1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طموحات الصين كـ"صانع سلام".. دور ممكن في الشرق الأوسط؟

٢٩ أبريل ٢٠٢٣

تروج الصين لنفسها كصانع سلام في الشرق الأوسط، وتوسطت بكين في اتفاق إعادة العلاقات بين إيران والسعودية وهي تنظر الآن نحو الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فهل تتمكن الصين من تحريك عملية السلام نحو حل هذا الصراع التاريخي؟

https://p.dw.com/p/4QfYI
وزير الخارجية الصيني شين غانغ ووزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين
يتابع المجتمع الدولي عن كثب كيف يمكن أن تتحدى الصين النظام الإقليمي الذي تهيمن عليه واشنطن منذ فترة طويلةصورة من: China´s Ministry of Foreign Affairs/Xinhua/IMAGO // Bernd Elmenthaler/IMAGO

كثفتالصيننشاطها الدبلوماسي في الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة، وصورت نفسها كصانع سلام بين خصمين قديمين في المنطقة.

وبعد التوسط في اتفاق تاريخي، ومساعدة إيران والمملكة العربية السعودية على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، تحاول بكين الآن العمل تسهيل محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

فبعد مكالمات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، حث وزير الخارجية الصيني تشين غانغ جميع الأطراف على التزام "الهدوء" و "ضبط النفس"، مشددا على أهمية وجود محادثات سلام وتنفيذ "حل الدولتين".

و شجع الوزير الصيني نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين على استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين وقال إن الصين "مستعدة لتوفير الأرضية المناسبة لذلك". وفي محادثة منفصلة مع وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض المالكي، كرر تشين موقف بكين الداعم للمفاوضات.

ووفقا لبيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية الصينية، خلال مكالمة هاتفية مع تشين، أعرب رياض المالكي "عن تقديره لجهود الصين لتسهيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، قائلا إن هذا يدل على دور الصين كدولة كبرى مسؤولة".

ونشرت هذا التصريح وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، الوكالة الاعلامية الرسمية للسلطة الفلسطينية، وذكرت أن المالكي أشاد بمشاركة الصين في دعم الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة.

كما دعا الوزير الفلسطيني الوزير الصيني إلى تعزيز العلاقات والإسراع في توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية، حسبما ذكرت الوكالة الفلسطينية.

حاجة الصين للخامات والأسواق

وتنظر بكين إلى النزاعات الطويلة الأمد بين مختلف الدول على أنها "مزعزعة للاستقرار" ويحتمل أن تكون محفوفة بالمخاطر على مصالحها التجارية على المدى الطويل. 

وفي حوار مع  DW  أكدت دون ميرفي، الأستاذة المشاركة في دراسات الأمن الدولي في كلية الحرب الجوية الأمريكية: "إن أهمالمصالح الحيوية للصين في الشرق الأوسط هي الحصول على الخامات الأولية والأسواق، والتي تعتبرها الأولوية لمصالحها الاقتصادية والسياسية". وتتابع: "لدى الصين حافزا لحل هذه النزاعات فعليا، حيث يمكنها الاستفادة من الاستقرار في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العمل كوسيط يمنح الصين فرصة لإظهار أنهاقوة عظمى تريد المساهمة في السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".

قبل الاتفاق الرائد بين إيران والمملكة العربية السعودية، كانت الصين منذ فترة طويلة شريكا تجاريا رئيسيا لدول الشرق الأوسط، حيث اشترت النفط واستثمرت أكثر من 273 مليار دولار (250 مليار يورو) في المنطقة بين عامي 2005 و 2022. كما سمحت مبادرة الحزام والطريق " The Belt and Road initiative " وهي الجزء الاقتصادي من مشروع "طريق الحرير"، وهو مشروع البنية التحتية العالمي الرائد للصين الذي بدأ في عام 2013، لبكين بتوسيع نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.

لقاء سعودي إيراني برعاية الصين في بكين
نجحت الصين في تقريب وجهات النظر بين الرياض وطهرانصورة من: Iran's Foreign Ministry/WANA/REUTERS

"اللاعب المناسب في الوقت المناسب"

وعلى الرغم من أن الصين كشفت عن طموحها في أن تصبح لاعبا أكثر أهمية في الشرق الأوسط، إلا أن بعض الخبراء يعتقدون أن طموح بكين وتأثيرها الفعلي على المنطقة "ينطوي على مبالغة:

فبحسب توفيا غيرينغ، الخبيرة في العلاقات الصينية الشرق أوسطية في مركز ديان وغيلفورد غليزر في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل (INSS) فإن "الصين ترى فرصة في الصفقة الإيرانية السعودية من أجل الانطلاق، حيث وفرت لها هذه المصالحة منبرا للصعود"

وتكمل توفيا في حوارها مع DW "ومع ذلك، كان نجاح هذه الصفقة نتيجة لمشاركة استمرت عامين بين إيران والمملكة العربية السعودية، بمساعدة من دول مثل عمان والعراق والولايات المتحدة.

