1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شواطئ تونس في رمضان، من صراع محتدم إلى تعايش

خالد بن بلقاسم - تونس١٧ يوليو ٢٠١٤

في هذه السنة يتسم شهر رمضان في تونس بمناخ تصالحي، حيث ليس هناك من جدل بشأن المفطرين في رمضان كما حدث في العام الماضي. وبذلك يعود التونسيون إلى ما تعودوا عليه في الماضي من عادات وتقاليد خلال الشهر المبارك.

https://p.dw.com/p/1Cduv
Tunesien Ghar El Melh Strand
صورة من: DW/K. B. Belgacem

الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر، شوارع تونس مكتظة بالناس، كل يسعى لقضاء شؤونه. إنه رمضان الذي عادة ما يكثر فيه البيع والشراء وترتفع فيه مؤشرات الاستهلاك. المقاهي والمطاعم وسط المدينة مغلقة عدا بعضها التي أسدلت الستائر على أبوابها ونوافذها، لتقديم خدماتها لغير الصائمين، مرضى أو مفطرين.

وعلى عكس السنة الماضية يغيب في وسائل الإعلام وعلى صفحات التواصل الاجتماعي الجدل بشأن المجاهرة بالإفطار ، وكأن الجدل الذي صاحب رمضان العام الماضي لم يعد قائما أو إن إثارته تم من أطراف معينة بهدف خلق خلافات هامشية داخل المجتمع التونسي.

الطقس يغري بالسباحة. اخترنا التوجه شمالا إلى مدينة غار الملح المشهورة بمعالمها الأثرية ومينائها الحربي التي تعود إلى عهد العثمانيين، ويتوافد على شواطئها عدد كبير من المصطافين من كل الفئات والأعمار.

المشهد العام لأحد أكثر الشواطئ جمالا شمال تونس في رمضان يغري باللعب والسباحة. كان البعض يلعب على الرمال فيما فضل آخرون السباحة، وليس هناك ما يوحي بتأثير رمضان على المكان والمصطافين، فالمشهد يعكس شعور الناس وشغفهم بالبحر وأمواجه وبالشاطئ ورماله الذهبية، وأغلب العائلات قدمت إلى هناك من العاصمة تونس.

Tunesien Ghar El Melh Strand
مائدة الإفطار في انتظار غروب الشمس على شاطئ البحر في تونسصورة من: DW/K. B. Belgacem

قبيل غروب الشمس، تختار العائلات فضاءا لها لتناول وجبة الإفطار على الشاطئ، حيث تقوم البلدية في كل سنة بتحضير المكان من خلال عرضه للاستغلال من قبل الخواص.

توجهنا نحو إحدى العائلات التي اختارت الإفطار على الشاطئ. أنواع الطعام من حساء وشواء وحلويات للإفطار جاهزة، "يكفي فقط قليلا من الوقت لإعداد مائدة رمضان" كما تقول أم عبد القادر التي ترافق ابنها واسرته وعائلتين من أصهارها إلى البحر.

قدمت أم عبد القادر من أحد الأحياء الشعبية لتونس العاصمة للترويح عن النفس وللإفطار الجماعي مع الأحبة على الشاطئ. أشرفت على إعداد المائدة بعين ملؤها البهجة وأحفادها يلعبون. وتحدث مع ابنها عبد القادر عن أعباء الحياة وعن ظروف المعاناة لدى بعض الناس خلال رمضان بسبب غلاء الأسعار والدخل المحدود.

توجهنا إلى عائلة أخرى قدمت هي الأخرى من العاصمة تونس. اختار هشام وزوجته وصديقيهما تناول الإفطار على الشاطئ بعيدا عن ضوضاء المدينة. النساء يقمن بتحضير الأكلات المختلفة والعصائر والقهوة والشاي. وتقول إيمان زوجة هشام "أحب أن أشارك أصدقائي الإفطار ولكن خارج المنزل، فالصغار يلعبون أمامنا على الشاطئ ونحن نتجاذب أطراف الحديث."

اختارت عائلات أخرى الإفطار في أحد المطاعم على الشاطئ. طبق اليوم حساء القرنبيط وحوت مشوي وسلطات متنوعة و"البريك التونسي" الذي لا يكاد يفارق مائدة رمضان. تحدثنا إلى ايناس وزياد الذين جاءا من العاصمة للاحتفال مع عائلاتهم بحدث سعيد، سيتجلى في الإعلان عن بشائر حمل، حيث سيتم الإفصاح عن ذلك خلال السهرة.

Ramadan in Tunesien 2012
تزداد الحركة التجارية خلال شهر رمضان بشكل قويصورة من: ben Belgacem / DW

على شاطئ البحر، لم يحدثنا أحد عن موضوع الجهر بالإفطار ولم نشاهد أي مظهر من مظاهر الإفطار العلني، فلم تكن هناك إثارة لموضوع الإفطار في رمضان في هذه السنة. وشرح طارق بلحاج محمد، الخبير في علم الاجتماع في لقاء مع DW عدم الاهتمام بهذا الموضوع قائلا: "إنها من المسائل التي لم تكن تثير جدلا في تونس على مدى عقود باعتبارها نوعا من الحرية الشخصية، وفقط بعد الثورة أصبحت حاضرة بشدة في النقاشات العامة والخاصة وكأنه موضوع مصيري."

وعن خلفية ذلك يضيف الخبير قائلا: "حدث هذا بالتوازي مع موجات العفو التشريعي بعد عودة نشاط ما يسمى بالإسلام السياسي على الساحة الاجتماعية والسياسية، وهو خطاب ينطلق من أنه الضامن والحامي للمقدسات الدينية بما في ذلك الصيام."

وعبر بلحاج محمد عن اعتقاده أن الناشطين السياسيين داخل التيار الإسلامي عملوا على توظيف هذا الموضوع لأغراض معينة، " بهدف التحريض على رفض الخصوم وبث الفرقة بين أطياف المجتمع".

ويعتبر كثيرون أن خروج التيار الإسلامي من الحكم ساهم في الحد من الجدل في موضوعي الهوية والتدين. كما يشرح طارق بلحاج محمد أن " خروج النهضة من الحكم هذه السنة، وملاحقة أنصار الشريعة أمنيا أعاد لهذا الموضوع حجمه الحقيقي ليشكل جزءا من الحرية الشخصية بعيدا عن المزايدات والتشنج".

من جهته يرى الشيخ البدري بن منور المدني، في تصريح لـDW أن "الصوم والإفطار متعلقات شخصية لا يجب أن تدخل تحت لعبة سياسة قذرة" مضيفا أن إثارة الجدل حولها لا يعدو أن يكون أكثر من "توظيف سياسي" محض.

وإن كان التوظيف السياسي لمسائل التدين والمقدسات والهوية قد طغى على الجدل الدائر في تونس خلال السنوات الماضية، فإن اعتماد دستور توافقي، ساهمت في إعداده تيارات سياسية ، انطلاقا من الحرية الشخصية وحرية الضمير سيعمل على إنهاء الأخذ والرد في عدد من المسائل القائمة بما في موضوع الصيام ولإفطار.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد