عدم المساواة الصحية بين الجنسين يعيق تطور الرياضة النسائية
٩ مارس ٢٠٢٤إهمال صحة المرأة يشكل عائقًا لتطور الرياضة النسائية، كما تؤكد باحثة بارزة في عالم الرياضة.
الدكتورة إيما روس، التي ساعدت في وضع خطط الصحة واللياقة البدنية للفريق البريطاني في أولمبيادي 2016 و2020، تقول لـDW إن عدم المساواة في المجال الصحي أكثر حدة في الرياضة منه في المجتمع بشكل عام، وتوضح: "إنها منافسة شديدة وضغوط عالية، ولا يريد المرء مطلقًا أن يبدو هشًا. ولكن هناك وصمات مرتبطة ببعض القضايا والرياضة تضاعف كل هذه الأشياء. ولهذا السبب يتعين علينا أن نعمل بجد لتغيير النظام ليكون قادرًا على الاعتراف بصحة المرأة ودعمها".
وتذكر روس مثًلا مواضيع الحيض والإنجاب وصحة الأثداء والتغذية كمجالات تحتاج فيها معظم النساء الرياضيات إلى تعليم وفهم أفضل بكثير.
"عدم المساواة منهجية"
النمو الهائل لكرة القدم النسائية في إنجلترا منذ بطولة أوروبا عام 2022 سلط مزيدًا من الضوء على بعض هذه القضايا. فقد ناقشت مدربة فريق السيدات في نادي تشيلسي الإنجليزي، إيما هايز، مسألة الدورة الشهرية في المؤتمرات الصحفية. كما وصلت المزيد من اللاعبات إلى أعلى مستوى من اللياقة بعد الولادة. وأدت كذلك زيادة إصابات الرباط الصليبي الأمامي بين اللاعبات إلى مناقشات حول نوعية الأحذية وجودة الملاعب.
ولا يقتصر عدم المساواة الصحية بين الجنسين على الرياضة فحسب. فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية في عام 2021 أن "النساء والفتيات غالبًا ما يواجهن عوائق أكبر من الرجال والفتيان في الوصول إلى المعلومات والخدمات الصحية"، وأضافت: "تشمل هذه العوائق القيود المفروضة على التنقل؛ وعدم الوصول إلى سلطة اتخاذ القرار؛ وانخفاض معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة؛ والمواقف التمييزية للمجتمعات ومقدمي الرعاية الصحية؛ ونقص التدريب والوعي بين مقدمي الرعاية الصحية والأنظمة الصحية حول الاحتياجات والتحديات الصحية المحددة للنساء والفتيات".
حاجة إلى مزيد من الدعم
هذه هي الاحتياجات التي تحاول روس تلبيتها من خلال الشراكة الموسعة حديثًا بين الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم (FA) وشركة الصحة "ذا ويل إتش كيو" (The Well HQ) التي أسستها.
وقالت روس إن بعض العقبات قد تستغرق سنوات للتغلب عليها، إلا أن البعض الآخر يجب أن يكون من الأسهل معالجتها، على حد تعبيرها، مشيرة إلى صحة الأثداء باعتبارها قضية لا يتم تناولها بشكل كافٍ. وتشير الدراسات إلى أن النساء ذوات الصدور الكبيرة يمارسن تمرينات أقل بنسبة 37%، وأن مراعاة ذلك باستخدام حمالة صدر رياضية مناسبة يمكن أن يحدث فرقًا هائلاً.
وتوضح روس: "إنه أمر مهم من الناحية الفيزيولوجية. فالمرأة تزيد من حرق الطاقة أثناء ممارسة التمارين الرياضية. وإذا كان الثديان يتحركان، فإن ذلك يزيد من إدراكها للجهد (...)، وإذا لم تحصل على دعم جيد للثدي، فإنها قد تشعر بمزيد من الألم، ما يؤثر على الأداء".
وتضيف: "عندما قمنا بمشروع كبير لحمالات الصدر الرياضية قبل دورة ألعاب طوكيو (التي أقيمت عام 2021)، لم تكن 50٪ من النساء الرياضيات يرتدين نمط حمالة الصدر المناسب لدعم الأثداء على النحو الأمثل. لذلك عالجنا الأمر"، وتتابع: "يعتقد الجميع أنك إذا ولدت في جسد أنثوي، فأنت تعرفين كيف يعمل وكيف تحصلين على أفضل النتائج. ولسوء الحظ، هذا ليس صحيحًا".
المخاطر الغذائية
هناك قضية أخرى تشغل بال روس وهي التغذية. وتفيد تجربتها بأن نظرة المجتمع تجاه شكل الجسم، تعني غالبًا أن النساء يأكلن أقل بكثير من الرجال، خاصة فيما يتعلق بالكربوهيدرات. ونظرًا للطاقة الكبيرة التي تبذلها النساء الرياضيات، فإن هذا غالبًا ما يؤدي إلى توقف الدورة الإنجابية، وهو أمر تقول روس إنه يُنظر إليه على أنه "طبيعي"، ولكنه يمكن أن يؤثر على صحة العظام والعضلات والدماغ بالإضافة إلى المناعة.
توضح روس: "ما نراه في الفتيات اللاتي يعانين من نقص الطاقة هو أنهن إذا تقدمن في العمر ثلاث أو أربع أو خمس سنوات، فإنهن يبدأن في الإصابة بهشاشة العظام لأنهن لا يحصلن على الهرمونات التي تساعدهن على بناء العظام".
وتؤكد روس أن نقص التغذية يشكل خطرًا على الصحة النفسية أيضًا، ما يؤثر على الأداء والعمر الوظيفي، وتضيف: "نحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل بكثير في هذا الصدد، لأن عبء ذلك على الرياضة في الوقت الحالي، أكبر بكثير مما نعرفه".
ولذلك فإن دراسة صحة المرأة لاتزال أمام طريق طويل، ولكن الرياضة قد تلعب دوراً رائدًا في ذلك.
أعده للعربية: محيي الدين حسين