1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةشمال أمريكا

غوغل مثالا ـ احتجاجات عمالية ضد حرب غزة تحرج شركات عالمية

٢٢ مايو ٢٠٢٤

سرحت غوغل 50 موظفا بسبب مشاركتهم في اعتصام احتجاجا على تعاون الشركة مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. ويسلط ذلك الضوء على التحدي الذي تواجهه كبرى الشركات العالمية في التعاطي مع الحرب في غزة ومع أنشطة موظفيها السياسية.

https://p.dw.com/p/4fxrR
سرحت غوغل 50 موظفا بسبب مشاركتهم في اعتصام احتجاجا على علاقة الشركة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية
سرحت غوغل 50 موظفا بسبب مشاركتهم في اعتصام احتجاجا على علاقة الشركة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيليةصورة من: Cristina Matuozzi/Sipa/picture-alliance

تعرضت العديد من الجامعات الأمريكية للكثير من الضغوط على وقع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين وتعامل الشرطة مع المحتجين، فيما شهدت جامعات أوروبية حوادث مماثلة.

تزامن هذا مع ما أثارته الاحتجاجات ضد حرب إسرائيل  في غزة - بعد الهجوم الإرهابي لحماس على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي- من تساؤلات طالت قطاع الأعمال والعديد من الشركات.

يذكر أن  حركة حماس ، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

وتعد الخطوة التي قامت بها غوغل الشهر الماضي المثال الأوضح على ذلك، إذ قام عملاق التكنولوجيا بتسريح 50 موظفا إثر مشاركتهم في  اعتصام مؤيد للفلسطينيين  في اثنين من مكاتب الشركة في الولايات المتحدة.

وفي مذكرة لموظفي الشركة، قال الرئيس التنفيذي لغوغل ساندر بيتشاي: "في النهاية، نحن مكان عمل وسياستنا وتوقعاتنا واضحة. هذا عمل تجاري وليس مكانًا للتصرف بطريقة تعطل زملاء العمل أو تجعلهم يشعرون بعدم الأمان".

ودعت إلى الاعتصام حركة تُعرف باسم "لا تكنولوجيا للفصل العنصري" مؤلفة من موظفين يعملون في غوغل وأمازون يعارضون "مشروع نيمبوس" المشترك بين الشركتين لتوفير الخدمات السحابية  للحكومة الإسرائيلية.

متظاهرون يحملون صورة جورج فلويد (25.05.2021)
واقعة مقتل جورج فلويد دفعت العديد من الشركات إلى اتخاذ مواقفصورة من: STRF/STAR MAX/IPx/picture alliance

وقدم الموظفون الذين جرى فصلهم شكوى إلى المجلس الوطني لعلاقات العمل في الولايات المتحدة. وقامت DW بالاتصال بشركة غوغل، لكن لم يتسن الحصول على تعليق.

وفي مقابلة مع DW، قال سام شوارتز فينويك، الخبير القانوني في مجال العمل والتوظيف بالولايات المتحدة، إن حقيقة أن الاعتصام الاحتجاجي  أدى إلى تعطيل عمل موظفين آخرين، يمنح غوغل حجة قانونية قوية.

وأضاف فينويك، الذي يعمل في شركة "Seyfarth Shaw" القانونية ومقرها شيكاغو، أن "القانون لا يحمي أي احتجاج ضد قرار تجاري اتخذه صاحب العمل لا يمس بشروط وبنود العمل".

"فريد من نوعه"
يشار إلى أن العديد من كبرى الشركات العالمية واجهت في السنوات الأخيرة تحديا يتمثل في التعامل مع مستويات متزايدة من النشاط أو الانخراط الذي يقوم به موظفوها بشأن مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية.

وقال شوارتز فينويك:  "لقد أصبح هذا الأمر جزءا من حياة القوى العاملة في الولايات المتحدة بشكل شبه يومي، فيما يتعين على أرباب العمل التعاطي مع هذه القضايا باستمرار".

من جانبه، قال جون هيغينز، الخبير في المجال العمالي ومؤلف كتاب (Speak Out) أو "تحدث بصوت عال"، إن النشاط السياسي للموظفين أصبح سمة مميزة للكثير من الشركات التي باتت تواجه معضلة في كيفية التعاطي مع ذلك.

وفي مقابلة مع DW، أضاف "هناك فكرة سائدة في مجال الأعمال منذ منتصف ثمانينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي تتمحور حول انفصال الشركات عن الاعتبارات العالمية، لكن ما نعاصره في الوقت الراهن يمثل تحديا إذ لم تعد الشركات قادرة على تحصين نفسها بنفسها".

مظاهرة طلابية متضامنة مع الفلسطينيين في جامعة كولومبيا (23.04.2024)
تشهد جامعات أمريكية وأوروبية مظاهرات طلابية متضامنة مع الفلسطينيينصورة من: Jimin Kim/ZUMA Wire/IMAGO

بدوره، قال ستيف روكلين، الرئيس التنفيذي لشركة "Impact ROI" المتخصصة في مجال الاستشارات الاستراتيجية، إن منهج قيام الشركات بإصدار بيانات أو اتخاذ مواقف حيال قضايا سياسية وصل إلى ذروته في الولايات المتحدة بعد مقتل الأمريكي من ذوي البشرة السوداء  جورج فلويد  على يد شرطي عام 2020 وإلغاء المحكمة العليا حق الإجهاض بعد ذلك بعامين.

وقال هيغينز إن  الصراع بين إسرائيل وحماس  والقضايا المتعلقة بإسرائيل والأراضي الفلسطينية تمثل تحديا فريدا من نوعه تواجهه بشكل خاص كبرى الشركات، مضيفا أن بيانات الشركات بشأن  الحرب الحالية  "تتسم بالحذر الشديد حيث أن معظم ردود الفعل كانت دفاعية. اعتادت العديد من الشركات العالمية على ذلك لأنها إذا كانت تنشط تجاريا في إسرائيل والشرق الأوسط، فسوف يتعين عليها دائما السير على حبل مشدود".

ويتفق في هذا الرأي ستيف روكلين، قائلا: "تدرك العديد من الشركات أنه لا يمكنها التزام الصمت حيال الصراع بين إسرائيل وحماس، لكن هذه  الشركات لا ترغب في المخاطرة سواء عن طريق إهانة أو تنفير طرف على آخر إذ أن الكثير منها يركز على دعم الموظفين."

وأضاف أن معظم الشركات "رأت أن الطريقة المُثلى تكمن في تذكير الموظفين بسياسات عدم التمييز والعنف داخلها مع التذكير ببرامج مساعدة الموظفين الذين يجدون صعوبة في التعامل مع النزاع".

السير على حبل مشدود
ويقول مراقبون إن الشركات التي تضم موظفين أو عملاء لديهم وجهات نظر سواء مع الإسرائيليين أو الفلسطينيين، تبدي حرصا شديدا على عدم إظهار أي مواقف يمكن تفسيرها بأنها منحازة لطرف ضد آخر.

وفي ذلك، قال هيغينز إن العديد من الشركات تدرك أن لديها "موظفون فلسطينيون ويهود وتدرك أيضا وجود توتر بينهم، لكنها تؤكد أن مسؤوليتها الحفاظ على أمن الطرفين".

ومازالت الاحتجاجات العمالية داخل الشركات ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، محدودة نسبيا، لكن ما حدث في شركة "غوغل" أثبت أن هذا الشكل الاحتجاجي أصبح متوقعا على نحو متزايد، ففي الثامن من مايو/أيار الجاري، تجمع أكثر من مئة من موظفي الاتحاد الأوروبي خارج مقر المفوضية في بروكسل للاحتجاج على حرب إسرائيل في غزة.

آراء الموظفين السياسية

وقال هيغنز إن الطريقة التي تتعاطى بها الشركات مع الصراع الحالي أدت إلى زيادة علامات الاستفهام حول طريقة معالجتها المستوى المتزايد من النشاط السياسي للموظفين.

وأضاف أن الشركات لم تكن مستعدة لاحتمال تبني الموظفين آراء سياسية مثيرة للخلاف وذلك عندما عمدت إلى تشجيعهم على العودة إلى أماكن العمل عقب انتهاء جائحة كورونا.

وقال سام شوارتز فينويك إنه يتعين على الشركات "إبلاغ موظفيها بأن هويتهم الكاملة تحظى بالتقدير في مكان العمل، لكن يجب على المديرين أن يكونوا مستعدين بشكل متزايد للرد على القضايا السياسية والاجتماعية. بات الموظفون لديهم الكثير من الارتياح للانخراط في الأمور التي كان يصعب عليهم التعامل معها في السابق".

تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الطلابية المتضامنة مع الفلسطينيين في العديد من الجامعات الأمريكية
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الطلابية المتضامنة مع الفلسطينيين في العديد من الجامعات الأمريكيةصورة من: John Hart/AP/picture alliance

وأضاف أن الكثير من الموظفين فقدوا القدرة على التسامح مع وجهات النظر الأخرى، قائلا "يبدو أن الانعزال الذي عاصره الناس لمدة عامين خلال الجائحة نجم عنه حالة من النشاط المفرط".

ورغم أن الشركات تحاول بحذر شديد التعامل مع  النشاط السياسي  للموظفين، إلا أن هيغينز يتوقع أن ينخرط المزيد من الموظفين في القضايا المتعلقة بحماية البيئة خلال السنوات المقبلة.

وقال "نحن مازلنا في بداية الأمر خاصة وأن معدل اهتمام الشركات بشكل حاسم مع حماية البيئة مازال بطيئا، فضلا عن أن جيل الشباب غاضب من ذلك. سيتعين على الشركات الاستعداد للرد على اتهامات الغسل الأخضر ، ما يستلزم أن تكون الشركات بارعة في تحديد موعد إصدار البيانات والرد على القضايا السياسية والبيئية والاجتماعية التي يثيرها موظفوها".

وأضاف أن "السؤال الهام في الوقت الراهن مفاده: كيف نختار القضايا التي سيكون لدينا وجهة نظر بشأنها؟ وما هي القضايا التي لا يتعين علينا أن يكون لدينا وجهة نظر بشأنها؟ لأنه ليس من الضروري أن يكون لدينا وجهة نظر حيال كل شيء حولنا".

يشار إلى أن ظاهرة "الغسل الأخضر" تعني نشر مؤسسات وشركات معلومات مضللة لإثبات التزامها بمكافحة تغير المناخ عبر استثمارات ومنتجات صديقة للبيئة.

وقال ستيف روكلين إن الشركات يجب أن تدرك أنه "لا يمكنها التزام الصمت حيال الكثير من القضايا وأن تقول أنه لا صلة لها بالأمر، لأن الأضواء مسلطة عليها بسبب تأثيرها الكبير على الكثير من الفئات في جميع أنحاء العالم".

أعده للعربية: محمد فرحان

           

Arthur Sullivan
آرثر سوليفان مراسل ومحرر يركز على القصص الاقتصادية العالمية من منظور جيوسياسي.@drumloman86