1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةفرنسا

فوز اليمين المتطرف نكسة للمحور الألماني-الفرنسي؟

كريستوف هاسلباخ
٢ يوليو ٢٠٢٤

في برلين مخاوف وقلق وعيون مسلطة على مخرجات الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا. هل يطيح فوز اليمين المتطرف بعقود من الشراكة الفرنسية-الألمانية وباللبنة الأولى للاتحاد الأوروبي؟

https://p.dw.com/p/4hm9y
زعيما حزب التجمع الوطني مارين لوبان وجوردان بارديلا
زعيما حزب التجمع الوطني مارين لوبان وجوردان بارديلاصورة من: Sarah Meyssonnier/REUTERS

يشعر السياسيون الألمان أن مخاوفهم بشأن مستقبل العلاقات الألمانية الفرنسية قد تأكدت بعد الجولة الأولى من الانتخابات في فرنسا. وقالت ريكاردا لانغ الرئيسة المشاركة لحزب الخضر وماريو فويغت من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إن الرئيس إيمانويل ماكرون ارتكب خطأ في الدعوة إلى انتخابات جديدة.

ماذا يعني التحول إلى اليمين بالنسبة للعلاقات الألمانية الفرنسية؟ قبل وقت قصير من الانتخابات، قال رئيس حزب التجمع الوطني، جوردان بارديلا، إنه في حال توليه رئاسة الحكومة لن يغير أي شيء في البداية في العلاقات مع برلين.

وترى الخبيرة في الشؤون الفرنسية في "مؤسسة العلوم والسياسة" (SWP) رونيا كمبين، أن هدف جوردان بارديلا من كلامه هو فقط "طمأنة" الجانب الألماني: "كان حزب التجمع الوطني دائم وشديد الانتقاد لألمانيا، وفي بعض الأحيان تقريباً معاد لألمانيا. وقد اتهم الحزب ماكرون ببيع المصالح الفرنسية لألمانيا. ويريد الحزب عكس ذلك بمجرد الوصول للسلطة".

حتى وقت قريب، نص برنامج حزب التجمع الوطني على ضرورة إنهاء مشاريع طائرات مقاتلة ودبابات قتالية ألمانية-فرنسية مشتركة. وبعد تقدم الحزب في الجولة الأولى من الانتخابات صرح جوردان بارديلا بأنهم سيحترمون التزامات فرنسا الدولية؛ ويمكن أن يشير كلامه، فيما يشير إليه، إلى مشروعي التسليح أنفي الذكر.

صراعات مع برلين وبروكسل

يرى مارك رينغل، مدير "المعهد الألماني الفرنسي" (dfi) ومقره مدينة لودفيغسبورغ في بادن فورتمبيرغ، الألمانية أن العلاقات الثنائية بين باريس وبرلين ستواجه صعوبات في حالة تشكيل حزب التجمع الوطني للحكومة: "ستواجه الحكومة الألمانية السؤال العملي: كيف سنتعامل ونخاطب باريس ونحن ليس لنا اتصال مع حزب التجمع الوطني؟ ثم السؤال التالي: هل ستلتزم الحكومة الفرنسية الجديدة بالاتفاقيات الثنائية؟".

وتلوح بوادر الصراع بين باريس في حال تولي اليمين المتطرف رئاسة الحكومة وكل من برلين والاتحاد الأوروبي حول عدة ملفات منها: تخفيض مساهمة فرنسا في الاتحاد الأوروبي، والخروج من سوق الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، وإنهاء اتفاقية الهجرة، وتقييد حرية السفر. ورغم ذلك من غير الواضح كيف سيطيق الحزب مراميه على أرض الواقع. ومن الممكن أيضاً تقليص الدعم الفرنسي لأوكرانيا.

انهيار "جدار الحماية"

ما سبب صعود الحزب؟ يسرد مارك رينغل عدة أسباب، من بينها: "الإحباط العام بين السكان، وهو ما تمكن حزب الجبهة الوطنية من استيعابه بذكاء شديد".

وبالإضافة إلى القضايا الرئيسية المتعلقة بالهجرة والأمن الداخلي، يركز الحزب كذلك بشكل متزايد على القضايا الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ أعلن عن عزمه تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة من 20 بالمائة إلى 5.5 بالمائة.

دأبت مارين لوبان على العمل لسنوات ضد شيطنة حزبها؛ فقد استبعدت والدها جان ماري لوبان، لموقفه من الهولوكوست، الأمر الذي أزعج بعض ناخبي الحزب. وبالتالي قد يفهم من موقفها أن حزب التجمع الوطني على استعداد لتقديم تنازلات للوصول إلى تسويات سياسية.

لم يعد "جدار الحماية" الموجود في ألمانياً، حيث يرفض حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي أي تعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا، موجوداً في فرنسا. ويعد حزب التجمع الوطني أكبر حزب معارض في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) منذ عام 2022. وأصدر الرئيس إيمانويل ماكرون العديد من القوانين بموافقة حزب التجمع الوطني، على سبيل المثال تشديد قانون الهجرة.

ذكرى نزول قوات الحلفاء في نورماندي الفرنسية

تقول رونغا كمبين: "يرفض حزب التجمع الوطني الأفكار العرقية، التي يطرحها بعض ساسة حزب البديل. وقد نأت مارين لوبان بنفسها عن حزب البديل من أجل ألمانيا ورفضت العمل معه في البرلمان الأوروبي".

وبعد الجولة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية، أصبح حزب التجمع الوطني أقوى حزب بحوالي 33 في المائة. ويليه تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية، بحوالي 28 في المائة. ويحتل معسكر ماكرون الليبرالي المركز الثالث فقط ويتأخر بشكل واضح بنحو 20 بالمائة.

وستعقد الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات في السابع من يوليو/ تموز. وقال زعماء كتلة اليسار والوسط التي يتزعمها ماكرون إنهم سيتعاونون لهزيمة اليمين المتطرف.

ماكرون يستبعد الاستقالة

بناء على ما سبق، من غير المؤكد تحقيق الحزب اليميني المتطرف الأغلبية المطلقة. يبقى السؤال: هل ينجح تحالف اليسار وماكرون في وقف المد اليميني المتطرف؟ ولكن المؤكد شيء واحد: لم يعد حزب التجمع الوطني دخيلاً وأصبحت قطاعات واسعة من السكان ناخبة له.

على الرغم من أن ماكرون سيبقى رئيساً بغض النظر عن نتائج الانتخابات، لأن رئيس الدولة ينتخبه الشعب بشكل مستقل عن البرلمان وقد استبعد الاستقالة، لكن من المرجح أن تكون قدرته على العمل والمناورة محدودة بشكل كبير في المستقبل: فقد يضطر ماكرون إلى العمل مع زعيم الحزب، الشاب جوردان بارديلا، كرئيس للوزراء في المستقبل.

وفي حال فشل حزب التجمع الوطني في تحقيق الأغلبية المطلقة بعد الجولة الثانية، لن يكون البديل أكثر راحة لماكرون: جمود في الجمعية الوطنية وصراع بين اليسار واليمين.

مارين لوبان وجوردان بارديلا في مظاهرة في باريس ضد معاداة السامية في آذار/مارس 2023.
مارين لوبان وجوردان بارديلا في مظاهرة في باريس ضد معاداة السامية في آذار/مارس 2023.صورة من: Bourguet Philippe/BePress/ABACA/picture alliance

عين مارين لوبان على الإليزيه

بالنسبة لرئيس حزب التجمع الوطني، جوردان بارديلا، فإن تشكيل حكومة تحت قيادته لن يكون سوى هدف مؤقت. وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2027، والتي لم يعد بإمكان ماكرون الترشح فيها، سترشح مارين لوبان نفسها للمرة الرابعة.

إذا نجحت لوبان في أن تصبح هي الرئيسة: سيكون لدينا بالتأكيد أوروبا مختلفة تماماً. لم يعد خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي واليورو يمثل مشكلة؛ فقد تعلمت مارين لوبان من "إخفاقات الماضي"، كما تعتقد الخبيرة في الشؤون الفرنسية في "مؤسسة العلوم والسياسة" (SWP)، رونيا كمبين.

وفي المقابل، يرجح مارك رينغل، مدير "المعهد الألماني الفرنسي" (dfi) ومقره مدينة لودفيغسبورغ في بادن فورتمبيرغ، "بقاء مارين لوبان، مثل جيورجيا ميلوني، في الاتحاد الأوروبي من أجل قلب الاتحاد الأوروبي رأساً على عقب، وتقويضه، وإعادة تشكيله وفق رؤيتها".

سؤال برسم الحكومة الألمانية

بعد الجولة الثانية من الانتخابات ستواجه الحكومة الألمانية عدة ملفات لا بد من اتخاذ موقف بشأنها. على سبيل المثال يعتزم كل حزب التجمع الوطني والجبهة الشعبية الجديدة اليسارية زيادة الإنفاق الحكومي في حال استلامهما مقاليد الحكم.

تقول الخبيرة في الشؤون الفرنسية في "مؤسسة العلوم والسياسة" (SWP)، رونيا كمبين: "تواجه فرنسا مشاكل مالية ودينها الوطني مرتفع للغاية. ومن الممكن أن تتعرض أوروبا للتهديد بأزمة ديون وطنية جديدة مثلما حدث قبل 15 عاماً".

ويبقى السؤال: كيف سيكون موقف برلين في هذا الصدد؟

أعده للعربية: خالد سلامة