1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شبح القتل يطارد نساء العراق.. متى ينتهى مسلسل سفك الدماء؟

٢ أكتوبر ٢٠١٨

توالت حوادث مقتل ناشطات عراقيات وموت أخريات في ظروف غامضة كانت آخرهن عارضة الأزياء تارة فارس، ما يثير مخاوف واسعة في ظل عدم استقرار أمني كبير. فمن يحمي نساء العراق من المسدسات الكاتمة؟

https://p.dw.com/p/35sTM
Irak Basra - irakische Frau mit verdecktem Gesicht
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. Al-Jurani

أربع نساء لا تجمعهم صلة أو معرفة مقربة، لا ينتمين لأحزاب سياسية ولا حتى جماعات متمردة ولا مسؤولين سياسيين، لكن ما يجمعهن هو أنهن شخصيات بارزة ومعروفة في العراق، آخرهن عارضة الأزياء ووصيفة ملكة جمال العراق السابقة تارة فارس. وكانت فارس قد توفيت عقب استهدافها بثلاث طلقات نارية، أثناء تواجدها بسيارتها وسط العاصمة بغداد. وقد أثار اغتيال فارس جدلاً فاق الجدل الذي كانت تثيره صورها الجريئة.

جاء مقتل الفارس، 22 عاماً، بعد مقتل سعاد العلي، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة في مدينة البصرة الجنوبية. كما توفيت رشا الحسن وراففي الياسري في ظروف غامضة، واللاتي يعملن في مراكز للتجميل. ويفصل بين ارتكاب تلك الجرائم الوحشية فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الأسابيع، وأحيانا أياماً معدودة. ونتيجة لعدم تقديم الجهات المسؤولة أي توضيح بشأن تلك الجرائم أو إلقاء القبض على المتهمين، ازدادت المخاوف بين العراقيات خشية التعرض للمصير نفسه، خاصة بين الناشطات والشخصيات العامة البارزة.

وكان لهؤلاء الأربعة حضور عام وصوت كان يقابله أصوات أخرى رافضة في المجتمع العراقي، والتي ظلت مصرة على آرائها المتحفظة حول كيفية تصرف النساء، حتى مع تسلل الحريات النسبية إلى ثقافة لا تزال محافظة.

وبالنسبة للعديد من العراقيات، فإن إظهار السيدات لنشاطاتهن وصورهن في عراق ما بعد الحرب يعتبر تصرفاً جريئاً وربما متهوراً في بعض الأحيان. وكانت فارس أماً مطلقة تزوجت في السادسة عشرة من عمرها. وقد عرفت بصورها التي انشرتها على منصات التواصل الاجتماعي، والتي ظهرت فيها بالتنانير القصيرة والمكياج الصارخ.

وحظيت فارس بشعبية كبيرة ومتابعين على فيسبوك وتويتر ويوتيوب، ووصل عددهم إلى 2.7 مليون متابع على انستغرام. وفي المقابل تعرضت أيضاً للكثير من السباب والهجوم من متابعين آخرين.

ووسط الجدل الواسع الذي خلفه مقتل فارس، علق كثير من رواد صفحات التواصل الاجتماعي مقتل النساء ووفاتهن في ظروف غامضة، معتبرين أنها استهدافاً سياسياً منهجياً لبنية المجتمع. بينما يرى آخرون أنها قمع لحرية المرأة، وقتلها بذريعة الدفاع عن الشرف، كما يحدث في بعض الدول العربية ومحاولة الحفاظ على الأعراف والتقاليد.

وفي نفس السياق، تلقت ملكة جمال العراق للعام 2015، شيماء قاسم رسائل تهديد بالقتل جاءت فيها عبارة "جاي لك الدور". وذلك حسب فيديو مصور تداوله النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويأتي الفيديو بعد أيام فقط من اغتيال فارس والتي كانت وصيفة قاسم في مسابقة ملكة جمال العراق قبل ثلاثة أعوام.

وفي مقطع مصور، قالت شيماء وهي تبكي زميلتها، إنها تلقت رسائل تهديد بالقتل، متسائلة "هل ذنبنا أننا خرجنا على الإعلام وأصبحنا مشهورين أن يتم ذبحنا مثل الدجاج"؟

كما استهجنت شيماء من يصفها أو يصف النساء المشهورات إعلامياً في العراق بأنهن "عاهرات". واعتبرت أن العارضة تارة فارس وخبيرتي التجميل رفيف الياسري ورشا الحسن بأنهن شهيدات "غصباً عمّن يرضى ومن لا يرضى".

