1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طيور دجلة تنشد للعراق في سماء السويد

١٥ يوليو ٢٠١١

من ستوكهولم كتب يوسف أبو الفوز: ينشدن للعراق في سماوات غريبة ، فهل ستنتبه إليهن الجهات العراقية المسؤولة ؟

https://p.dw.com/p/Ra6d
صورة من الارشيف للمغنية شوقية والموسيقار حميد البصريصورة من: DW

حالما وصلتني الدعوة لحضور المهرجان الثالث لفرقه "طيور دجلة" ، المقام في 28 أيار 2011 ، في العاصمة السويدية ، ستكهولم ، حتى قررت السفر لحضوره ، فلغة الإعلان عن المهرجان كانت توحي بمشاهدة شيء مختلف، أذ شدد على " يمنع التصوير واصطحاب الأطفال ويسمح بالدخول والخروج خلال فترة الاستراحة فقط " ، قلت لنفسي ان هذه شروط للاستمتاع بطقوس كونسرت موسيقي حقيقي ، فماذا وجدت هناك ؟

كان الجو غائما في ستوكهولم ، حين وصلتها ، لكنها كانت مشرقة بالابتسامات والثقة خلال استعدادات فرقة " طيور دجلة " للمهرجان ، الذي أقيم توافقا مع عيد الام العالمي وتحت شعار" نساء مبدعات " ، وحوى عدة فقرات فنية حضيت باهتمام الجمهور الذي تنوع من ابناء الجالية العراقية والعربية ومن السويدين ، فكان هناك اولا معرضا للفنون التشكيلية والأعمال اليدوية ، ساهمت فيه الفنانات هناء الخطيب ، سليمة السليم ، ومي سلمان كضيوف على المهرجان ، ومن أعضاء فرقة "طيور دجلة" ساهمت في المعرض دليله بن وطاف، وفاء غالب ، ناهده السليم ، امل عبد الإلهي ، سعاد توفيق وسميه ماضي ، وتنوعت الاعمال بين الرسم بالزيت والاكليرك والحفر بالنار على الخشب وصهر الزجاج ، الى صناعة الاكسوارات النسائية ، وأمتازت الأعمال بلمسة نسائية ، وحضور فني لعوالم المرأة والالوان المشرقة بالفرح والأمل . الحفل الفني ابتدأ بعد الكلمات الترحيبية ، التي قدمت بالعربية والسويدية ، برقصات مستوحاة من الحياة العراقية ، قدمتها فرقة "انكيدو " للرقص الفلكوري العراقي ، براقصات سويديات ، وبإشراف المدرب العراقي والراقص مهند هواز ، وثم شاركت فرقة "ايموفامبس " وهي من ست فتيات ينتمين لثقافات متعددة، قدمن أغان وقطع موسيقية بعدة لغات ومنها العربية ، فنالت استحسان الجمهور الذي اكتظت به القاعة وكان بانتظار " طيور دجلة " ، اللواتي ما ان ظهرن حتى ضجت القاعة بالتصفيق ، اذ اعتلت خشبة المسرح اثنا وثلاثون أمراة ، بالزي الهاشمي العراقي ، بالاسود الزاهي بنقوش ذهبية ، ليشكلن تحت الأضواء الخافتة لوحة مترعة بالألق. قدمت الفرقة وبقيادة المايسترو علاء مجيد أغاني من التراث العراقي ، مصحوبة بشاشة عرض تعرض صورا من العراق ، من أزمان تنتمي إليها الأغاني.

غناء بعيد عن الاحتراف

كان واضحا جدا حجم الجهد المبذول لتدريب الفرقة ، فيما اذا علمنا ان عضوات الفرقة ، ليس بينهن من هي محترفة للغناء ، وفيهن ربات بيوت وامهات ومهندسات وطبيبات وعاملات وموظفات ، لكنهن يؤمن بقضية سامية، اتفقن على التعبير عنها وإيصالها عبر نشاط الفرقة التي حلقت بالجمور في سماوات العراق وتراثه . حين انتهى الحفل الموسيقى الرصين ، الذي ينتمي بحق لطقوس الموسيقى والغناء، وقف جمهور القاعة ليحي الفرقة وطاقمها وليفق طويل وصد الزغاريد .

ولتعريف القراء الى عوالم الفرقة وانشغالاتها وطموحاتها ، كان لنا جولة بين العديد من العاملين بها .