وتقول غيرينغ إن الصين هي "اللاعب المناسب في الوقت المناسب"، ولكن بخصوص الإسرائيليين والفلسطينيين، فإن الجانبين غير مهتمين ببدء أية محادثات سلام، وهناك شكوك حول دور الصين كوسيط متوازن"، بحسب قولها.

وتضيف: "قد ترى الصين نفسها قوة متوازنة لجميع الأطراف، لكن إسرائيل لا تشاطرها هذا الشعور. إنهم يرون الصين كلاعب في المنطقة ليس لديه مصلحة في حل هذا الصراع. إن الصين تريد تسجيل بعض النقاط الدبلوماسية".

فبعد أن أعرب تشين عن رغبة بلاده في المساعدة في تسهيل محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقناة "سي إن بي سي" الإخبارية الأمريكية في 19 أبريل: "نحن نحترم الصين، ونتعامل مع الصين بشكل دائم ومستمر. لكننا نعلم أيضا أن لدينا تحالفا لا غنى عنه مع صديقتنا العظيمة الولايات المتحدة".

ومع اعتبار إسرائيل إيران تهديدا لأمنها، فإن دعم الصين المستمر لطهران يساهم في زيادة مخاوف إسرائيل"

الرئيس الصيني والرئيس الروسي في لقاء جمهم بموسكو
أبدت الصين اهتماما بطرح وساطة صينية في الحرب الروسية الأوكرانيةصورة من: SERGEI KARPUKHIN/AFP

وعن هذا تقول ساري أرهو هافرين، باحثة زائرة في جامعة هلسنكي: "لا يمكن للمرء أن يطابق بشكل تام  بين مقترح بكين لمفاوضات سلام بين  الإسرائيليين الفلسطينيين و بين "خطة السلام" الخاصة بها بشأن حرب أوكرانيا"، وتضيف: "في كلتا الحالتين، لا يمكن اعتبار بكين طرفا محايدا كما في حالة حرب أوكرانيا. تقف بكين إلى جانب روسيا، بينما في الماضي، لم تكن الصين وإسرائيل متفقتان على مستقبل المنطقة".

الصين وتحدي هيمنة واشنطن

وفي الوقت الذي تتطلع فيه الصين إلى زيادة نفوذها في الشرق الأوسط، يتابع المجتمع الدولي عن كثب كيف يمكن أن تتحدى الصين النظام الإقليمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة منذ فترة طويلة. وقالت ميرفي من كلية الحرب الأمريكية لـ DW إن الصين تركز على قدرتها على الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل دولة في الشرق الأوسط، وأنه لا توجد علامات على أن بكين ستنحاز إلى أحد الجانبين وسط محاولتها المستمرة لتقديم نفسها على أنها "صانعة سلام".

وأضافت الخبيرة أن "الصين ترى نفسها توفر منبرا وتجمع بين الأطراف التي تربطها علاقات جيدة بالصين" وأوضحت

"لا أعتقد أن الصين تسعى إلى تقديم ضمانات أمنية، ودول الشرق الأوسط لا تتوقع  أن تلعب الصين نفس الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة ".

وعلى الرغم من أن بعض صانعي السياسة الأمريكيين ينظرون إلى نفوذ الصين المتزايد في الشرق الأوسط بقلق، تعتقد غيرينج من المعهد الوطني للأمن الداخلي أن كبار المسؤولين الأمريكيين مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكن ينظرون إلى محاولة بكين أن تكون وسيطا في النزاعات الإقليمية على أنه تغيير إيجابي.

وأضافت "لا أعتقد أننا سنرى الصين تتورط في صراعات بقوات برية، لكننا قد نرى الصين تفتتح المزيد من القواعد العسكرية، وهو ما يمكن تنفيذه من خلال اتفاقيات مع الدول المضيفة أو في إطار الأمم المتحدة".

وليام يانغ/ (ع.أ.ج.)