وتعليقاً على تلك الواقعة، أكدت أليسون بارجتير، خبيرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حوار مع DW عربية: "إن وجهة النظر تجاه قتل هؤلاء النساء مختلطة. في حين أن العديد من العراقيين يشعرون بالفزع والرعب من الهجمات، لا يشعر البعض الآخر بالقلق الشديد، حيث يعتقد البعض أن هؤلاء النساء يستحققن ما حدث لهن بشكل أو بأخر وذلك لتجاوزهن المعايير الإجتماعية".

ومن غير المحتمل أن يكون لهذه الوفيات أي تأثير حقيقي على الطريقة التي تعامل بها النساء أو يُنظر إليهن في العراق، كما ترى بارجتير. وعن اهتمام الحكومة الجديدة بتلك القضية، توضح بارجتير بالقول إن "الحكومة الجديدة التي ستُشكل حتمًا من أفراد هم جزء من الأحزاب الإسلامية المحافظة أو مرتبطة بها، فلن تجعل من هذه القضية أولوية". وتضيف بارجتير أنه حتى داخل الطبقة السياسية "فهناك عناصر قد لا تشيد بعمليات القتل، لكن ما زالوا يعتبرون النساء مسؤولات عن موتهن بتحديهن للأعراف والتقاليد المجتمعية" وخلصت بارجتير إلى أنه على الرغم من الضجة الحالية، "فمن المرجح أن يتم تجاهل عمليات القتل هذه من قبل الدولة، ومن غير المحتمل تقديم القتلة إلى العدالة".

 قمع أصوات الحقوقيين

من جانبه يقول الطبيب العراقي جمال عبد الله صالح الحيالي إن الأوضاع اختلفت في العراق خاصة بعد أحداث البصرة التي طالب فيها العراقيون بتحسين الخدمات العامة في البلاد. وأوضح الحيالي في حوار مع DW عربية أنه لهذا السبب: "ارتفعت الأصوات وخاصة أصوات المدافعين عن الحقوق"، موضحاً أن "تلك الأصوات لاقت العديد من محاولات التصدي والقمع بكافة الوسائل من قبل الميليشيات الموالية للأحزاب الدينية الإسلامية.. وبلغت ذروتها بعد حرق قنصلية إيران في البصرة".

واستطرد الحيالي قائلاً: "من الأصوات التي كانت تخيف تلك الميليشيات هو صوت الناشطة سعاد العلي، والتي تم اغتياليها في وضح النهار. واستمر مسلسل الاغتيالات للعنصر النسوي في بغداد والتركيز على الناشطات والمتميزات في المجتمع المدني بحجة امتلاكهن لصالونات التجميل والمساج".

"ضعف أمنى وغياب للعدالة"

وعن أوضاع النساء في العراق، أكدت هناء إدوار، رئيسة منظمة "الأمل" العراقية غير الحكومية للدفاع عن حقوق النساء، أن هذا الوضع لا يعني "سوى ضعف الأجهزة الأمنية وغياب العدالة". وأضافت في تصريح لوكالة فرانس برس أن "الجماعات المسلحة والعشائر وعصابات الجريمة المنظمة، تسيطر على الكثير من المواقع" حتى في داخل السلطة والقوات الأمنية، موضحة أن ما يجري هو "رسالة تهديد ككل، للناشطات، والمجتمع بصورة عامة".

وأجبر هذا الوضع المستجد بعض النساء على التخفيف من أنشتطهن، على غرار صفاء ناصر، وهو اسم مستعار لمصممة أزياء عراقية. وقالت ناصر في تصريح لوكالة فرانس برس "هذه الأيام ابتعدت عن الوسط، لدي عائلة وبنات، أخاف على نفسي وعليهن، لذا قللت نشاطي". ودعت ناصر القوات الأمنية إلى "كشف ما يجري"، معتبرة "أنها شبكة منظمة وعملية كبيرة، جميع الفتيات اللواتي أعرفهن خائفات أن يأتيهن الدور".

سارة إبراهيم