السيدة بسعاد عيدان ، صاحبة فكرة تأسيس الفرقة ، وهي مهندسة كيمائية وناشطة في منظمات المجتمع المدني ، مقيمة في السويد من عام 1992 . قالت لنا ردا على مجموعة من اسئلتنا :

ـ في نهاية عام 2008 ، ومع تصاعد العنف ضد المرأة العراقية ، في مناطق عديدة ، خصوصا في مدينة البصرة ، كان علينا ، نحن النساء العراقيات خارج الوطن ان نفعل شيئا ، كنت ايامها رئيسة لجمعية المرأة في ستكهولم ، ولكوني شخصيا أحب الغناء وددت الجمع بين فكرتين ايصال رسالة ضد العنف ودعوة للسلام والحب التسامح ، وإيصال ثقافتنا الموسيقية الى الآخرين ، فطرحت فكرة ان نشكل مجموعة غنائية تابعة الى جمعية المراة ، في البداية واجهت الفكرة صعوبات ، وكانت الاستجابة متعثرة اولا رغم حماس العديد من النساء العراقيات ، ثم نجحنا في ان نكون تسعة عضوات في المجموعة ، واستدعينا الشاب الفنان عبد النور للمساهمة في العزف معنا على الة العود ، وكان ان قدمنا حفلا لمدة ربع ساعة ضمن نشاطات نادي 14 تموز العراقي ، مساهمتنا المتواضعة حققت النجاح وحصلت على الدعم الكبير من جهات عديدة ومن الجمهور العراقي مما حفزنا للاستمرار .

السيدة سهير بهنام ، العاملة في استعلامات مؤسسة صحية وام لأربعة أبناء ، وهي رئيسة الهيئة الإدارية الحالية لفرقة " طيور دجلة " ، شاركتنا الحديث لتقول :

ـ مع تطور عمل المجموعة الغنائية ، استوجب فصلها عن جمعية المرأة العراقية ، لتكون كيانا مستقلا ، وتسجل كجمعية ، لها برنامج وضوابط عمل ومنها انتخابات بأجواء ديمقراطية ، اخرها جرى في تشرين أول 2010 وكان لي شرف ان انتخب لمهمة رئاسة الفرقة .

وتضيف السيدة سهير بهنام :

ـ وجود المايسترو علاء مجيد وتبنيه للفرقة ، عمل نقلة نوعية في نشاطنا ، فبعد ان كان ارتجالا خاضعا لحماسنا ومعارفنا الفنية المتواضعة ، صار لنا مدرب ذو أفق اكاديمي ، وذو خبرة طيبة ، فعمل على فحص أصوات عضوات الفرقة، وعلى اثر ذلك استطاع ان يحدد لنا اسلوب عمل تضمن تدريبات شاقة ودروس نظرية قبل ان نصعد الى خشبة المسرح لنواجه الجمهور .

فرقة انشاد وليست كورس مغنين

المايسترو علاء مجيد ، من مواليد مدينة العمارة 1960 ، والذي عرفناه من خلال حفلات "نجم الخليج" حيث قاد الفرقة الموسيقية خلال المواسم 2004 و2005 ، أجاب على اسئلتنا :

ـ فكرة الفرقة أعجبتني جدا ، بل ووجدتها تلائمني ، فأنا أميل الى العمل كجماعة وبروح الفريق الواحد ، لكني سعيت الى تحويلها من فرقة حفلات ونشاطات الى فرقة فنية لها ثوابت موسيقية لتقدم إعمالا موسيقية غنائية ، تقدم حفل استماع موسيقي ، باسلوب متقدم يعرض هويتنا الثقافية العراقية بصورتها الحقيقية بعيدا عن التشويهات التي تقدمها بعض وسائل الإعلام ارتباطا بما يجري في العراق من أعمال عنف سياسي ذو صبغة طائفية . هكذا بدأت مع الفرقة بالتدريب المستمر لأتعرف على حدود الأصوات ومساحاتها لأتمكن من توزيع الأصوات حسب إمكانياتها وحسب سقف كل صوت وطاقته ، وبذلت جهدا لتدريب بعض الأصوات المنفردة ، وابتعدت عن الأغاني المستهلكة، واختيار أغاني تناسب إمكانيات أصوات الفرقة ، والحرص على ذلك أثناء توزيع الأصوات ، وسعيت إلى توزيع موسيقى الاغاني بقفلات جديدة تكون مثل البصمة للفرقة ، ولتكون فرقة إنشاد وليس غناء بالشكل المتعارف عليه، والحصيلة كانت العمل بجهد متواصل ومجازفة عالية ولكنها محسوبة ، والنتائج جاءت طيبة ومدهشة .

