم بعملية الطرح أو بعملية الجمع ثم مقارنة هذه "البصمة" أو الانطباع أو الصورة بصورة مخ المتطوعين أثناء قيامهم بإحدى هاتين العمليتين.
هل الإنسان مسير أم مخير؟
كما وجد الباحثون أن الكمبيوتر أظهر النموذج العصبي الذي ينبئ بتصرف محدد للإنسان قبل عشر ثوان تقريبا من صدور هذا القرار مما دفع البروفيسور هاينيس لإعادة طرح السؤال القديم الجديد: "هل الإنسان حر؟ أم أن تصرفاته محددة من خلال أنشطة عصبية في المخ؟ ألا يستطيع الإنسان مخالفة طبيعته؟". وشرح الباحث هانز ماركوفيتش خلال المؤتمر حالة رجل كان محبا لأسرته ووفيا لها، لكنه أصبح فجأة ذو ميول جنسية شاذة مع الأطفال جعلته ينتهك عرض أولاده. وبإجراء الفحوص الطبية على هذا الأب تبين أنه مصاب بورم سرطاني في المخ. وبعد استئصال هذا الورم عاد الأب طبيعيا وتخلص من هذه الميول الشاذة.
وعقب الباحث على هذه الحالة بالتساؤل:"هل يعاقب القانون على هذه الميول؟ ربما سمحت المحاكم مستقبلا باستخدام أجهزة مسح المخ في قاعاتها". ويعمل البروفيسور ماركوفيتش أيضا في إعداد التقارير الصحية لبعض الجهات القضائية كما أنه أثبت ما سماه "بصمة الكذب" حيث وجد أثناء إحدى التجارب مع الطلاب أن الخلايا العصبية نشطت بشدة في منطقة الجبهة عندما بدأوا يقصون حكايات حقيقية بناء على طلب القائمين على التجربة، ثم نشطت الخلايا العصبية بغزارة في مؤخرة الرأس عندما بدأوا يقصون حكايات مختلقة.