السيدة سوسن خضير ، عضوة الهيئة الإدارية ومسؤولة لجنة الثقافة والإعلام تشاركنا الحديث وتقول :

ـ لك ان تستوعب حجم الجهد المبذول من مجموعة من النساء ، اللواتي فيهن ربات بيوت ، وامهات ومسؤولات عن عوائل ومرتبطات بأعمال ووظائف ، وعدد كبير منهن يرتبط بعمل في مؤسسات الدولة ، فكم يتطلب من الجهد والتضحية بالوقت من اجل المساهمة بنشاط الفرقة ؟ هذا اذا عرفت ان اجتماعاتنا دورية ، وتكون أسبوعية لغرض التدريب اذا كان لدينا نشاط او مهرجان ، ومن غير التدريب لدينا مهمات حجز القاعات والبحث عن تمويل ومهمات الإعلان والبحث عن الاغاني المناسبة وتسجيل الموسيقى ومهمات عديدة اخرى، والجميل اننا نعمل كفريق واحد ، هناك توزيع للمهمات وكل لجنة تعرف مهماتها وبالتعاون مع الاخرين ، فلجنة الإعلام اخيرا افتتحنا موقعا اليكترونيا خاص للفرقة ، لا زال في بداياته ، ونسعى الى تطويره ليضم معلومات عن تاريخ الفرقة ونشاطاتها وحفلاتها ، وعن عضوات الفرقة ونبذة عن كل واحدة منهن، ويمكن ان ننشر فيها مساهمات لها علاقة بالموسيقى والغناء وان نضع بابا للاغاني المسجلة بصوت الفرقة .

فلم سويدي عن الفرقة

المايسترو علاء مجيد يعود للحديث عن طموحات الفرقة فقال لنا :

ـ نسعى لتسجيل البوم غنائي خاص باغاني الفرقة وهذا سيأخذ وقتا ليس قليل من اجل توفير مستلزمات ذلك فنيا وماديا ، كما أن للفرقة طموح لتقدم حفلات قادمة بأسلوب مختلف ومتقدم جدا ، اي سنعمل ، وبالتعاون مع "محمد امين عزت" ، لوضع توزيع موسيقي اوركسترالي حديث لأغان عراقية تساهم الفرقة في غنائها فيكون حفلا موسيقيا غنائيا وبمشاركة اوركسترا موسيقية حية وبأسلوب شرقي غربي، مع المحافظة على روح اللحن العراقي ، ونسعى لتصوير كل ذلك تلفزيونيا وبأسلوب فني .

السيدة سهير بهنام رئيسة الفرقة تعود تضيف :

ـ قام التلفزيون السويدي مؤخرا بعرض فلم عن الفرقة ونشاطها استغرق ساعة كاملة من اخراج الفنانة " ماريا مككرين " ، وقدمنا للجمهور السويدي ، فألقى علينا مسؤولية الاستمرار بنشاط الفرقة وايصال رسالتها الى الجمهور الأوربي ليتعرف عى فننا العراقي وتراثنا الأصيل ، والفرقة تلقت مؤخرا للمساهمة في مهرجانات فنية سويدية وايضا ومن خلال صلات علاء مجيد وصلتنا بعض الدعوات من بلدان عربية مثل مصر والجزائر لكن الظروف المتوترة الجارية في هذه البلدان حالت دون المساهمة ، ونأمل أننا نغني يوما في وطننا العراق ، هذا اذا التفتت لنا المؤسسات الثقافية العراقية المعنية .

ونحن نتسائل . ترى هل ستتحقق يوما امنيات طيور دجلة وهن يحلقن في سماوات غريبة بأن ينتبه الى غنائهن وشوقهن للوطن مسؤول ثقافي ما او مؤسسة ثقافية عراقية ما وتوجه إليهن الدعوة او تمد يد الدعم المادي والمعنوي لتحقيقي بعض من طموحاتهن وأهداف رسالتهن النبيلة ؟

يذكر ان المهرجان الثالث لفرقة" طيور دجلة " حضره كضيوف العديد من الفنانين والكتاب العراقيين الذين وصل بعضهم من بلدان اوربية عديدة ، منهم الفنان الموسيقار المبدع المعروف كوكب حمزة ، والذي تولى الاعتذار نيابة عن الفنان طالب القره غولي ، الذي كان مقررا له ان يساهم في المهرجان بقرة خاصة به، لكن وعكة صحية طارئة ألزمته المستشفى فأرسل رسالة بالصوت والصورة لجمهور المهرجان للاعتذار والوعد بتعويض ذلك مستقبلا .

يوسف ابو الفوز

مراجعة ملهم الملائكة